رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نصرة قوية وفرحة هنية



نعم ، " 30 يونيو" أراها بحق " نصرة قوية وفرحة هنية " ببتعبير الملهم الرائع " بيرم التونسي " وألخان الوطني النبيل " زكريا أحمد " وشدو العظيمة " أم كلثوم "..و يحق لمواطنبنا ترديدها معهم بعد اجتياز هزائم سياسية واجتماعية وثقافية عاشها المواطن المصري بصبر وجلد ، ولعل أبرزها مايمكن نعتها بالهزائم الثقافية عبر الحقب الأخيرة بداية من أول سبعينات القرن الماضي ..
كانت الهزيمة الثقافية الأولى عندما ساد على أرض الوطن ــ بتدبير مؤامراتي عالمي ــ بداية تأسيس ونشر توجه فكري ظلامي وافد مع بداية الحقب الساداتية ، عندما توجس الرئيس رب العائلة خيفة من قوى اليسار المصرى، ورعبًا غير مبرر من أصحاب القميص الناصرى الأفنديات (كما كان يحلو له وصفهم)، فأطلق عليهم وعلى الوطن جماعات الشر وقبائل التراجع الثقافى والإنسانى، وهيأ لهم فرص دعم مؤامرة الانفلات الاقتصادى، وظهر منهم ومن غيرهم من الانتهازيين من أطلق عليهم " القطط السمان" فى عصر الانفتاح الاستهبالى الاستهلاكى المُيسر لأباطرة الفساد سرقة وتوظيف الأموال تحت لافتات وشعارات دينية ، فكان التحطيم المحزن لحالة اللحمة والاندماج الوطنى بين الناس فى وطن واحد..
نعم، كانت هزيمة ثقافية عندما قبلنا تديين كل مؤسسات الدولة بشعارات تم تلوينها ليسيل لعاب أهالينا الطيبين الذين تصوروها بالفعل أنها من الدين وبأوامر آيات الكتب المقدسة، فدخلوا شركاء فى تجارة تصوروها مع الله العلى القدير، وهى مع حلف تمويل الإرهاب الإجرامي للأسف.
لقد كانت بالتأكيد حالة ضياع البوصلة والهزيمة الثقافية التى جعلتنا لا نرفض على قلب رجل واحد فيما بعد أيضًا التوجه المباركى في تعامله مع الإخوان على مدى ٣٠ سنة، وهو الذى قرر عقد صفقة الضمان لحالة الاستقرار الوهمية مع ذات القوى الظلامية، ليأمن شرورهم ولتذهب مصالح الوطن الحقيقية إلى الجحيم، وكأنه لم يكن هذا الرجل الجالس بجوار الرئيس السادات ، ولم تروعه رصاصات الخسة الإخوانية وهي تخترق رأس وجسد زعيم منتصر يحتفل وسط أولاده بنصر مجيد ، وهو الذي قد منحهم كل فرص الانطلاق العبثى المجنون فى كل شوارع وحارات المحروسة، بعد أن وضع يدهم على الجمعيات الأهلية والمدارس والنقابات والنوادى، واختراقهم المؤسسات الدينية... أكرر ، وكأن مبارك لم ير ويعاين بشاعاتهم التاريخية، فقرر أن يكمل الرسالة.
وفى الوقت نفسه فقد صنع نظام مبارك علاقة مرنة مع الإخوان، سمحت لهم بدخول البرلمان في دوراته المتتالية ، بداية بـ٤ مقاعد فى ٨٤ مع حزب الوفد، وانتهاء بـ٨٨ مقعدًا فى ٢٠٠٥، مرورًا بعضوية النقابات والاتحادات الطلابية ونوادى أعضاء هيئة التدريس ، وغيرها من الأنشطة الممتدة فى طول البلاد وعرضها، بما سمح لهم بالتمدد الكبير الذى واجهناه بعد ثورة 30 يونيو ..
وقبل أن تحدث الهزيمة الثقافية الثالثة ، كان الاحتشاد الرائع لأهل الثقافة والإعلام والصحافة والرأي والإبداع أمام مكتب وزير الثقافة الإخواني ، حتى لا يكتب التاريخ أنهم قد وافقوا على تعيين أول وزير ثقافة إخواني ...
لقد حسمت جماهير تلك الثورة قضية صراع على الوجود وعودة الهوية المصرية ‎فلم تكن أبدا حراكًا ثوريا تقليديا بل معركة وطنية للارتقاء إلى مرتبة المسئولية الوطنية التاريخية في الدفاع عن كيان الدولة المصرية وعن السلام الاجتماعي لهذه الدولة ، فيتقدم الصفوف رمز وطني عظيم للقيادة ، ووكلناه وانتصر " السيسي " لأمته ولمواطنيه في يوم مصري خالد....30 يونيو 2013 ...
يبقى فقط ونحن نواجه تحديات تتنوع وتتعاظم للأسف تبعاتها أن نعلن حالة التعبئة العامة لتجييش كل الطاقات من أجل إعادة روح شعبنا العظيم يوم 30 يونيو 2013 .. وأن يعود لإعلامنا روح إعلام تلك الثورة العظيمة مع أجهزة إعلامية جديدة نأمل لها كل التوفيق .. لم يغد من المقبول أن يخرج من حالة الاصطفاف الوطني شرذمة باغية انتهازية تتاجر في بضائع وأحلام وأماني شعب عظيم وحكومة تجاهد وفائد وطني نبيل .