رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«مبيض النحاس والصرماتي».. بعيون الفيزيائي الفرنسى لويس مالوس

مبيض النحاس
مبيض النحاس

على مدار تاريخها ظلت مصر قبلة للرحالة والمستشرقين الغربيين٬ بعضهم وقع في أسر سحرها وظل ما بقي من حياته بين رحابها٬ وآخر شغفه حبها فخلده في كتاباته التي بقيت رغم الزمن سجلًا لأيام مضت من عمر المحروسة وشعبها.

في كتابه "انطباعات عن مصر" للرحالة الفرنسي لويس مالوس٬ الصادر عن هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة٬ ونقله للعربية د. رشيد برهون٬ يرصد المستشرق حيوية القاهرة، المدينة الساهرة الآمنة علي الدوام٬ وأن أسواقها عامرة زاخرة بكل السلع من كل الأصناف والألوان.

يقول "مالوس": ما أغرب هذه الحارات٬ تتكدس السلع من كل الأنواع في حوانيت ضيقة٬ يتكوم وسطها البائع لا تظهر منه إلا العمامة أو الطربوش، شبيهة بسوق دائمة يؤمها سكان القاهرة للتسوق٬ ليجدوا هناك كل ما يحتاجون إليه٬ وفيه تتراص المعروضات المتنافرة٬ وتتابع علي امتداد تلك السلسلة الطويلة من الدكاكين الصغيرة المنعطفة أيضًا مع تعرجات الحارات.

هكذا تتجاور أكوام من السجاد مع جبال من الفطائر٬ وتتعالي طوابير الطرابيش مثل مسلات بجانب مجموعة ضخمة من الجرار الطينية٬ وتتواجه حزم الموز مع صفوف من البلغي الحمراء المرتبة فوق رفوف٬ وتلمع القدور النحاسية تحت أشعة الشمس لتصطف بعدها أثواب من الحرير والقطيفة٬ والأثواب المطرزة القادمة من الشرق٬ والأوشحة البيضاء أو الزرقاء٬ تتبعها أكياس الحبوب وأكوام القطن٬ وسلال الرمان والزيتون الأسود أو البرتقال الأخضر٬ وتري الخياطين المكومين وسط قطع الثوب منهمكين في عملهم٬ وبمحاذاتهم الحدادون يطوفون علي السندان٬ والمبيضون بالقصدير يكورون بين أيديهم أحواضًا نحاسية ضخمة٬ والنجارون يفتنون في الاشتغال علي الخشب٬ وهناك النقاشون يصقلون صينيات معدنية ضخمة متبعين الرسوم المحفورة سلفًا٬ والحائكات يغزلن الأقمشة الكتانية بمغازل طويلة٬ بينما يمرر الحائكون القطن تحت إبهام القدم ويسحبونه بأصابعهم.