رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«يصيب الأطفال».. «الدستور» تكشف حقيقة تفشى «كاواساكى» فى مصر الجديدة

كاواساكي
كاواساكي

"أمهات مصر الجديدة يستنجدن لإنقاذ أطفالهن، "الكاواساكي" مرض الصين الجديد يهاجم 8 أطفال بمصر"، تلك كانت بعض العبارات التي تم تداولها مؤخرًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي أفادت بظهور وباء جديد يدعى "الكاواساكي"، بل وحددت المنطقة التي ظهر بها، وهي حي مصر الجديدة بالقاهرة، لتكون هذه العبارات كفيلة وحدها بإثارة الرعب والذعر في نفوس كل قارئيها، في الوقت الذي ما زال فيه فيروس كورونا، يعمل وحده بتلك المهمة منفردًا، وكأن ما يحدثه "كورونا"، في نفوس المواطنين ليس كافيًا ليأتي وباء آخر يستكمل مآسي الوباء.

فما هي حقيقة ظهور هذا المرض بمصر وتحديدًا في حي مصر الجديدة كما أشيع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وما طبيعة هذا المرض، وهل هو وباء جديد أم لا؟ ذلك ما سنعرفه بهذا التقرير التالي:


ظهور "كاواساكي" في بعض الدول لا يعني ظهوره في مصر

الدكتور مجدي بسيوني، المدير الطبي لمستشفى "السعودي الألماني" ذلك المستشفى الذي ادعت الأنباء المتداولة باحتجاز الأطفال المصابين بمرض "الكاواساكي" به، قال: "لا صحة لما تردد على مواقع التواصل بشأن تسجيل المستشفى 8 أطفال مصابين بمرض "كاواساكي على الإطلاق"، موضحًا أن ما تم تداوله هو أمر عارٍ تمامًا عن الصحة، وأشار مجدي إلى أن "كاواساكي" هو مرض نادر يصيب الأطفال دون سن الخامسة، وتشمل أعراضه الحمى والطفح الجلدي والتهاب العينين واحمرارًا في البلعوم وتجويف الفم، وتورمًا في أكف اليدين والقدمين وتضخم العقد اللمفاوية في الرقبة.

وأضاف في تصريحاته، أن وزارة الصحة تتابع دوريًا مع المستشفى الحالات المرضية التي يتم استقبالها، خاصة المرتبطة بفيروس كورونا المستجد، ويتم إرسال البيانات الرسمية بشكل مستمر، مؤكدًا أنه إذا كان هناك أى من الحالات المصابة بهذا المرض في مصر لكانت وزارة الصحة قد أعلنت ذلك بنفسها، مشيرًا إلى أننا يجب ألا نتبع الشائعات المنتشرة على مواقع التواصل أو غيرها خاصة في قضايا مهمة مثل ذلك.

الأمر ذاته أكده الدكتور يحيي الشاذلي، نائب رئيس اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية السابق موضحًا أنه ليس بالضرورة ظهور وباء في مصر لمجرد ظهوره بعدد من دول العالم، وأضاف: لا بد أن نتخذ الهيئات الرسمية دائمًا هي المصدر الوحيد للحصول على المعلومة وعدم الاعتماد في ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي التي وصفها بأن أكثر من 90 % مما يتداول بها عار تامًا من الصحة، ولا يهدف إلا لإحداث البلبلة والفتنة وإثارة الرعب في النفوس فقط.

ولمزيد من التبيين، حول صحة أنباء الأطفال مرضى "كاواساكي" بحي مصر الجديدة اتجهت "الدستور" للتواصل مع العميد حسن صفوت موافي، رئيس حي مصر الجديدة، الذي أكد عدم ورود أي أنباء تفيد بهذه المعلومات إلى رئاسة الحي موضحًا أنه إذا كانت هناك حالة واحدة من الإصابات بهذا المرض بين سكان الحي، كان حتمًا سيكون لدى السلطات المسئولة المعلومة الكاملة حول ذلك، لذا نبه العميد صفوت إلى ضرورة عدم الانجراف وراء ما يصدر من شائعات بوسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها، والتأكد جيدًا من مصدر المعلومة لما يسببه الأخذ بالشائعات من آثار ضارة على المجتمع خاصة، ونحن في وقت لا يحتمل به المواطنون الشعور بالقلق والذعر.

ومن جهة أخرى أوضح الدكتور أحمد عبدالعزيز الدسوقي، استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة بمستشفى المنصورة الدولي، وعضو هيئة صحة أبوظبي، واستشاري المبتسرين بمستشفى المفرق الدولي بأبوظبي سابقًا أن مرض الكاواساكي هو مرض نادر الحدوث بشكل كبير مشيرًا إلى أنه كان موضوع دراسته بالبحث في رسالة الماجستير عام 2004، وبهذه الرسالة أجرى أبحاثه على 16 من الأطفال المصريين، وكان من الصعب جدًا وقتها جدا الوصول إلى هذا العدد في مصر نظرًا لندرة هذا المرض بمصر.

وعنه يقول "عبد العزيز" مرض "الكاواساكي" ليس بالمرض الجديد على مصر والبلدان العربية، فهو يصيب الطفل نتيجة عدوى بفيروس (أي نوع) أو نتيجة التعرض لأجسام مثل الغبار أو أحيانًا بعض أنواع حشرات الفراش وبه يحدث فرط مناعي لمواجهة الأوعية الدموية لجسم الطفل، وأهمها الشرايين التاجية. ويؤكد عبد العزيز أن هذا المرض هو موجود في مصر؛ ومنذ فترات بعيدة "قبل فيروس كورونا" رغم قلة الحالات؛ إلا أنه ليس منعدم الحدوث.

أما عن نشأة المرض يوضح أخصائي الأطفال أنه أكتشف في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، أما ما جعل هذا المرض يبدأ اسمه بالانتشار حاليًا حسبما يوضح فهو تحذيرات بعض الدول عقب انتشار فيروس"كورونا" بوجود حالات من الإصابة بمرض "الكاواساكي" النادر بين أطفالها، وهو ما أثار تخوفه- على حد قوله- موضحًا أن العلاقة بين فيروس "كورونا" وبين "الكاواساكي" غير واضحة إلى الآن.

إلا أن فيروس "كورونا"- حسبما يشير- من الممكن أن يعمل على تنشيط جهاز المناعة في الطفل بشكل مفرط، وبالتالي يكون معرضًا لحدوث أعراض المتلازمة، إلا أنه يؤكد عدم وجود أي من الأبحاث العلمية الدقيقة التي تؤكد أو تنفي علاقته بفيروس كورونا؛ مشيرًا إلى أن منظمة الصحة العالمية في أول شهر مايو الماضي نبهت إلى أعراض "كواساكي" على غير عادتها وطلبت استقصاء دولي عن عدد الحالات كإشارة غير مباشرة بعلاقته بفيروس كورونا المستجد، وهو الأمر الذي طالب بالتنبه له.


أعراض كاواساكي

ويذكر أن مرض "كاواساكي" يعرف حسب التقارير الطبية بأنه التهاب حاد في جدار الأوعية الدموية المتوسطة والدقيقة، مثل الأوعية الدموية المغذية لعضلة القلب (الشريان التاجي)، ويصيب الكاواساكي الغدد الليمفاوية مسببًا تورمها والتهابها، كما يستهدف أيضـًا الأغشية المخاطية للعين والفم والأنف والحلق.

وأعراض مرض كاواساكي تتشابه مع مرض الحصبة والحصبة الألمانية، وكذا الحمى القرمزية والنزلة المعوية، والحمى الروماتيزمية ومتلازمة ستيفن جونسون، والالتهاب السحائي ومتلازمة الصدمة التسممية، ومتلازمة الفم واليد والقدم.

وكما أوضحت التقارير الطبية فإنه لم تعرف أسباب هذا المرض إلى الآن إلا أن لهُ علاج ولا يحتاج سوى التشخيص الصحيح السريع لكي لا تحدث مضاعفات خطيرة للطفل.

أما عن أعراض مرض كاواساكي كما وصفه الأطباء تظهر خلال أربعة مراحل؛ كل مرحلة تستمر أسبوعًا كاملًا، ففي المرحلة الأولى يظهر ارتفاع درجة حرارة الجسم إلى 39 درجة مئوية أو أكثر فجأة بدون سبب واضح، وكذا احمرار العينين بغير إفرازات أو صديد، بالإضافة إلى طفح جلدي كذلك الذي يصيب منطقة الجذع ثم الأطراف ومنطقة الحفاض، وأيضًا من أعراض هذا المرض احمرار الأغشية المخاطية في جميع أنحاء الجسم مثل الفم واللسان والأنف والعينين والحلق احمرارًا فاقعًا؛ وهو ما يطلق عليه لسان الفراولة، واحمرار باطني الكف والقدم وتورُمهما، والتهاب وتورم الغدد الليمفاوية في الرقبة وربما جميع أجزاء الجسم.

و المرحلة الثانية لمرض كاواساكي تأتي أعراضها على هيئة تقشر الجلد على اليدين والقدمين وخاصة أطراف الأصابع، ويصاحبها ألم شديد في المفاصل حيث لا يستطيع الطفل التحرك أو التقلب أثناء نومه، بالإضافة إلى المعاناة من الإسهال والقيئ، وآلام في البطن، مع استمرار الحرارة العالية.

ونظرًا لكون هذا المرض يهاجم الأطفال صغار السن فيصعب على الطفل ذو السن الأقل من عامين أن يشتكي أو أن يحدد مكان الألم مما يُصَعِّب ويُؤخر التشخيص.

أما المرحلة الثالثة فتكون في الأسبوع الثالث من مهاجمة المرض لجسم الطفل وهنا قد تكون درجة الحرارة طبيعية وقد تظل مرتفعة كما هي، إلا أن أعراض فقد الشهية والإعياء وآلام المفاصل تظل قائمة، كما تبدأ التغيرات في تحاليل الدم؛ وهذا ما يجعل التشخيص صعبًا أو متأخرًا حيث لاتَحدُث تغيرات في تحاليل الدم إلا في هذه المرحل، فبها تزداد عدد الصفائح الدموية زيادةً كبيرةً، وتقل نسبة هيموجلوبين الدم، كما أنه هذه المرحلة إذا لم يتم العلاج تبدأ المضاعفات في الحدوث؛ وهي التهاب الشريان التاجي بالقلب وحدوث التمدد الشرياني الذي قد يُؤدي إلى جلطات القلب وموت الفجأة.

والمرحلة الرابعة تعد هي مرحلة النقاهة؛ في بعض الأطفال الناجِين من المرحلة الثالثة تبدأ درجة الحرارة في الانخفاض، وتبدأ باقي الأعراض في الانحسار ولكن يبقى التهاب الشريان التاجي مهددًا لحياة الطفل في أي وقت، فيبدأ الطفل في التعافي وتعود شهيته للطعام ويختفي احمرار العينين واللسان.

تستمر هذه المرحلة بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، تبقى ضرورة علاج الطفل ضرورة قصوى حتى مع انحسار الأعراض؛ لتجنب حدوث المضاعفات.

والجدير بالإشارة أنه أعلنت أول إصابة بمرض "كاواساكي" النادر بالجزائر الشقيقة بشهر يونيو السابق، لتصيب طفل رضيع يبلغ من العمر 32 شهرًا، وذلك حسب ما أوردته بعض الوسائل الإعلامية الجزائرية.