رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الطابور الخامس للمخابرات الأمريكية في أخبار اليوم

كتاب من الأرشيف السري
كتاب من الأرشيف السري

رغم مرور أكثر من أربعين عاما على إصداره، إلا أن كتاب "من الأرشيف السري للثقافة المصرية" للكاتب غالي شكري والصادر ضمن مشروع مكتبة الأسرة٬ يعد وثيقة مهمة وكاشفة للعلاقة المتراوحة بين المثقف والسلطة والتي تحكمها في أغلب الأوقات نظرية "ذهب المعز وسيفه".

سيفاجئ قارئ من الأرشيف السري للثقافة المصرية بمواقف متناقضة ومتلونة لأسماء لامعة ذاع صيتها في سماء الثقافة والسياسة والصحافة أمثال: محمد حسنين هيكل، إحسان عبدالقدوس٬ أنيس منصور٬ يوسف السباعي٬ صالح جودت٬ توفيق الحكيم٬ عباس محمود العقاد٬ الأخوين مصطفى وعلي أمين٬ حتى الشاعر العراقي محمد الجواهري وغيرهم. الكثيرين من الذين أماط شكري اللثام عن مواقفهم تجاه أنظمة الحكم المتعاقبة من الملكية مرورا بالناصرية وحتى انتهاءً بحكم السادات.

وكشف "شكري" الاختراق المبكر للوسط الثقافي المصري لكن هذه المرة عن طريق إحدى الجهات والتي لم يسميها حينما تلقفت "وجيه غالي" طالب الطب وعضو إحدى الحركات اليسارية وأغرته بالسفر إلى إسرائيل، حيث كتب عدد من التحقيقات نشرتها له جريدة "الصنداي تايمز" البريطانية بل ونشرت له روايته "بيرة في نادي البلياردو"من خلال سلسلة "بنجوين"عن التعذيب والسجون. انتحر بعدها بعامين تاركا رسالة بخط يده معترفا فيها "بخطيئة العمر".

ــ الطابور الخامس للمخابرات الأمريكية في أخبار اليوم
يؤكد غالي شكري في الفصل الذي تناول فيه شهادته حول الأخوين "مصطفى وعلي أمين أن أخبار اليوم تم تأسيسها بتمويل من المخابرات الأمريكية للتجسس لحسابها على مصر وباعتراف مصطفى أمين في التحقيقات التي انتهت بمحاكمته وإدانته عام 1959.. "ومن المؤكد أن الحقائب الأربع التي سربها مصطفى أمين ـ باعترافه ـ إلى شقيقة التوأم في لندن عن طريق السفارة الأمريكية في القاهرة، لم تكن تحتوي على رسائل غرامية.."وأنها صحافة نشرت الجهل والخرافات والسطحية فإنها تنشر "الثقافة الصحافة الخفيفة الظل والتي لخصها آل أمين في المثل الشائع "ليس خبرا أن يعض الكلب رجلا، وإنما الخبر أن يعض الرجل كلبا".

هكذا اخترعوا "ليلة القدر" كل سنة، حيث تصلهم عشرات الألوف من رسائل القراء الذين يطلبون من السماء شيئا في ليلة القدر، فيستجيب ملائكة الرحمة ـ مصطفى وعلى أمين طبعا ـ وينتشلون واحدا من المعذبين من الأرض ويرسلون إليه بالهدايا التي طلبها، أو هم يعمدون إلى اختيار مريض على عتبة القبر يحيطونه بكافة مظاهر الرعاية والحب والسعادة وكأنهم يرجونه أن يطلب ما يشتهي قبل الموت.

وأنهم على صعيد الفكر يشيعون فكرة "الحظ والقدر والمصادفة" وكان من أبرز الأسماء التي تلقفها الأخوين "أمين" أنيس منصور ودوره في تدمير وتشويه الوعي الاجتماعي وتحطيمه فكريا٬ وجعله يتشبث بالخرافات ويتمسك بالأفكار البالية: "وفي غمرة معاناة الوطن، في معاركه السياسية والفكرية ضد الاستعمار والرجعية المحلية، عاد أنيس منصور من رحلته إلى الهند ليكتب عام 1958 عن كيفية تحضير الأرواح في السلة، انتشر الوباء في مصر طولا وعرضا، كانت قراءة الكف والفنجان من العادات الشائعة ولو من قبيل التسلية، وكان تحضير الأرواح، كالتنويم المغناطيسي، يهمس به الناس ولا يكادون يصدقون، وانتهت البدعة وأقبلت هزيمة 1967 فاستوت المشاعر العنصرية فجأة على "الأخ" أنيس منصور وراح يهاجم الثورة واليهود من منطلق ديني بحت، لم يكن قبلها قد ناقش الصراع العربي الإسرائيلي بحرف، حتى حين تعرض الوطن لعدوان 1956 كان مشغولا بعرايا الحي اللاتيني.