رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العيد لن يمر من هنا.. كواليس ما جرى قبل حريق «سوق الغلابة» بحلوان

حريق توشكى
حريق توشكى


العيد لن يمُر من هُنا، لن يتزاحم المواطنون لشراء ملابسهم الجديدة، ولن يرجع التُجار إلى قُراهم في صعيد مصر؛ سُعداء هذه المرة، بهجة العيد تبخّرت بعد أن أحرقتها نيران التهمت سوق توشكى بحلوان، لتقضي على كل ما بداخله، ملايين الجنيهات باتت رمادًا على الأرض، ودخانًا طار في السماء.

صباح الأحد، بينما كانت الأنظار تتجه نحو مدارس الثانوية العامة التي تشهد امتحاني الكيمياء والجغرافيا، تصاعدت الأدخنة، سريعًا لتُغطي سماء حلوان، لتُجاورها ألسنة اللهب وصرخات الاستغاثة، وإناس يركضون سريعًا لإنقاذ ما يُمكن انقاذه من داخل محالهم.. لا أحد يعرف ما الذي جرى!، النيران لم تترك وقتًا للتساؤلات، كان تلتهم كل شئ بسرعة جديدة.

النيران كانت تنتشر بسرعة
«شوفتها بتجري بسرعة على البلاط، معرفش ازاي، بس فعلا كانت بتجري وكأن بنزين مرشوش»، يقولها أحد التُجار، متحفظًا أن يكشف عن هويته خوفًا من المساءلة ـ حسبما يقول ـ مؤكدًا أنه أسرع لإخراج بضاعته من محله التجاري، وهنا كان يُشاهد النيران وهي تنتشر مسرعة في طرقات السوق، دون أن يكون بتلك الطرقات شئ يُساعد على وضع تفسير منطقي لهذا الانتشار السريع.
شاهد أيضا:
الدستور ترصد آثار حريق توشكى


رواية الرجل تأتي ضمن روايات ثلاث تتحدث عن مصدر النيران، فالأجهزة التنفيذية تعتقد أن التوصيلات الكهربائية العشوائية وراء الحادث، غير أن شهود عيان قالوا لـ«الدستور» إن صندوق قمامة ملاصق للسوق، اشتعلت به النيران، مما أسفر عن وصولها لهم.

خسائر ضخمة.. "بضاعة العيد"
الخسائر التي تكبدها الباعة كبيرة للغاية، فكما يحصرونها، فإن كل محل تجاري من الـ514 الذين احترقوا بالكامل، كان به بضائع تبلغ قيمتها مئات الآلاف من الجنيهات، وذلك لأنهم جلبوا كميات كبيرة من أجل سد الطلب عليها قبيل عيد الأضحى، وهو ما جعل خسائرهم ضخمة، مؤكدين أن ديونهم لتجار الجملة في العتبة كبيرة للغاية، ولا يعرفون مخرجًا لهذه الطامة التي حلّت بهم، «إحنا هنتحبس بسبب الديون دي» ـ يقولها أحدهم.
«حذرنا مرارًا من حدوث كارثة في السوق؛ لكن أحدًا لم يتلفت إلينا»، يقولها بها جمال، أحد التجار المتضررين، مؤكدًا أنهم توجهوا لـ أحمد كساب، مدير الأسواق بمحافظة القاهرة، لكنه تجاهل نداءاتهم، وحاولوا التواصل معه فيما بعد، غير أن لم يستجب لهم ـ حسب قولهم.
حريق سوق توشكى ليس الأول
حريق السوق ليس الأول، ففي مثل هذا الموعد قبل عامين، احترق نحو 20 محلًا تجاريًا في حريق مروع، لكنه جرى السيطرة عليه ومنع امتداده، ولم يتحرك حي حلوان من أجل حل المشاكل التي تُسبب مخاطر تهدد السوق، فالحي من الأساس لم يُنشئ السوق ـ هكذا يقولون.

«حي حلوان سلمنا أرض فاضية، وقسمها لينا، وسابنا ومشي، معملش أي مرافق لينا، إحنا اللي بنينا السوق بالصاج، ومفيش كهرباء تم توصيلها، عشان كده الناس واخدة من العلبة بشكل عشوائي» ـ يقولها بهاء مؤكدًا أن هذه المشكلة كانت من بين ما تم عرضه على مدير الأسواق بمحافظة القاهرة، محذرين من خطورة الموقف، لكنه لم يتحرك ـ حسب قوله.
ملايين الجنيهات باتت رمادًا
لم يُعد للتجار هُنا سوى بعض الحطام الذي اكتوى بنيران الحريق، وقليل من الرماد الذي كان بضائع بملايين الجنيهات قبل أن تلتهم ألسنة اللهب، يجلسون جواره تارة، ويتركونه تارة أخرى إلى النيابة العامة والجهات الرسمية من أجل الوصول لحل يعوضهم من سجن بات يهددهم إن لم يُسددوا ديونًا لا يقوون على سدادها.