رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أين تذهب أموال الجريمة؟.. نيكولاس شاكسون يجيب

نيكولاس شاكسون يجيب
نيكولاس شاكسون يجيب

يعرف الصحفي البريطاني نيكولاس شاكسون٬ في كتابه " هربت ولن تعود.. مافيا إخفاء الأموال المنهوبة" والصادر عن مشروع مكتبة الأسرة٬ وترجمته الدكتورة في فاطمة نصر، مصطلح٬ الأوف شور offshore بأنه تعبير يطلق علي بعض الجزر القريبة من الداخل مثل جزر الكايمان وجرسي وألبهاما وغيرها والتي كانت جزءا من مستعمرات سابقة. ورغم أنها تتمتع في غالبيتها باستقلال ظاهري عن البلد الأم إلا أنها مرتبطة عن كثب بالعواصم المالية والسياسية الكبري.

ويتابع "نيكولاس": تعتبر هذه الأماكن ملاذات آمنة لإيداع أموال الكبار وأموال الجريمة والأموال المنهوبة٬ فهى تضمن سرية المودعين ولا تخضع أموالهم لضرائب٬ لكن تلك الملاذات ليست مقصورة علي الجزر٬ بل موجودة في قلب العواصم الكبري.

لم يرد اسم الجابون علي قائمة منشورة للملاذات الضريبية٬ علي الرغم من أنها توفر تسهيلات سرية فاسدة للنخب من غير المقيمين بها٬ وهذا أحد الملامح الكلاسيكية لتلك الملاذات.

هذه الشركات لا تؤسس من أجل ما يمكن أن نطلق عليه المحاسبة الخلاقة من خلال تقليص الضرائب التي تدفعها الشركات؛ فيعمد المحاسبون إلى التلاعب في حسابات الشركة بطرق محاسباتية من أجل تخفيف العبء الضريبي على الشركة وهذا الأمر شائع في مختلف الدول على مستوى الشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، وهو يختلف عن التهرب الضريبي لو أردنا التمييز بينهما، فالتهرب الضريبي هو  مخالفة قوانين الضرائب بشكل مباشر والتملص من دفع الضرائب بشكل شبه كامل، وهذا العمل تصل عقوبته لحد السجن في كثير من البلدان.

كان كل شىء مرتبطا من خلال الملاذات الآمنة نمطيا٬ اعترفت إيفا جولي بأنها لم تتمكن أبدا سوي من رؤية أجزاء من الصورة الكلية٬ قالت وهي تتحدث عن السياسات الفرنسية وسياسات عالم الأوف شور:"كانت خيوط الأدلة التي لا تحصي تفقد في الرمال المتحركة للملاذات الأمنة٬ كانتيجة تتم حماية الحسابات الشخصية للملوك والرؤساء المنتخبين٬ والحكام المستبدين من فضول المحققين القضائيين.

أدركت أنني لم أعد في مواجهة شيء هامشي٬ بل نظام متكامل. لا أري هذا فقط بصفته إجراما مروعا متعدد الأوجه يحاصر حصوننا بالداخل٬ بل أراه نظاما راسخا للسلطة٬ يحظي بالاحترام٬ نظاما تقبل هذا الفساد الكلي المهيب كجزء طبيعي من معاملاته اليومية.

ويستطرد: في نادي هارفارد بدأت أري مدي ارتباط التكلفة البشرية البشعة للفقر وعدم المساواة في إفريقيا بعالم القواعد المحاسبية والإعفاءات الضريبية.

تشترك كوارث إفريقيا الطبيعية أو الحتمية المفترضة في شيء واحد٬ وهو حركة الأموال خارج إفريقيا وإلي أوروبا والولايات المتحدة٬ بمساعدة الملاذات الآمنة والجيوش الجرارة من المصرفيين والمحاميين والمحاسبين٬ لكن ليس ثمة من كان يريد أن ينظر خارج نطاق إفريقيا إلي النظام الذي جعل هذا ممكنا. إذا فكرنا في هروب رأس المال ذاته نجد أنه يلقي المسئولية علي البلد الذي يفقد الأموال٬ بيد أن كل هروب لرأس المال من إفريقيا لابد وأن يكون له ما يناظره من تدفق للأموال في مكان ما.

يربط نظام الأوف شور ليبرفيل وباريس٬ لوندا وموسكو٬ قبرص ولندن٬ مكسيكو سيتي وجزر الكايمان٬ واشنطن والرياض، كما يربط عالم الجريمة السري بالنخب المالية والمؤسسات الإستخباراتية٬ والدبلوماسية بالشركات متعددة الجنسية٬ ويحفز الصراعات ويشكل مدركاتنا ويخلق عالم عدم الاستقرار المالي٬ ويسلم جوائز مذهلة للكبار٬ فهو الكيفية التي يعمل وفقها عالم القوة والسلطة الأن.