رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد 23 يومًا على غريق «النخيل».. تفاصيل رحلة البحث عن «شادى» (فيديو)

رحلة البحث عن شادي
رحلة البحث عن شادي

لم تبتعد نظراتهم عن البحر طوال 23 يومًا، فهو الذي ابتلع أعز الأحباب، عيون حائرة، وصرخات مكتومة، وبكاء ونحيب على فقدان ثلاثة من الأسرة، ولكن بات الحزن منحصرًا في العثور على جثمان أحد أبنائهم وأصبحت الأماني هى اللقاء الأخير، وإيصاله إلى مثواه ليدفن بجوار الأحبة التي فقدتهم العائلة.

على الرغم من انتشال جثمان بشاطئ النخيل بمنطقة 6 أكتوبر بحى العجمي منذ 10 أيام، لم يتم التعرف عليه، فمن المتوقع أن يكون لشادي، إلا أن قلب والده يأبى أن يتقبل هذا، وأن يكون ذلك نجله الصغير، ولكنه استمع إلى نداء العقل، واستجاب لإجراء تحليل الـDNA، والذي لم تعلن نتائجه حتى الآن، ولكنه لم يبرح مكانه أمام مياه البحر حتى يحمل نجله بين يديه.

وقال الكابتن إيهاب المالحي، قائد الغواصين المتطوعين، إنه بناءً على طلب والد شادي، يتم تجميع الغواصين المتطوعين بشاطئ النخيل اليوم، إنه إلى الآن لا يوجد إعلان رسمى عن نتيجة تحليل الـDNA لإثبات هل الجثمان لشادي فريق النخيل أم لا.

وأضاف لـ«الدستور» أنه بسبب تأخر نتائج تحليل الـDNA، طالب الحاج عبد الله باستكمال البحث أو التواجد حتى ظهور نتيجة عينة الحمض النووي، بالإيجاب أو السلب، حتى يتم التعامل مع تلك الحالة إما بدفن الجثمان أو العودة إلى محاولات البحث، حيث إنه من المحتمل إعادة البحث مرة أخرى بعد انتهاء عطلة عيد الأضحى إذا لم تثبت نتيجة التحليل.

وترصد ''الدستور'' تفاصيل الـ23 يومًا لرحلة البحث عن '' شادي'' غريق شاطئ النخيل:

•البداية
ترجع تفاصيل القصة، أنه في فجر يوم الجمعة 10 يوليو الماضى استيقظت محافظة الإسكندرية، على مأساة غرق 11 شخصًا بشاطئ النخيل، بعد أن تسللوا إلى مياه البحر، وفي محاولة لإنقاذ طفل استغاث من الغرق، ابتلعهم البحر واحدًا تلو الآخر، لتكون الفاجعة هى عدم انتشال جميع الجثامين، ليتبقى جثمانان ليظهر أحدهما في اليوم الثالث من الحادث، ويتبقى الجثمان الأخير للشاب "شادي" صاحب الـ17 عامًا، والذي فقدت أسرته ثلاثة من أبنائها، شقيقه "عثمان"، ونجل خالهم عمرو المنسي.
• صرخات وبكاء
عيون تزرف الدموع وصرخات ونحيب ممزوجة ببعض الكلمات القليلة «عاوزة أعرف مكانه.. برد نار قلبي يارب» هذا هو حال والدة شادي، والتي لم تبرح مكانها أمام الشاطئ تناجي الخالق أن يريح قلبها لتدفن نجلها، في حين أراد الحاج عبدالله زغمار والد شادي البحث عن ابنه بنفسه، لينزل إلى المياه في حماية الغواصين مرات متعددة، لينزل الله عليه الصبر والسكينة وتقبل جميع محاولات البحث التي استمرت على مدار 13 يومًا متواصلة.

• فرق البحث
حشد اللواء محمد الشريف من الحادث قوات الإنقاذ النهري والبحرية المصرية للبحث عن جثمان الشاب المفقود داخل شاطئ النخيل، حيث توجه المحافظ إلى أسرة شادي لطمانتهم بأن محاولات البحث لن تتوقف حتى يتم العثور على الجثمان ليريح قلب والديه، كما اجتمع العشرات من غواصو الخير للبحث عن غريق النخيل، لتبرز لنا تلك الحالة معادن نفيسة في كل منهما، حيث اتجهوا منذ اليوم الأول فريق الغواصين المتطوعين بقيادة الكابتن إيهاب المالحي للبحث عن الغريق، لينضم إليهم مجموعات كبيرة من غواصو الخير من عدة محافظات مثل مطروح، والقاهرة، ودمنهور، ودهب، وشرم الشيخ، حيث لم يكن الأمر جديد عليهم في العمل الخيري، بل أظهرت حالة جثمان شادي تضافر جميع الجهود.

• رحلة البحث
قال الدكتور رأفت حمزة أستاذ مساعد بقسم الرياضات المائية بجامعة الإسكندرية، وأحد الغواصين المتطوعين، إنه اجتمع رأي الغواصين بعد محاولات البحث المتكررة عن جثمان غريق النخيل، أن الجثمان لا يتواجد في مياه البحر، حيث تم وضع عدة خطط، بداية من البحث في البرك القريبة من الحواجز، ثم البحث في الحواجز الصخرية من الجهة القبلية وتسلق الصخور، ولم يتمكن الغواصون بالبحث بالجزء المقابل للبحر والذي بسبب حدة الأمواج التي تؤدي إلى ارتطام الغواصين بالصخور هو من يجعل عملية البحث صعبة في تلك الجهة، ليتم تغيير الخطة بالبحث عن طريق الروائح التي يمكن أن تنبعث من الجثمان.

وأضاف لـ«الدستور» أن حالة البحر المتغيرة كان العامل الأساسي في معوقات البحث عن الجثمان، وذلك بسبب الأمواج مرتفعة، والتيارات المائية شديدة جدًا، وهناك تيار سحب قوي للغاية، خاصة في شواطئ غرب الإسكندرية، بالإضافة إلى أن درجة شفافية المياه ليست جيدة، وأن تكون صافية دون «عكر» فتسهل عملية البحث عن الجثمان، لافتا إلى أن الغواصين يدخلون بين الصخور الخرسانية والحواجز بالغوص الحر بالنفس الطبيعي، دون أسطوانات، ولكن الغرف الموجودة أسفل "الدوالس" أكثرها تكون مظلمة، ولا يصلها ضوء الشمس، ويغطس الفرد على الإضاءة الصناعية.
•البحر يقذف «جثمان»
في صباح يوم 22 من يوليو الماضى، بعد تأجيل عملية البحث عن الجثمان لعدم استقرار أحوال البحر، تفاجأ الجميع بقذف البحر جثمانًا على الشاطئ بعد محولات بحث استمرت 13 يومًا.

وقال محمد عوض، كبير الغواصين المتطوعين لـ«الدستور»، إنه  بسبب تعرض البحر خلال هذه الأيام لرياح عالية وتيارات مائية شديدة، تصعب عملية البحث، تم تأجيل البحث لعدة أيام، موضحًا أنه تم الاتفاق على وجود مجموعة من الغواصين على الشاطئ لمتابعة حالة البحر، ورصد أي شيء جديد، حيث يمكن ظهور الجثمان بسبب التيارات المائية الشديدة والأمواج العالية، مشيرًا إلى أن البحر أخرج جثمانصا للشاطئ في نفس اليوم الذي توقف فيه البحث.

وأضاف المهندس وائل توفيق، الغواص منتشل جثة شاطئ النخيل، إنه تم العثور على جثة، ولكنها في حالة لا تسمح بالتعرف على هوية صاحبها، بسبب بعض التغيرات الناتجة عن البقاء في البحر لفترة طويلة والاصطدام بالصخور.

وأوضح لـ« الدستور» أنه شاهد الجثة عندما ظهرت على سطح الماء بالقرب من الشاطئ في الثانية عشرة ظهرًا، في اتجاه الحاجز الأول، مشيرًا إلى أنه انتشل الجثمان بمساعدة والد الشاب، ولفت إلى أن تحليل الـDNA هو الفيصل في تحديد إذا كانت الجثة للشاب "شادي" أم لشاب آخر.
•تحليل الـDNA للتعرف على الجثمان
أوضح الدكتور رأفت حمزة، أن الحالة التي خرج عليها جثمان شاطئ النخيل، حيث رجح رأي الغواصين أن الجثمان هو للشاب شادي، وذلك بسبب عدة عوامل، منها عدم وجود بلاغات تغيب أو غرق أخرى.

وأضاف أن الفترة التي مكثها الغريق تحت المياه يمكن أن تجعل الجثمان يصل لتلك الحالة بسبب التلاطم بين الصخور مع شدة التيارات المائية بهذه المنطقة، ولكن على الجانب الآخر لم يتقبل والد شادي أن الجثمان لنجله، لتصدر النيابة قرارًا بإجراء تحليل الـDNA لتحديد ثبوت الجثمان لشادي أم لا.
أخيرًا: بشأن ''البصمة الوراثية''
قررت نيابة العامرية أول بالإسكندرية، سرعة أخذ عينة ثانية من الجثة المنتشلة التي عُثر عليها بشاطئ النخيل في العجمي لبيان إن كانت لجثة شادي عبد الله من عدمه، وذلك بعد أن تلقت النيابة إخطارًا من المعامل المركزية بالقاهرة يفيد بتعذر التعرف على البصمة الوراثية «DNA» للجثة من خلال العينة الأولى.

وطلب الكابتن إيهاب المالحي، قائد غواصى الخير المتطوعين، من الجهات المعنية الانتهاء من نتيجة تحليل عينة DNA، مشيرًا إلى أن الجميع ينتظر الاطمئنان على نتيجة تحليل عينة DNA، والتي تخطت 10 أيام، حيث توجه والد شادي للشاطئ مرة أخرى في انتظار نتيجة تحليل الجثمان أو أن يخرج البحر جثمان نجله ليريح قلبه.