رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف تستفيد إسرائيل من تداعيات انفجار بيروت؟

انفجار بيروت
انفجار بيروت

كانت التقديرات السائدة لدى أجهزة الاستخبارات في إسرائيل حتى وقوع الانفجار في مرفأ بيروت تشير إلى أن حزب الله سيقوم بتنفيذ عملية رد أُخرى ضد الجيش الإسرائيلي، وأن الحساب لا يزال مفتوحاً، لكن أصداء الانفجار غيرت هذه التقديرات. والآن يبدو أن أي عملية عسكرية لحزب الله تؤدي إلى تصعيد فى مقابل إسرائيل هو أمر مستبعد.

تدل تجربة الماضي على أنه عندما يواجه حزب الله ضائقة كبرى داخل لبنان، فإنه يحاول التحرّر من الضغط الذي يُوجّه إليه بواسطة الاحتكاك بإسرائيل. ويبدو هذا الاحتمال هذه المرة غير منطقي، لكن الواقع في الشرق الأوسط لديه قواعد خاصة به لا يمكن للإسرائيليين التكهن بها.

حسب التقديرات، فإن حزب الله سيحرص على أن يثبت أنه "درع لبنان"، وسيستخدم كل القدرات الطبية والتنظيمية لديه، والتي راكمها لمواجهة حرب مع إسرائيل، لتقديم مساعدة فورية طبية لوجستية وحتى اقتصادية للمصابين، في وضع كهذا سيكون هناك استنتاج هذا ليس هو الوقت لصدام مع إسرائيل من خلال عملية انتقامية أعد لها ردًا على مقتل أحد ناشطيه في سوريا، بهجمات منسوبة لإسرائيل.

من ناحية أخرى، فإن الانفجار الكبير من المحتمل أن يسهم في تحسين الوضع الاقتصادي الصعب في لبنان، لأن البنك الدولي ودولاً أجنبية وعلى رأسها فرنسا تعهدت بتقديم المساعدة له، بعد أن كانوا يمتنعون بسبب العقوبات الأمريكية، ولكن بعد الكارثة ستوافق الدول المانحة بقيادة فرنسا على المساعدة التي طلبها لبنان.

الأمريكيون الذين عارضوا المساعدات إلى لبنان سابقاً، من المرجح أنهم سيتراجعون، ومن المرجح أيضاً أن ينشأ وضع يختار لبنان فيه التقرب من الغرب والانفصال عن إيران، بيد أن حزب الله لن يستطيع رفض المساعدة الغربية.

أما عن استفادة إسرائيل، فمن المحتمل أن تربط هذه الدول مساعداتها بكبح قوة حزب الله، ونزع أسلحته، وهو ما يعد استفادة حقيقية لإسرائيل التي سعت خلال السنوات الأخيرة لمنع وصول الأسلحة الدقيقة لحزب الله من سوريا.

الوضع المريح السابق لإسرائيل، يمكن أن يتخلله بعض الثغرات، فالعمليتان الأخيرتان- حوادث التسلل- على الحدود الشمالية، كما يبدو تحذر ببدء مرحلة جديدة، يتحرك فيها حزب الله وإيران بشكل أكثر قوة نحو إسرائيل التي اعتادت أن تهاجم أهدافًا إيرانية في سوريا من دون أن تدفع أي ثمن لذلك.

فحتى لو حزب الله غير معني الآن بالتصعيد مع إسرائيل، لكن حسن نصر الله كما يبدو أنه بعد أن تخمد تداعيات الانفجار في مرفأ بيروت، ربما قد يبدأ الاحتكاك في مواجهة إسرائيل من حدود لبنان وسوريا، مستغلاً التوتر داخل الحكومة الإسرائيلية.