رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الودود».. حنان يذيب الجمود والقسوة فى حياتك «١»


من أسماء الله الحسنى، اسم الله الودود، وهو من الأسماء التى تشعرك بالقرب الشديد من الله سبحانه وتعالى، وقد ورد مرتين فى القرآن الكريم، الأولى فى قول الله تبارك وتعالى «وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ» (البروج: ١٤ و١٥)، والثانية فى قول الله تبارك وتعالى «... إِنَّ رَبِّى رَحِيمٌ وَدُودٌ» (هود:٩٠).
ما معنى كلمة الود؟
كلمة الود تجدها فى أى مُعجم بمعنى الحب والحنان، يجب أن تعلم بأننا نتحدث عن اسم اختاره الله تبارك وتعالى لنفسه، يُعامل به عباده. هل أنت مُدرك لذلك؟ ما الذى جعل الله يختار لنفسه هذا الاسم.. الودود؟
الإنسان يمكن أن يحب أحدًا، لكن أحيانًا يكون بداخله غل تجاهه.. أما الودود، فهو لا يعرف حقدًا أو غلًا، إنه أصفى الحب وأنقاه.. أعلى درجات الحب، وأصفى الحب الذى ليس فيه غل أو كراهية.. فالله أصفى الحب وأنقاه. وقالوا الودود: الذى يتودد ويُحب أولياءه وأنبياءه وعباده الصالحين.
أيضًا فى معنى اسم الله الودود: الذى تقرب إلى أوليائه، وتحبب إلى أوليائه بالقرب منهم، وتحبب إلى المذنبين بالرحمة والمغفرة، وتحبب إلى الخلق، كل الخلق، بالعطاء والرفق فى الكون. سبحانه الودود، يتودد إلى عباده بالحنان والعطف والحب، فيحنو عليهم ويُحبهم ويُعطيهم. أنت المُخاطب بهذا الاسم.. هل لك أن تتخيل ذلك؟!
كل واحد منّا له أشخاص فى حياته ودودون، يتعلق بهم، لكن ود الله لك هو أعظم ود فى حياتك.. لا بد أن توقن يقينًا تامًا بأنه الودود، وتكون هناك عقيدة ثابتة فى قلبك أن الودود سبحانه وتعالى الذى يُحب عباده ويحنو عليهم، ولذلك تجد اسمًا آخر وهو «الحنَّان»، وقد ورد فى بعض الأحاديث، ووردت إشارة له فى القرآن «وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا...» (مريم ١٣). يجب أن تشعر بأن الله يحبك ويتودد إليك، فتصبح عبدالودود.
ما الفرق بين الود والحُب؟
الود أشمل وأعم وأكبر من الحب.. كيف؟ الحب هو المشاعر الداخلية. الود هو التعبير عن هذه المشاعر بالأفعال. لماذا لم يسمى نفسه الحبيب؟ لأن الود أشمل.. الحب مشاعر داخلية، والود تصرفات وأفعال. الحب إحساس داخلى والود ترجمة وتحويل المشاعر الداخلية لأفعال وتصرفات. ولذلك أنا أُكن لك مشاعر جميلة.. هذا هو الحب، لكن عندما أبتسم فى وجهك أو أعطيك هدية.. فذلك ود. ولله المثل الأعلى فهو الذى سمى نفسه «الودود».
إذن فكل ودود مُحب وليس كل مُحب ودودًا. هناك حديث واضح جدًا يبين لك هذا الفرق: «إن الله إذا أحب عبدًا نادى جبريل، يا جبريل إنى أحب فلانًا فأحبه- لماذا؟ لأنه الودود سبحانه وتعالى- فينادى جبريل فى أهل السماء: يا أهل السماء إن الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول فى الأرض»، ما شعورك الآن بالودود؟
ما الفرق بين الودود والرحيم والغفور والتواب..؟ ربما يشعر البعض أن هذه الأسماء متقاربة ولها نفس المعنى.. بل الفرق كبير، وأشرح لك بمثل.. الإنسان مخلوق ضعيف، احتياجاته لا تنتهى. محتاج للطعام والشراب فيتجلى الله عليه باسمه «الرزاق».. محتاج للحماية والحفظ فيتجلى الله عليه باسمه «الحفيظ».. محتاج للتربية والإصلاح فيتجلى الله عليه باسمه «الرحيم».. محتاج للتعليم والفهم فيتجلى الله عليه باسمه «الفتاح العليم». محتاج قوة وعزة فيتجلى عليه باسمه «العزيز».
كل ذلك يحتاجه، لكنه يحتاج إلى شىء هام جدًا ألا وهو الحنان والعطف. فالله تبارك وتعالى تجلى عليه بالرحيم والكريم والرزاق والعزيز، ولكنه ما زال يحتاج لشىء آخر.. فتجلى عليه باسمه الودود. أرأيت كم هو عليم باحتياجاتك؟ فاحتياجاتك المادية.. الرزاق، واحتياجاتك الروحية.. الودود سبحانه وتعالى.