رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السادات «خفيف الروح»: سخر من جولدا مائير وجهًا لوجه.. وحل نزاعًا على جاموسة

السادات
السادات

لم يكن السادات رجلًا عاديًا.
رئيس داهية، وفلاح أصيل، وأسطورة خفيفة الروح، عدة حكايات تشهد على وجه آخر له بعيدًا عن دوائر القرار، وقصور الحكم، والجلسات الدبلوماسية.

كان الوجه الآخر يتجلّى تحديدًا في زياراته المستمرة إلى مسقط رأسه، قرية ميت أبوالكوم، فقد اعتاد الذهاب إليها أسبوعيًا في الظروف العادية، لأنه يرتاح لها نفسيًا وإنسانيًا، ويتباسط مع الناس إلى حد خلعه رداء الرؤساء ليصبح «عُمدة» حقيقيًا يجلس مع الناس ليحل مشكلاتهم البسيطة، ففي إحدى المرات جلس بالجلباب يُصلح بين سيدة وحماتها بسبب خلاف على جاموسة، وبعد أن فصَل بينهما، شرب الشاي مع أهل البيت، وخرج لتمشية سريعة في القرية ثم عاد إلى منزله.

وقبل أي قرار تاريخي، كزيارة الكنيست، كان يذهب إلى ضريح السيد البدوي في طنطا، ليستشيره، ويفعل ما يرتاح له قلبه بعدها، ويقول مقربون منه إنه فعلها لاتخاذ قراري العبور واتفاقية كامب ديفيد.

وفي القدس، طاردته المواقف الطريفة، فلم تكن رابطة العنق، المنقوشة بـ«الصليب المعقوف»، رمز النازي هتلر، وتعذيبه التاريخي لليهود، الإشارة الوحيدة إلى دهاء السادات، وتلاعبه بكل الأوراق، لكن فور هبوطه الطائرة في مطار بن جوريون، كان وفد إسرائيلي رفيع في استقباله على رأسه رئيسة الوزراء، جولدا مائير، فقال لها وهو يصافحها ضاحكًا: تعرفين ماذا يقولون عنكِ في مصر؟
سألته: ماذا يقولون؟، فرد: يقولون إنك أجدع رجل في إسرائيل.

اندهشت من المداعبة، لم تعرف إن كانت إهانة أم مدحًا، فردت لتخرج من الموقف المرتبك، الذي افتعله الرجل القادم من مصر وعلى جناحه آيات السخرية، وفي رأسه ترانيم الحرب، بينما لسانه يتغنى بكلمات السلام: سأعتبره مدحًا. ضحك السادات، وضحك مرافقوه ومرافقو جولدا مائير، وانصرف الجميع.

خفة روحه لم تسمح له بالتسامح مع عدوية حين قدم أغنية «زحمة يا دنيا زحمة». حضر السادات حفل زفاف أحد أعيان قرية «ميت أبوالكوم»، وكان عدوية هو من يحيي الحفل، وألغى غناء «زحمة يا دنيا زحمة» خوفًا من غضب السادات من جملة «مولد وصاحبه غايب». كان الناس يعتبرونها «تلقيحًا بالكلام» على السادات، لكن- لسوء الحظ- طلبها الجمهور، واضطر عدوية لغنائها، لكنه حذف الجملة المشبوهة، واستبدلها بجملة أخرى على الوزن نفسه.

حيلة عدوية أثبتت الاتهام عليه فأكدت الشائعة القائلة بأن السادات هو المقصود، فوجد نفسه مقبوضًا عليه في قبضة أفراد أمن، اقتادوه أسفل المسرح، حققوا معه لساعات، ثم صدر قرار صوري بحرمانه من الغناء، ومنع الأغنية من الإذاعة.

كان كل شيء بعلم السادات، اعتبرها «قرصة ودن» عابرة لمطرب شعبي، ثم أمر بعودته مرة أخرى عن طريق الغناء في الإذاعة مجددًا.