رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

روشتة الدعم النفسى للمنتصرين على «كورونا»

ما بعد التعافى
ما بعد التعافى

مع انشغال الجميع بالإصابات الجديدة بوباء «كورونا»، تهمل غالبية الأسر أهمية تقديم الدعم النفسى للمتعافين من الفيروس، ممن يواجهون صعوبة شديدة فى العودة للاندماج مع المجتمع من جديد خوفًا من «التنمر»، وتطاردهم الهواجس والذكريات ويحتاجون إلى الطمأنة بشكل مستمر. ووجه عدد من الأطباء العاملين بمستشفيات العزل والمتخصصين فى الطب النفسى، تواصلت معهم «الدستور» لمعرفة أفضل السبل لمساعدة المتعافين من الوباء على تخطى التأثيرات السلبية لتجربة الإصابة بالمرض- مجموعة من النصائح فى هذا الإطار، نستعرضها فى التقرير التالى.

عبدالرحمن خيرى: السفر إلى المناطق الساحلية.. ورؤية المناظر الخلابة

رأى الدكتور عبدالرحمن خيرى، المسئول عن وحدة العزل فى مستشفى المعلمين بمنطقة الزمالك، أن السفر هو أفضل طريقة تساعد المتعافين من «كورونا» على تخطى أزماتهم النفسية بعد انتصارهم على الوباء. وقال «خيرى»: «السفر إلى المناطق السياحية خاصة المطلة على البحر ورؤية المناظر الخلابة واستنشاق الهواء النقى كلها أمور تساعد المتعافى على العودة إلى طبيعته». وأضاف: «نتواصل مع أسر المتعافين عقب خروجهم من المستشفى، ونوصى بمساعدة المنتصرين على الفيروس على تخطى أزماتهم النفسية، ليستطيعوا التعايش وسط المجتمع من جديد، دون قلق من التنمر ضدهم، خاصة أن الحالة النفسية من الأمور التى تؤثر على قوة الجهاز المناعى للجسم، فيما يسبب الإحباط مشكلات عضوية». وناشد «خيرى» المواطنين الالتزام بجميع الإجراءات الاحترازية التى أقرتها وزارة الصحة والسكان، حفاظًا على أرواحهم، خاصة التباعد الاجتماعى، مع ضرورة زيادة التوعية بخطورة الوباء، وعدم «التنمر» على المصابين أو المتعافين.

هيثم المليجى: المساندة من الأسرة فى مواجهة الاكتئاب
قال الدكتور هيثم المليجى، أستاذ العناية المركزة بجامعة المنصورة، إن المتعافى من الوباء لا يتأثر فقط بذكريات الألم الجسدى الذى تعرض له، بل يتذكر بشكل مستمر ما رآه من حوله فى مستشفى العزل، وهى مشاهد قاسية تؤثر على الأطباء أيضًا. وأضاف «المليجى»، الذى خاض تجربة العمل فى مستشفى العجمى للعزل بالإسكندرية: «الإصابة بفيروس كورونا تجربة مرهقة نفسيًا بشكل كبير، وتتسبب فى الإصابة بالاكتئاب، الذى قد يستمر بعد التعافى، ما يستدعى تعاون جميع أفراد الأسرة لمساعدة المريض المتعافى على تخطى الاكتئاب». وأشار إلى تواصله مع المتعافين هاتفيًا لطمأنتهم وسماع شكاواهم، وحثهم على أن يكونوا أقوياء فى مواجهة ظروف الحياة، فيما ينصح المرضى بالبقاء فى المنزل طالما أن أعراض الإصابة لم تشتد. وأوضح: «أتحدث مع مصابى كورونا عن تطورات المرض التى سيعيشونها خلال الأيام التالية لظهور الأعراض، لطمأنتهم، وأوضح لهم كيفية تنفيذ عزل منزلى ناجح دون إصابة بقية أفراد الأسرة، ومع بدء التعافى نحدد لهم الوقت المناسب لمخالطة الأهل من جديد».
واعتبر أن المعزولين منزليًا هم الأولى بالدعم النفسى، لإحساسهم بالعجز وأنهم قد يموتوا فى أى وقت دون أن يسعفهم أحد، لذا لا بد من طمأنتهم، ومساعدتهم خلال الإصابة وبعد التعافى.



أميمة عبدالله: ممارسة الرياضة وتقديم النصائح للغير حول الفيروس
شددت الدكتورة أميمة عبدالله مصطفى، استشارى الصحة النفسية، على ضرورة الدعم النفسى للشخص المتعافى من فيروس «كورونا»، عن طريق أفراد أسرته وأصدقائه والدائرة المحيطة به. وقالت: «المتعافى يمكنه التعايش مع الحياة بشرط الالتزام التام بالإرشادات والتعليمات، وتناول الأدوية اللازمة فى مواعيدها الثابتة، مع تلقى الدعم النفسى من أفراد أسرته وأصدقائه، المطالبين بترسيخ الأمل بداخله وإقناعه بأن المرض ليس عارًا، وأنه تمكن من تحقيق انتصار عظيم بتغلبه عليه». ونصحت المتعافى بأن يمارس الرياضة بشكل مستمر فى هذه الفترة، بجانب المواظبة على نظام غذائى صحى يحتوى على الفيتامينات الضرورية لتقوية المناعة، وشرب السوائل التى يحتاجها الجسم، والابتعاد عن السلبيات، والتخلص من الخوف، مع إجراء التحاليل بشكل متواصل للاطمئنان على حالته.
وواصلت: «يجب أن يستغل فترة النقاهة فيما يفيد، بأن يقدم النصائح للآخرين حتى يتمكنوا من التعرف على الأعراض الخاصة بالمرض، وكيف يمكن التغلب عليه، مع الابتعاد عن كل ما يقلل راحته ويضعف مناعته». ولأن المتعافى من فيروس «كورونا» قد يتعرض لـ«التنمر» من الآخرين، ترى استشارى الصحة النفسية ضرورة ألا يصغى لهم أو يهتم بما يقولونه، وأن يؤمن بأن ما مر به هو اختبار من الله، وأن المولى وهبه حياة أخرى ليعيد فيها حساباته ويتقرب إليه أكثر.
محمود رمضان: الثقة فى النفس لتخطى التجربة
رأى محمود محمد رمضان، أستاذ علم الاجتماع، أن الفروق الفردية، خاصة فيما يتعلق بقوة الشخصية، هى الحاسمة فى مواجهة فيروس «كورونا المستجد» والقضاء عليه، والتعامل مع مرحلة ما بعد المتعافى، موضحًا أنه كلما زادت ثقة الفرد بقدراته وإيمانه بإمكانياته، زادت نسبة تخطيه أزمة الإصابة بالفيروس وما بعدها.
وأضاف «رمضان»: «الإنسان معرض دائمًا للنوازل والمشكلات، لكن مواجهتها تختلف من شخص لآخر، فالأفراد الذين تزيد عندهم نسبة الوعى بحجم المشكلة وتداركها وكيفية التعامل معها، ويتخذون احتياطاتهم كمصابين، ويبقون فى منازلهم لمدة ١٤ يومًا للتعافى، يستعيدون صحتهم سريعًا ويتعافون تمامًا». وعن التعامل مع المتعافين، شدد على أن التهيئة النفسية للمتعافى من الفيروس أمر فى غاية الأهمية، ناصحًا إياه بالتعايش مع اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية والوقائية. وتابع: «على المتعافى من الفيروس ارتداء الكمامة والقفاز، والبُعد عن الأماكن المزدحمة، والتعامل على أنه مريض، وتناول الأكل الصحى لمقاومة أى فيروس يواجهه، والحفاظ على غسل الأيدى باستمرار، وعدم لمس الوجه والأنف والعينين، أو المخالطة إلا للضرورة، وتجنب الخروج إلا بعد قضاء فترة التعافى».

سارة أشرف: توفير مرافق للشعور بالأمان
سلطت سارة أشرف، استشارية سلوك نفسى، الضوء على أهمية الفترة التى يقضيها المتعافى من فيروس «كورونا» فى منزله، قبل العودة إلى حياته الطبيعية من جديد، باعتبارها الفترة التى يترتب عليها كل ما هو قادم من حياته، وتشكل طريقة تفكيره ونظرته للمجتمع. وقالت الحاصلة على ماجستير فى العلاج النفسى: «المتعافى من الفيروس قد يحتاج إلى مرافق نفسى خلال هذه الفترة، حتى وإن كان بالتواصل هاتفيًا فقط، كونه يرغب دائمًا فى التواصل مع الشخص الذى يمده بالشعور بالأمان، ويجعله يتخطى الفترة المؤلمة التى عاشها خلال إصابته بفيروس كورونا».
جمال فرويز: التخطيط لمستقبل الحياة الشخصية والعملية.. والابتعاد عن التفكير فى المرض فترة
حذر الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسى، من أن هناك شعورًا سيئًا يصيب المتعافين من فيروس «كورونا»، وهو «وصمة العار» التى يشعرون بها فور إصابتهم بالمرض، بسبب نظرة المجتمع لهم، وعدم رغبة المواطنين فى التعامل معهم.
وأوضح «فرويز» أن ذلك الشعور هو أخطر ما يصيبهم بعد التعافى، ويسبب لهم حالة من الاكتئاب الحاد، قد تجعل البعض منهم يفكر فى الانتحار، كما حدث فى الأسابيع القليلة الماضية.
وأضاف: «ما بعد التعافى من كورونا تعد من أهم الفترات العلاجية النفسية التى يجب الاهتمام بها من قِبل المريض، حتى لا يُصاب بمرض جديد لا يعرف عنه شيئًا، ويكون فى الغالب مرضًا نفسيا حادًا لا يمكن علاجه بسهولة، وكل ذلك يكون بسبب نظرة المجتمع له، أو ما يبنيه فى تفكيره من أوهام حول إصابته بالمرض».
وبَيّن الأسباب التى قد تدفع المتعافين من فيروس «كورونا» للإصابة بالاكتئاب الحاد، وهى شعورهم بالندم على ما ضاع منهم خلال فترة الإصابة بالمرض، مثل فقدان العمل أو المبالغ المالية التى أنفقوها على العلاج، أو خسارة أشخاص معينين لم يقتربوا منهم حين علموا بحقيقة إصابتهم.
واختتم «فرويز» حديثه، موجهًا نصيحته للمتعافين بألا يضيعوا هذه الفترة فى التفكير فيما مضى، بل بالعكس يجب عليهم التخطيط لما هو قادم، سواء على مستوى الحياة الشخصية أو العملية، والاقتراب من الأشخاص الذين وقفوا بجانبهم خلال فترة مرضهم حتى ولو بمكالمة هاتفية، فهذا قد يقلل من نسبة إصابتهم بالاكتئاب.