رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جواسيس فى «حماس».. ما الجديد؟!


إلى تل أبيب، هرب قائد كبير فى وحدة «الضفادع البشرية» التابعة لكتائب عزالدين القسام، الجناح العسكرى لحركة «حماس». ثم أعلنت الحركة عن اعتقال خليّة من ١٦ عميلًا، أغلبهم من جناحها العسكرى، بتهمة العمالة للمخابرات الإسرائيلية. فهل تعتقد أن ذلك قد يثير دهشة الفلسطينيين، أو قد يتسبب فى أى نوع من الحرج لقادة الحركة الإخوانية؟!.
قيل إن الحركة الإخوانية، التى توصف بأنها حركة المقاومة الإسلامية، أعلنت حالة الطوارئ. وقيل، أيضًا، إن أعضاء الخلية استقالوا من كتائب القسام، وانضموا إلى تنظيم «داعش»، لتصفية حسابات شخصية، ثم ذكر بيان أصدرته «داخلية حماس» أن هؤلاء العملاء تواصلوا مع المخابرات الإسرائيلية لـ«تنفيذ أعمال تخريبية ضد عناصر المقاومة خلال الأيام المقبلة». أما المؤكد، فهو أن القيادى الكبير، عزالدين الحاج على بدر، ظل يعمل مع المخابرات الإسرائيلية طوال ١١ سنة قضاها فى العمل بأدق مفاصل العمل العسكرى التقنى لـ«كتائب القسام»، التى كثيرًا ما تفاخرت بانتصاراتها على العقول الإسرائيلية فيما تصفه بـ«صراع الأدمغة».
ستضحك، طبعًا، على تلك المفارقة. وستضحك أكثر حين تعرف أن أحد الذين تم اعتقالهم ضمن عناصر الخلية، هو محمد أبوعجوة، الذى كان مسئولًا عن المنظومة الإلكترونية بحى الشجاعية. وهى المنظومة، التى تشمل كاميرات مراقبة وشبكات اتصالات تحت الأرض. بالإضافة إلى مسئوليته عن جمع المعلومات ومكافحة التجسس. واتضح أنه، هو الآخر، يعمل، منذ ٢٠٠٩، مع المخابرات الإسرائيلية.
فى أولى جولاته الخارجية، خارج قطاعى غزة ومصر، بعد توليه زعامة «حماس» وصل إسماعيل هنية، إلى تركيا، صباح ٨ ديسمبر الماضى. وأظهرت الصور المنشورة فى الصحف والمواقع الإخبارية التركية والحماسوية، المذكور يتقدم عددًا من كبار قادة الحركة. وبعد أن غابت أخبارهم لأيام، عرفنا أنهم أدوا صلاة الجمعة فى مسجد الفاتح. ثم ذكر تقرير نشرته «حماس» على موقعها الرسمى، أن الوفد التقى الرئيس التركى، فى ١٤ ديسمبر، وأشاد «بالمواقف التركية تجاه الشعب الفلسطينى وقضيته العادلة» وناقش مع أردوغان «قضية القدس، والمخاطر المحدقة بالمسجد الأقصى المبارك، ودور تركيا فى إسناد القضية الفلسطينية».
وصول هنية ورفاقه إلى تركيا، جاء بعد ساعات من إطلاق ثلاثة صواريخ من غزة استهدفت مواقع إسرائيلية، ردت عليها قوات العدو بغارات جوية على مواقع تابعة لحماس. وقبلها بأيام، تحديدًا فى ٢ ديسمبر الماضى، كتب موسى أبومرزوق فى حسابه على تويتر أن «ما كشفه برنامج ما خفى أعظم على قناة الجزيرة، عن عملية حد السيف بغزة، يؤكد أنَ المقاومة الفلسطينية على أتم الجهوزية للتصدى لاعتداءات العدو وتدابير مكره المختلفة، و... و... إلخ»!.
توقفنا عند تلك الزيارة بالذات، لأن صهيب حسن يوسف، إحدى قيادات الحركة، حركة حماس، فى تركيا، ظهر فى ٣ يوليو الماضى، على القناة ١٢ الإسرائيلية، ليؤكد أنه ترك الحركة بسبب فسادها ولأنها أدارت «مؤسسات أمنية وعسكرية على الأراضى التركية تحت ستار مؤسسات المجتمع المدنى». وقال إنهم «لديهم مراكز أمنية متطورة ويستخدمون معدات تنصت متطورة، للتجسس على الأشخاص وقادة حركة فتح فى رام الله»، لكنهم لا يفعلون ذلك لصالح الشعب الفلسطينى بل يرسلون «المعلومات إلى إيران وتركيا مقابل الدعم المالى، الذى يصلهم عبر البنوك تحت ستار مؤسسات المجتمع المدنى».
الشاب الفلسطينى وصف «حماس» بأنها «منظمة إرهابية خطيرة». وتحدث بإسهاب عن فساد قادتها «الذين يعيشون حياة رفاهية فى تركيا»، وأبدى دهشته «من مستوى معيشتهم الباذخ»، موضحًا أنهم «يأكلون فى أفضل المطاعم التركية، وبينما تعيش عائلة واحدة فى غزة بمبلغ ١٠٠ دولار شهريًا، تجدهم يقدمون ما يعادل ١٠٠ دولار بقشيشًا لنادل المطعم»!.
صهيب، هو شقيق مصعب يوسف، الذى أعلن تركه الإسلام فى أغسطس ٢٠١٠ وانضم لجهاز الأمن العام الإسرائيلى، الشاباك، وصار معروفًا فى إسرائيل باسم «الأمير الأخضر». ووالد الاثنين، هو حسن يوسف، القيادى الكبير فى حركة «حماس»، ما يجعلنا نتشكك فى عمالة الثلاثة، الشابان والوالد، لإسرائيل منذ نعومة أظفارهم، كعادة كل عبيد المرشد، مرشد الإخوان، الذين لن يترددوا فى اللعب مع الشيطان نفسه، لخدمة الجماعة أو تحقيق لأهدافها. ولا نعتقد أنه بات صعبًا على المتابعين استنتاج أن تلك الحركة الإخوانية لا تفعل إلا ما يخدم الإسرائيليين.
قد تصدق بعض ما سبق، وقد تتشكك فى بعضه الآخر. غير أن نظرة إلى الواقع، وعشرات الوقائع، تكفى لإدراك أن حركة حماس، انقلبت على مشروع الدولة الفلسطينية، وقامت بتقسيم الشعب الفلسطينى، ومنعت السلطة الوطنية من بسط ولايتها القانونية وتسلم مهامها فى القطاع، وأجهضت كل مبادرات إنهاء الانقسام الفلسطينى. وليس بعيدًا أو مستبعدًا أن تكون تلك الحركة الإخوانية قد عملت ضد مصر، بتنسيق مع الإسرائيليين، وليس فقط مع الأتراك والقطريين.