رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ناهد السيد تكتب: صحوة ضد التحرش فى أكاديمية الفنون

ناهد السيد
ناهد السيد

رب ضارة نافعة ..
أزالت فضيحة المتحرش بسام زكى غبار الخوف والضعف والاستكانة عن فتيات كثيرة تشجعن وامتلكن جرأة كشف المستور عما أخفينه فى صدورهن لفترة قد تصل لسنوات من تحرش لفظى أو معنوى أو إيحاءات وإيماءات جنسية سواء من ذويهن ممن فى مثل أعمارهن أو أساتذة دراسة، ورؤساء عمل أو مسئول فى وظيفة.. مما يجعل تحرشه بمثابة ابتزاز قد يستمر طوال فترة حاجتها إلى النجاح أو الراتب، أى أنه تحرش مربوط بالقهر والاستغلال والتهديد.

من بين هؤلاء فتيات المعهد العالى للسينما اللاتى نبشن فى بئر الخوف، حيث أطلت كل فتاة متضررة بمشكلتها مع أى متحرش، محاولة تخطى أزمتها النفسية التى خبأتها فى صدرها طويلا.. وكونت الفتيات جروب سرى على "الإنستجرام" تبادلن فيه كل الوثائق التى تدين زملائهن أو أساتذتهن، ونظرا لسرية الجروب تجرأت الأخريات للانضمام إليه، وازداد العدد بين فتيات لا تعرف أحداهن الأخرى، يجتمعن على قضية واحدة وهى التحرش.. أصبح الجروب منصتهن الآمنة للفضفضة وفضح كل متحرش، بلا خوف، وقد أظهرت الأسماء التى تداولوها متحرشين مشتركين فيما بينهن، كما فعلن استبيانًا تم تصنيف المتضررات من خلاله ما بين تحرش إلكترونى، تحرش لفظى، تحرش جسدى.

وبالتشاور والمداولات اليومية واتساع دائرة الفتيات المتضررات الخائفات.. تبلورت فكرتهن وانتشرت بما يكفى لعمل صحوة ضد التحرش.. التفت إليهن الأسماع لينصتوا إليهن، واندفع دكتور أشرف زكى، رئيس أكاديمية الفنون وبصفته الأخرى كنقيب المهن التمثيلية باحثا عنهم، مسلطا عليهم الضوء أكثر، لم يهتم بتهدئة الوضع وتحجيم انتشار هذه الفقاعة، خوفا على سمعة وكرامة الأكاديمية_ كما كان يشير إليه البعض _ مؤكدًا أنها ضارة نافعة لليقظة ضد التحرش، والحفاظ على كرامة كل فتاة فى الأكاديمية أو فى مهنة التمثيل هو فى حد ذاته كرامة للمهنة والأكاديمية، لذلك وقف دكتورأشرف زكى، ونائبه دكتورة غادة جبارة فى صف الفتيات لفضح كل ما يحدث تحت سقف الأكاديمية، وقد (استقتل) بما تحمله الكلمة من معنى فى محاولة للتواصل معهن، نظرًا للسرية الحصينة التى اختبأن خلفها، وتأكيدًا منه على تضامنه معهن أصدر بيانا يتعهد فيه بكفل سرية أى شكوى تقدمها أى فتاة متضررة، مع ضمان استرداد حقها من أي ما يكون بصفته وأي ما يكون منصبه، مما يكفل بذلك أيضًا الدعم النفسى للمتضررات.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل أنه تصاعد إلى تعاونه مع المجلس القومى للمرأة برئاسة الدكتورة مايا مرسى لتفعيل (لجنة ضد التحرش) بداية من الأسبوع القادم فى أكاديمية الفنون، والتى تضمن أحقية كل فتاة للشكوى بالتطاول أو التعدى عليها لفظيا و جسديا أو حتى بالإيماءات والإيحاءات، بدلائل ووثائق إن وجدت أو إن لم توجد، مما يضمن ردع كامل لأى متحرش، أو أى أحد تسول له نفسه بالتطاول على أى فتاة، من خلال تعيين مسئول لاستقبال الشكوى بلا أسماء أو صفات وهذا ما يكفل للفتيات التعامل بكل حرية داخل الحرم الجامعى وحتى أثناء عملهن فيما بعد تحت مظلة نقابة المهن التمثيلية، حيث صرح دكتور أشرف قائلًا: سوف استغل منصبى كنقيب للمهن التمثيلية فى إيقاف عمل كل من يتقدم ضده بلاغ أو شكوى بالتحرش بكافة أنواعه.. مستكملا حديثه أن هذه القضية تؤرقه بشكل خاص، ويعتقد أنها بداية صحوة للمجال الفنى ككل، لمحو بقايا الفساد التى تفتح أبواب المحسوبيات والترهيب والمخالفات.. ويتعهد بتوقيع أقصى العقوبة لكل من ثبتت وقعته، أما من لم تملك ضده دليل سيتم وضعه تحت المراقبة ويخضع لمجلس تأديب أو فصل، وربما تتحول قضيته إلى النيابة لتطبيق قانون العقوبات بمادتيه الـ( 306ا- 306ب)
هذا وبفضل هذه الصحوة يسعى رئيس الأكاديمية بوضع سياسة داخلية دائمة لمنع التحرش، على أن تكون عقبة لاجتياز درجة علمية أو منصب دراسي أو حتى مجرد القبول للالتحاق بأحد المعاهد أو العمل بالمهن التمثيلية، أى أنها تصبح بمثابة نقطة سوداء يعتد بها فى ملفه، من شأنها أن تحول دون عبوره لمستوى أفضل فى حياته، لهذا يدعو دكتور أشرف كل فتيات الأكاديمية بمختلف معاهدها للتقدم إلى اللجنة بلا خوف أو تردد، لتصبح الأكاديمية قدوة لمختلف المؤسسات فى تبنى الدعم النفسى للفتيات وضمان كرامة مهنية وإنسانية لهن.