رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أنطون تشيخوف.. قصة قصيرة محيرة عظيمة الأثر

أنطون تشيخوف
أنطون تشيخوف

116 عامًا مرت على وفاة الكاتب الروسي أنطون تشيخوف، حيث رحل عن عالمنا في 15 يوليو 1904، ودفن بجانب والده في مقبرة نوفوديفيتشي بموسكو.

وعلى الرغم من قصر حياته، إذ توفي عن عمر ناهز الـ44 عامًا، إلا أنه استطاع أن ينال شهرة عالمية واسعة كروائي صاحب الباع الطويل في القصة القصيرة وككاتب مسرحي كبير.

عراقيل وصعوبات عديدة واجهها تشيخوف في بداية مسيرته الأدبية، وحينها لم يكن لديه أصدقاء ومعارف مؤثرون في الأوساط الأدبية ليوجهوه ويدعموا خطواته الأولى في عالم الأدب الروسي، وكان هذا العالم مليئًا بالموهوبين من الشعراء والكتاب؛ أمثال أوسبينسكي، كورولينكو، كارشين، صولوكوب، أندرييف، كوركي، كوبرين، بونين، بييلي، وآخرين.

وبحسب مقال نشر بمجلة "قاف صاد" بعددها رقم 11 والصادر بتاريخ 1 يناير 2012 بعنوان "أنطون تشيخوف من روسيا إلى العالم العربي" للكاتب عبدالرحيم العطاوي، فإن تشيخوف كان وحيدًا ومغمورًا في بدايته الأدبية لأنه ينحدر من وسط فقير وكذا لأنه وربما كان هذا هو الأهم، لم يكن ينتمي إلى أي من التيارات السياسية والفلسفية سواء منها الاشتراكية أو الليبرالية أو الشعبوية التي كانت تهيمن على الساحة الفكرية في الإمبراطورية الروسية آنذاك.

وفي عمر التاسعة عشرة من عمره، بدأ تشيخوف ينشر القصص القصيرة في إحدى الجرائد الساخرة، ولما بلغ سن الخامسة والعشرين تعدى رصيده المائة وخمس وأربعين قصة قصيرة ومقالة، ولم تلق محاولاته الأدبية الأولى ترحيبًا من قبل النقاد، فمنهم من أساء الظن بها، ومنهم من تلقاها بحذر كبير، وكان بعض النقاد محتارين من النوع الأدبي الجديد الذي جاء به تشيخوف، ومضى بعضهم إلى اتهامه بعدم التوفر على مثل عليا في الحياة، كما اتهموه بالتدخل في كل شيء والتطرق لكل المواضيع والكتابة في كل الأجناس الأدبية، وكأنه ليس له هدف واضح في الحياة.

وكان تشيخوف لا يبالي بهذه الأحكام القاسية، بل كان، على عكس ذلك، يسخر منها ويقول: "حقًا، لقد تناولت كل المواضيع وكتبت في جميع الأجناس إلا الشعر والوشاية".

واستطاع تشيخوف أن يفرض نفسه كرائد لتصور أدبي جديد تكمن أهميته في المسكوت عنه وفي المشاهد شبه "الفارغة أو التافهة"، بعد تلك النكسات العابرة، بحسب ما ذكر المقال.

وبعد الصعوبات التي اعترضت سبيله في بداية مساره الإبداعي ودخوله الساحة الأدبية الروسية وتمركزه فيها، سرعان ما اعترف بـ"تشيخوف" رائدًا بدون منازع للقصة القصيرة ليس في روسيا وأوروبا فقط، لكن في العالم العربي كذلك، حيث بدأ تأثيره يظهر وهو ما زال على قيد الحياة.

وبعد مضي ما يزيد عن عشرين عامًا، استطاع تشيخوف أن يحظى بشهرة واسعة في مصر، حيث نالت قصصه القصيرة إقبالًا كبيرًا وكان لها تأثير واضح على مجموعة من الكتاب، غير أن الترجمات العربية لأعمال تشيخوف لم تعد تنجز من الأصل الروسي، بل عبر ترجمات من لغات أخرى كالإنجليزية والفرنسية.

وخلال العقود الخمسة الأولى للقرن العشرين؛ ظل تشيخوف يعرف في العالم العربي من خلال قصصه القصيرة فقط، ولم يتعرف العرب على مؤلفاته المسرحية التي كانت قد نالت شهرة واسعة في كل من أوروبا وأمريكا إلا بعد ما تمت ترجمة مسرحية "الدب" وعرضها على خشبات المسارح القاهرية، ويرجع الفضل في كل هذا إلى زكي طليمات، الذي قام بنشر الترجمة العربية لمسرحية "الدب" في مجلة الهلال عام 1944.