رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

.. ومرتزقة أفارقة بجنسية قطرية


أكثر من ألفى صومالى، يحمل بعضهم الجنسية القطرية، أرسلتهم تركيا إلى ليبيا وانضموا إلى ميليشيات «الوفاق»، بحسب تقرير نشرته جريدة «صومالى جارديان»، وهناك أيضًا معلومات مؤكدة عن إرسالها مرتزقة تشاديين وأفارقة من جنسيات مختلفة، سبق أن تلقوا تدريبات فى الدوحة، لاستغلالهم فى الصراعات التى تشهدها دول إفريقية أو شرق أوسطية.
كانت «الدستور» قد انفردت، أمس الأول، السبت، بنشر تفاصيل لقاء فايز السراج، رئيس «حكومة الوفاق» المزعومة، فى إسطنبول، مع وزير خارجية قطر وعدد من المسئولين القطريين، بحضور وزير دفاع تركيا ومدير مخابراتها، وكان ملف المرتزقة، الذين يقاتلون إلى جانب ميليشيات «الوفاق»، أبرز الملفات التى ناقشها هؤلاء، بدءًا من جهل غالبيتهم بجغرافية المنطقة، وليس انتهاءً بمشكلة المرتزقة السوريين، الذين لم يتسلموا رواتبهم منذ ٣ أشهر، وهروب حوالى ١٠٠٠ منهم إلى أوروبا، و.... و.... وما يعنينا هنا هو أن الجانب القطرى تحدث عن إرسال ميليشيات من تشاد، وأكد أن المخصصات المالية لدخولها فى المعارك باتت جاهزة.
زيارة «السراج» ووزير الخارجية القطرى إلى تركيا كانت مفاجئة، وسبقتها زيارة مفاجئة أخرى قام بها خلوصى آكار، وزير الدفاع التركى إلى الدوحة، بعد يوم واحد من إصدار وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» تقريرًا كشف عن إرسال تركيا آلاف المرتزقة إلى ليبيا، وهو التقرير الذى سبب حرجًا لأنقرة، كما ذكر موقع «ليبيا ريفيو»، ودفعها إلى إرسال وزير دفاعها إلى قطر لتكليف حاكمها، الفتى تميم بن حمد، بسرعة إرسال المرتزقة الصوماليين إلى ليبيا.
الدوحة كانت، ولا تزال، قاعدة لتدريب المرتزقة الصوماليين، ونقطة انطلاقهم إلى مناطق الصراعات، والثابت هو أن العائلة الضالة التى تحكم قطر بالوكالة، تدعم منذ سنة ٢٠٠٨ ما توصف بـ«حركة الشباب المجاهدين»، الفرع الصومالى لتنظيم «القاعدة» الإرهابى، وعبر وكلاء «أو عملاء» محليين، تمكنت من السيطرة على الأجهزة الأمنية واختراق كل أجهزة الدولة، ووضعتها تحت السيطرة التركية، ما أتاح لأردوغان إنشاء قاعدته العسكرية الثانية خارج أراضيه، بعد القاعدة القطرية، على بعد كيلومترين فقط جنوب العاصمة الصومالية مقديشو.
مطامع الدويلة الصغيرة غير المحدودة، جعلتها تنتهج سياسة انتهازية، تعرقل كل الجهود الدولية لإعادة بناء دول إفريقية عديدة، بعد عقود من صراعات دموية، فككتها طائفيًا وقبليًا، وهناك مئات الأدلة على دعم العائلة القطرية الضالة ومَن يستعملونها، لتنظيمات وجماعات وحركات إرهابية، تنشط فى دول القارة، بدءًا من الإخوان، القاعدة، «داعش» و.. و.. وليس انتهاءً بـ«حركة الشباب» الصومالية، وما زاد، منذ ثلاث سنوات، هو أنها قامت بتحويل هذه الدول إلى جبهات فى صراعها مع الدول الرافضة لسياساتها التخريبية، خاصة دول الرباعى العربى الداعية لمكافحة الإرهاب: مصر، الإمارات، السعودية، والبحرين.
منذ سنة تقريبًا، تحديدًا فى ٢٢ يوليو ٢٠١٩، نشرت جريدة «نيويورك تايمز» الأمريكية، مكالمة مسربة بين رجل الأعمال القطرى، خليفة كايد المهندى، وحسن بن حمزة بن هاشم، السفير القطرى فى مقديشو، تبادلا فيها التهانى بوقوع تفجيرات استهدفت مدينة بوصاصو الساحلية، ووصف الأول منفذيها بأنهم أصدقاؤهم، وأكد أنهم فعلوا ذلك «لتعزيز مصالح قطر»، فى إشارة إلى عقود إدارة الموانئ أو استغلال الموارد الطبيعية.
هذه المكالمة لم تضف جديدًا، كما أشرنا وقتها، وكما ذكر أيضًا حزب «ودجر» الصومالى المعارض، فى بيان أصدره، فى ٢٣ يوليو ٢٠١٩، وأكد فيه على علاقة قطر الوثيقة بالتنظيمات الإرهابية كـ«داعش» و«حركة الشباب». ودعا الحكومة الصومالية إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة، واتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المقربين منها، الذين يتولون مناصب حساسة فى الدولة، كما طالب الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامى، بإجراء تحقيق حول صلات قطر بالتنظيمات الإرهابية فى الصومال.
المهم، هو أن الجريدة الأمريكية ذكرت أنها تواصلت تليفونيًا مع «المهندى»، فلم ينف صحة التسجيل، لكنه زعم أنه كان يتحدث كمواطن، وليس كمسئول حكومى، كما حاول مكتب الاتصال الحكومى القطرى التنصل من المذكور، فى بيان، زعم فيه أنه لا يمثل قطر ولا يحمل صفة رسمية، ووقتها، أوضحنا أن المهندى كان مرافقًا لحاكم قطر حين زار إندونيسيا، فى ٧ يونيو ٢٠١٩، ورافقه أيضًا إلى رواندا، فى أبريل ٢٠١٩، التى كان بين مستقبليه فيها «المصطفى ولد الإمام الشافعى»، الموريتانى الأصل متعدد الجنسيات، الذى يسيطر على عدد من الجماعات الإرهابية، وله علاقات قوية مع تل أبيب، التى تستعمله فى عدة دول إفريقية.
وأخيرًا، لا نعتقد أننا نضيف جديدًا لو قلنا إن العبث التركى الإيرانى، أو الأمريكى الإسرائيلى، فى كثير من دول المنطقة، عبر الإرهابيين والعملاء، يفرض على كل الدول العربية والإفريقية، المستهدفة هى الأخرى، أن تتكاتف لمساندة العراق، سوريا، لبنان، واليمن، وأن تسعى جاهدة إلى تحرير ليبيا، الصومال، جيبوتى وقطر.