رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جمال عاشور يكتب: «تجربتي مع كورونا».. أيام الحب والرعب (4-4)

جمال عاشور
جمال عاشور

حقيقي أن الحظر لا يمنع قدر، وإن ما قدر لك أن يكون عجزت أعتى الأنظمة الصحية في العالم أمامه، وفي يوم وليلة أصبحت واحدًا من بين ما كنت أواسيهم في مصابهم، وأدعمهم في معركتهم مع العدو الخفي، وعلى غفلة أصابني، رغم حرصي الشديد واستعدادي لمواجهته حتى الخروج من المعركة التي تهدد كافة البشرية، لكن في لحظة ما انحدرت الدفة، ولم أشعر بنفسي إلا وأنا أرى لون الحياة الوردي مجرد لوحة سوداء خطوطها مرسومة بالحزن والألم والدموع.

ذكرنا في الحلقات السابقة من "تجربتي مع كورونا".. أيام الحب والرعب، أنني قد وصلت إلى مرحلة الذروة في الإصابة واتجهت إلى جلسات البخار للتخلص من صعوبة التنفس، لمساعدة الشعب الهوائية على العودة لطبيعتها، وظل الأمر حتى يوم الأربعاء 10 يونيو.


- الخميس 11 يونيو

كنت بدأت في لمس التحسن بل والتعافي، فقد ذهبت العديد من الأعراض، حيث استقرت درجة حرارتي، وخفت حدة السعال بدرجة متوسطة، وعادت لي حاسة الشم والتذوق، واختفى الإسهال بشكل تام، وانتظم التنفس، وانتهى الصداع، وشعرت بالحيوية، لدرجة أنني استجبت إلى رغبة الزميل حسين متولي في مقابلته أمام محطة مترو المرج الجديدة ليسلمني مشكورًا بعض العقاقير التي كانت قد نفذت فأحضرها لي، وكنت متخذًا كافة الإجراءات الاحترازية.

وعدت إلى المنزل، واتصلت بالدكتورة فاطمة، لإخطارها بالعقاقير التي أحضرتها، وكان أغلبها فيتامينات، حيث أنها كانت قد وجهتني بأن استمر في تناول الفيتامينات لمدة شهر بعد التعافي، واستفسرت منها عن إمكانية النزول إلى الشارع بشكل يومي في تلك الفترة، فنصحتني بعدم النزول لحين اختفاء جميع الأعراض وبشكل كامل، حتى لا يحدث "ري أكتيفيشن"، يحدث بسبب استعجال المتعافي لفترة النقاهة والخروج من المنزل قبل انقضائها بشكل كامل، مما يؤدي إلى تنشيط الفيروس من جديد في الجسم، لأنه لن يكون قد انتهى بشكل كامل، ويعود له مرة أخرى، وبالفعل عملت بتوجيهاتها.

- الجمعة 12 يونيو

اتصلت بي الزميلة نضال ممدوح التي كانت تتواصل معي للاطمئنان طيلة الأيام الماضية، وعلمت أنني بدأت مرحلة التحسن، وأخبرتني أن هناك صديقة لها اسمها "نورهان محمد" أصيب والدتها بـ "كوفيد- 19"، وأن تلك الزميلة بمفردها مع والدتها، وغير قادرة على التصرف، وطلبت مني التواصل معها وأرسلت لي رقم هاتفها، لطمأنتها وإخبارها بأني كنت مصابًا ومع العلاج والرعاية بدأت في التحسن.

وبالفعل اتصلت بـ "نورهان"، وسمعت منها الأعراض وما وصلت إليه حالة والدتها، فقالت إن حالتها متدهورة وأنها تبلغ من العمر "54 سنة"، فأرسلت إليها صور البروتوكول العلاجي الذي أتناوله وتحسنت عليه، وأرشدتها لكفية استخدام جهاز "نيوبليزر" حال وجود ضيق تنفس، ونصحتها بالتواصل مع الدكتورة فاطمة إبراهيم المتابعة لحالتي وأرسلت إليها رقم هاتفها، وهو ما فعلته بالفعل، وظلت متابعة معها حتى كتابة هذه السطور، ولم تقصر الطبيبة في التواصل معها بشكل يومي، حتى تحسن والدة نورهان، وكذلك تحسنت الفتاة نفسها التي أصيبت هي أيضًا خلال فترة رعايتها لوالدتها.


- السبت 13 يونيو حتى الأربعاء 17 يونيو

رغم شعوري بتحسن حالتي نوعًا ما، لكن الدكتورة فاطمة إبراهيم، نصحتني بالاستمرار في العزلة، مع تناول العقاقير بانتظام، والاهتمام بالتغذية، وشرب السوائل بشكل كبير لدرجة أنني كنت أتناول كل ساعة مشروبًا دافئًا، حتى لا يحدث لحالتي "ري أكتيفيشن"، وهو عودة الفيروس مرة أخرى، أو ما نقول عليه نحن "انتكاسة"، والتي تحدث بسبب استعجال المتعافي لفترة النقاهة والخروج من المنزل قبل انقضائها بشكل كامل، مما يؤدي إلى تنشيط الفيروس من جديد في الجسم، لأنه لم يكن قد انتهى بشكل كامل، ويعود له مرة أخرى.

وخلال هذه الأيام علمت أن الصديق محمد منير، المستشار الإعلامي لوزير الثقافة، يمر بأزمة صحية مشابهة، وظهرت معه الأعراض، وتواصلت معه بالفعل، وشرح لي ما يعاني منه، فأرشدته إلى الكورس العلاجي الذي تناولته، بالإضافة إلى جهاز البخار لأنه كان يعاني من ضيق تنفس شديد، وبالفعل أحضر العقاقير، والجهاز، وبدأ في استخدامهم، حتى وصل إلى مرحلة التعافي، وكنا على تواصل دائم حتى أتم الله شفاءه.

أيضًا تواصلت معي الفنانة التشكيلية رحاب خالد، وأخبرتني أنها أصيبت هي ووالدتها، ووالدها، وشقيقها، وجدتها بالفيروس، وهم يعيشون في بيت واحد، ويتابع معهم طبيب، واستفسرت مني عن الكورس العلاجي الذي اتبعته خلال فترة إصابتي، فأرسلته لها، وأحضرت أيضًا جهاز الـ "نيوبليزر"، خاصة أن والدتها كانت تعاني من ضيق تنفس، وظلت على العلاج أكثر من عشرة أيام فيما بعد حتى تعافوا جميعهم.


- الخميس 18 حتى السبت 20 يونيو

بدأت الأعراض في الاختفاء تمامًا، وتوقفت عن تناول بعض العقاقير خاصة المضاد الحيوي، وخافض الحرارة، واستمريت في تناول الفيتامينات التي أكدت عليها الدكتورة فاطمة بأني استمر في تناولها قرابة شهر على الأقل بعد التعافي التام، والاهتمام بالتغذية، حتى وجهتني الدكتورة يوم 20 يونيو، بأنني من الممكن أن أتحرك وأنزل إلى الشارع قليل في مساء كل يوم لمدة نصف ساعة لاستنشاق الهواء وتغير الحالة النفسية، مع اتخاذ كافة الاحتياطات لأجلي وأجل الآخرين، وعدم بذل مجهود كبير في الفترة الحالية، وهو الأمر الذي أحرص عليه مع استمرار التواصل بالدكتورة فاطمة التي وجهت كثير من زملاء وأصدقاء أصابهم الفيروس بالتواصل معها، وتهتم بهم كلا وفق حالته بجدية ونفس راضية.

لم تٌتَح لي الفرصة بعد لمقابلة الدكتورة فاطمة إبراهيم، التي مهما تحدثت عنها لن أوفيها حقها في مجهودها معي ومع الآخرين وهو أمر يتسق مع عقيدتها وإيمانها برسالة الطبيب، خصوصًا أنها نجحت في علاج العديد من الحالات حينما كانت تتولى إدارة مستشفى العزل في المدينة الجامعية بحلوان، حيث أنها تعد أول سيدة تتولى مديرة عزل، وقد أرست العديد من القواعد والإجراءات في عزل حلوان فاستعانوا بها في عزل مستشفى العجوزة، حيث تعمل هناك، وفي الوقت نفسه لا تتأخر عن متابعة أية حالات من الخارج، وهناك أكثر من مئة وخمسون مصاب تتابعهم أونلاين تطوعًا.

وفي النهاية أصبحت الحمد لله في حالة جيدة، وتعافيت بشكل تام، بفضل ربنا، ودعم والأصدقاء ومساندة الكثير من الأحباب الذين كانوا بجانبي طوال فترة الإصابة.


الحلقة الأولى:
https://www.dostor.org/3137101

الحلقة الثانية:
https://www.dostor.org/3138157

الحلقة الثالثة:
https://www.dostor.org/3139175