رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الله أكبر.. فلا شىء يخيفك


من أسماء الله الحسنى اسم الله «الكبير»، ومعناه ببساطة أن يكون الله أكبر شىء فى حياتك.. هناك شىء اسمه مركزية الحياة، وهى آخر وأعمق نقطة التى تتحكم فى كل اختياراتك فى الحياة، وهى تختلف من شخص لآخر، فهذا أكثر ما يشغله فى الحياة المال، وآخر المنصب وثالث المتعة ورابع العمل، وهناك من لا يشغله أكثر من الله، فلا يشغله أكثر من رضاه.. طاعة وعبادة ومعاملة.
كيف تعيش باسم الله الكبير؟
الله أكبر من الدنيا وما فيها.. الله أكبر من همومك وأحزانك.. الله أكبر من آلامك وأوجاعك.. الله أكبر ممن ظلمك أو افترى عليك.. الله أكبر من كل مخاوفك.. لو كانت الدنيا كلها ضدك.. إياك أن تنسى أن الله أكبر.. لو اجتمعت عليك كل مؤامرات الدنيا.. إياك أن تنسى أن الله أكبر.. لذلك فى بداية دخولك فى الصلاة أول شىء تتوجه به إلى ربك: الله أكبر.
لماذا أذان الصلاة كله يدور حول الله أكبر؟، لماذا دخول الصلاة بالله أكبر؟.. الله أكبر من الدنيا.. إياك أن يكون فى لقائك مع الله ما هو أكبر منه.. اجعل الله وحب الله أكبر شىء فى قلبك.. فى الصلاة.. إياك أن تكذب.. تقول: «الله أكبر» بلسانك وهناك ما هو أكبر من ربنا فى قلبك.
فالله هو الكبير ولا شىء سواه أكبر، كل الكون أمام عظمة الله صغير، الإنسان صغير للغاية أمام الكرة الأرضية، والكرة الأرضية شىء صغير أمام الشمس، وكذا الشمس أمام المجرة، والمجرة أمام الكون، فلا شىء أكبر منه سبحانه.. الله أكبر من كل شىء.المعنى الآخر لكلمة الأكبر يعنى أكبر مما عرفت.. مهما تعرفت إلى الله عز وجل فهو أكبر مما تظن.. مهما تخيلت قدرة الله عز وجل فهى أكبر مما تخيلت.. مهما تصورت رحمة الله عز وجل فهو أكبر رحمة مما عرفت.. الله أكبر.. بكل شىء عليم.. الله أكبر بكل شىء محيط.. الله أكبر.. يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور.. الله أكبر.. له ما فى السماوات وما فى الأرض وما بينهما وما تحت الثرى.
«وَلَوْ أَنَّمَا فِى الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّه إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ»، لو أن شجر الأرض تحوّل إلى أقلام ولو بحار الدنيا تحوّلت إلى حبر تُكتب بالأقلام، لانتهى الحبر والأقلام، وما انتهى علم وحكمة الله فى الكون.. يجب عليك أن تؤمن بهذا من أعماق قلبك، وأن تنطق بهذا: الله أكبر.
تأمل هذه الآية: «فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ».. الله أكبر.. انظر إلى ملكه: «إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا».. ما السماء الأولى فى السماء الثانية إلا كحبة فى صحراء.. «يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ».. كبّر ربنا فى قلبك.. فى حياتك.. كبّر ربنا فى الناس حولك.. اجعل الله أكبر شىء فى قلبك.. أكبر شىء فى حياتك.. هل فى حياتك ما هو أكبر من الله؟.. ذكر الله أكبر يثبت فى قلبك وعقلك أن الله أكبر.. قل بكل إحساسك: الله أكبر. تخيل لو أنك عشت بهذا الاسم.. كأنك تراه.. من كثرة تعلقك وإحساسك بهذا الاسم.. تعبد الله به كأنك تراه.. أسماء الله الحسنى.. طريق الإحساس العميق بالله.. طريقك للإحسان.
«إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ»، لها معنيان ذكر الله لك أكبر من ذكرك له.. الإمام الراحل الشيخ محمد متولى الشعراوى يقول فى خاطرة له: أنت فى الصلاة متحضر للقاء الله، فإذا انتهيت من الصلاة وأنت مستمر فى ذكر الله فهذا أكبر مقامًا وثوابًا عند الله.
مثال: أن تتكلم عن الملك فى حضرته ووجوده حسن، لكن الأحسن أن تذكر الملك فى خارج حضرته، لكن لو ذكرت ولم تصل.. عملة مزيفة، إذا نودى للصلاة.. فإذا قضيت الصلاة فانتشروا.. واذكروا الله كثيرًا.. استمر فى الذكر خارج حضرته فى الصلاة، وذكرك الله خارج حضرته أكبر من ذكرك له فى حضرته.. كمادح الأمير فى حضرته، ومادحه خارج حضرته.
والمعنى الثانى: ولذكر الله أكبر فى تسهيل تركك للمعصية.. الذكر يميت المعاصى ويحرقها فى قلبك بسهولة دون مقاومة.. كيف ذلك؟ الصلاة دورها تنهى عن الفحشاء والمنكر، لكن يظل المنكر والمعصية فى قلبك، لكن الذكر باب محبة الله «وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ» ستمتنع بحب الله، أى الذكر أكبر فى منعك من المعصية.. «وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ»، الذكر رغم الفواحش حرك رغبة التوبة والاستغفار فى قلوبهم، إذن الذكر يحرك حبك لله فيحرك المعاصى ويذهب حلاوتها.. ويجعلها مُرة مثل الدواء.