رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

100 عام مع «الشيوخ»: تاريخ نيابى حافل فى العمل السياسى المصرى

مجلس الشيوخ
مجلس الشيوخ

انطلقت، الثلاثاء، انتخابات مجلس الشيوخ 2020 على مدار يومين 11 و12 أغسطس، حيث يحق لـ63 مليون ناخب مصري مقيد في قاعدة البيانات التصويت في الاستحقاق النيابي، تم توزيعهم على 14 ألفًا و92 لجنة فرعية بإشراف قضائي كامل بمشاركة 18 ألف قاض (أساسي واحتياطي)، ومعاونة 120 ألف موظف على أن تعلن النتيجة النهائية للجولة الأولى من انتخابات مجلس الشيوخ 16 أغسطس.

وانتهى تصويت المصريين بالخارج عبر البريد في 124 دولة، في التاسعة من مساء الإثنين وفق التوقيت المحلى لكل دولة والتي جرت يومي 9 و10 أغسطس.

ويعد تاريخ مجلس الشيوخ فى مصر من أقدم المجالس النيابية فى النظام النيابي البرلماني؛ والذي شهد العديد من المحطات السياسية والاجتماعية، ومن حيث مستوى تنظيمه وآليات المشاركة فيه، ونظامه الانتخابي وهو تاريخ يقارب القرن من الزمن؛ نستعرضه في السطور التالية:

• ثلاثة أخماس أعضائه منتخبين في دستور 1923

عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى اندلعت الثورة المصرية في 1919 مطالبة بالحرية والاستقلال لمصر، وإقامة حياة نيابية وديمقراطية كاملة.

وأسفرت هذه الثورة عن صدور تصريح 28 فبراير 1922 الذى اعترف بمصر دولة مستقلة ذات سيادة (مع وجود تحفظات أربعة)، كما تضمن إنهاء الحماية البريطانية على مصر.

واستنادًا إلى هذا الواقع الجديد، تم وضع دستور جديد للبلاد صدر فى أبريل عام 1923، ووضعته لجنة مكونة من ثلاثين عضوًا، ضمت ممثلين للأحزاب السياسية والزعامات الشعبية وقادة الحركة الوطنية.

وأخذ دستور 1923 بالنظام النيابي البرلماني القائم على أساس الفصل والتعاون بين السلطات، ونُظمت العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، على أساس مبدأ الرقابة والتوازن، فجعل الوزارة مسؤولة أمام البرلمان الذى يملك حق طرح الثقة فيها، بينما جعل من حق الملك حل البرلمان ودعوته إلى الانعقاد، لكنه أعطى للبرلمان حق الاجتماع بحكم الدستور إذا لم يُدع فى الموعد المحدد.

كما أخذ دستور 1923 بنظام المجلسين: الشيوخ والنواب، وبالنسبة لمجلس النواب نص الدستور على أن جميع أعضائه منتخبون، ومدة عضوية المجلس خمس سنوات.

أما مجلس الشيوخ فكان 3 أخماس أعضائه منتخبين، وكان الخمسان معينين، وأخذ الدستور بمبدأ المساواة فى الاختصاص بين المجلسين كأصل عام مع بعض الاستثناءات.

وتزايد عدد أعضاء المجلسين من فترة لأخرى، حيث كان «الدستور» يأخذ بمبدأ تحديد عدد أعضاء المجلسين بنسبة معينة من عدد السكان، فكان أعضاء مجلس النواب فى ظل دستور سنة 1923 هو 214 عضوًا واستمر كذلك من عام 1924 إلى 1930، ثم زاد إلى 235 عضوًا، ثم نقص العدد فى ظل دستور سنة 1930 الذى استمر العمل به من 1931 ـ 1934 إلى 150 عضوًا، ثم زاد العدد مرة أخرى فى ظل عودة دستور 1923 الذى استمر العمل به من 1936 ـ 1952 ليصبح 232 عضوًا من 1936 إلى 1938، ثم أصبح العدد 264 عضوًا من 1938 إلى 1949، ثم زاد بعد ذلك في 1950 إلى 319 عضوا وظل كذلك حتى قيام ثورة يوليو فى عام 1952.

كان البرلمان الذي نص عليه الدستور المصرى الصادر 1923 خطوة متقدمة في طريق الحياة البرلمانية والنيابية في مصر، إلا أن الممارسة على أرض الواقع جاءت مشوبة بالعديد من السلبيات، فتراوحت الحياة السياسية خلال الفترة من 1923 ـ 1952 ما بين فترات مد ديمقراطى وشعبى محدودة، وفترات انحسار نجمت عن تدخل من سلطات الاحتلال والقصر شغلت معظم هذه الفترة، الأمر الذى أسفر عن حل البرلمان نحو عشر مرات. فوق ذلك شهد عام 1930 صدور دستور جديد للبلاد، استمر العمل به لمدة خمس سنوات كانت بمثابة نكسة للحياة الديمقراطية إلى أن عادت البلاد مرة أخرى إلى دستور عام 1923 وذلك في عام 1935.

وهكذا تردت الأوضاع الدستورية؛ لأسباب داخلية وخارجية لتصل إلى الحالة التى كانت عليها البلاد قبيل ثورة 1952 التي اتصفت بقدر كبير من عدم الاستقرار السياسي والحكومي لدرجة أن مصر تعاقب عليها 40 وزارة، وتعديل وزاري، خلال الفترة من 1923 ـ 1952.

•• السادات وراء عودة مجلس الشورى 1979

نشأ مجلس الشورى المصري، في عام 1979، بحسب ما قاله رئيس مجلس الشعب الأسبق الدكتور صوفي أبو طالب، لمجلة "أكتوبر" المصرية.

وذكرت المجلة على لسان أبوطالب، أن الرئيس أنور السادات تحدث معه حول رغبته بإيجاد مجلس آخر بجوار مجلس الشعب في هذا التوقيت لمجرد إبداء الرأي والاستشارة دون أن يكون له دور رقابي ولا تشريعي، ويكون بديلا للاتحاد الاشتراكي الذي كان قائما في ظل حكم الرئيس المصري السابق، جمال عبدالناصر، على أن يضم كل القيادات، سواء كانت معارضة أم حزبية وطنية.

وتمت إجراءات تعديل الدستور المصري لاستحداث مجلس الشورى بموافقة الشعب على التعديل، في استفتاء 22 مايو 1980، ثم صدر القانون رقم 120 لسنة 1980 بشأن مجلس الشورى، وضم المجلس 270 عضوا، جرى انتخاب ثلثيهم، وقام رئيس الجمهورية بتعيين الثلث الأخير (90 عضوا).

واتخذ مجلس الشورى الملغى، مقره بشارع القصر العيني بوسط القاهرة، وعلى مسافة نحو 200 متر فقط من ميدان التحرير الشهير. ويقع المقر بأحد القصور التاريخية، ويرجع تاريخ بناء القصر المكون من ثلاثة طوابق إلى عام 1866 في عهد الخديوي إسماعيل، وكان القصر ذاته مقرا لـ"مجلس الشيوخ"، الذي كان ناشئا في ظل دستور 1923، الذي ظل ساريا حتى قيام ثورة يوليو 1952.

••• حل مجلس الشورى في 30 يونيو 2013

وبعد 30 يونيو 2013، تمّ حل مجلس الشورى وبقيت مصر بغرفة تشريعية واحدة هى مجلس النواب، إلى أن تم إقرار قانونه مؤخرا وتقرر إجراء الانتخابات في أغسطس والتي تسمح بانتخاب ثلثي أعضائه، لتعود مصر مجدّدًا بغرفتي تشريع "النواب والشيوخ".