رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الخميسى


«ما تزوقينى يا ماما»، حكيت كتير قبل كده حكاية الغنوة دى، لما عبدالرحمن الخميسى خد بليغ حمدى، وطلعوا على الإذاعة وعلى مها صبرى، وخدوا عرابين على أغنية مالهاش وجود، علشان كانوا مفلسين وعايزين أى فلوس.
فيه حكايات تانية كلها فى هذا الاتجاه، توضح لك حياة الخميسى كانت عاملة إزاى، إحنا قدام شخص عايش يومه بـ يوم، بـ يعمل حاجات كتير، استنادًا لـ موهبة أو مواهب غزيرة وفيرة، ومجتمع غنى، فيه سبل كتير لـ استغلال المواهب.
الخميسى اتولد فى بورسعيد، بعدين أسرته راحت المنصورة، درس فى مدارسها وما كملش، من وهو صغير بـ يبعت قصايد لـ المجلات، سنة ١٩٣٦ وهو عنده ١٦ سنة، يقرر ينزل القاهرة، يعمل إيه فى القاهرة؟ أى حاجة، يعيش زى ما قلت لك يوم بـ يومه.
اشتغل فى محل بقالة، اشتغل كمسرى، اشتغل مدرس، اشتغل مصحح، كانت بـ تعدى عليه أوقات ما يلاقيش مكان يبات فيه، فـ يبات على دكة فـ جنينة، كان بـ يلف مع فرقة المسيرى «فرقة شعبية خرّجت فنانين كتير، منهم محمود شكوكو، وابن المسيرى مؤلف وملحن حبة فوق وحبة تحت بتاعة عدوية».
المهم إنه الخميسى عاش وراح وجه، لـ حد ما تهيأت له السبل، ودخل عالم الصحافة، من باب جرنان «المصرى»، ذى الاتجاه الوفدى العتيد، ولما جات حركة يوليو ١٩٥٢، يدوب عدت سنة، وخلافات الوفد مع الثورة بانت، وحصلت حركة اعتقالات، طالت الخميسى، فـ فضل فى المعتقل من يونيو ١٩٥٣ لـ ديسمبر ١٩٥٦.
مع العدوان الثلاثى، خرج بـ ما يشبه الصلح مع نظام ناصر، انضم لـ جورنان الجمهورية، وفضلت المسائل فيها شد وجذب، شوية يكتب وشوية يبعدوه عن الصحافة، يدوه وزارة التموين، وهو ماشى فى قصة الفن، وعمل فرقة مسرحية، دى اللى اكتشف من خلالها سعاد حسنى، لما كان معرفة لـ جوز أمها عبدالمنعم حافظ.
فى الفرقة دى ألّف وأخرج ومثل، وكل عرض بـ عرضه، بس اتفركشت بعد كام سنة، لـ ضيق ذات اليد طبعًا.
فى النص اشتغل لـ الإذاعة، وعمل حاجات نجحت منها أوبريت حسن ونعيمة، اللى قرروا يحوّلوه فيلم سينما، الفيلم اللى شفناه كلنا، وقدم من خلاله سعاد حسنى ومحرم فؤاد، وعمل أفلام سينما تانية مش معروفة، وعمل الموسيقى التصويرية ليها كمان.
لما جه يوسف شاهين يعمل الأرض، اقترح على الخميسى يعمل دور الشيخ يوسف البقال، تردد فى الأول، بعدين اشترط هو كمان يكتبوا اسمه الأول، وبعد هات وخد، حطوا اسمه منفردًا فى آخر التترات خالص، بـ نفس بنط وفونط الأبطال.
اللى بـ أشوفه، إنه الخميسى عمل الدور بـ إتقان شديد، خصوصًا مشهد «خد قوتى وقوت عيالى يا عبدالهادى»، وعمومًا هو قدر يلبس الشخصية تمام، ويبين تناقضاتها، وتوزعها بين ماض ثورى وحاضر غائم، ومستقبل محتاج تشتغل بـ مبدأ خف تعوم.
هو ما كانش قرا الرواية، عشان كدا لما يوسف قال له شيخ يوسف البقال، كان معترض على إنه لما ييجى يمثل، يعمل دور بقال، بس شاهين بعت له الرواية، ومن الواضح إنه ذاكرها كويس، لـ إن فيها تفاصيل أكتر كتير من الفيلم، الفيلم ما كانش مطالب بـ سردها، إنما الممثل مطالب بـ إن أداءه يخلينا نحسها.
بعد الفيلم، الخميسى بدأ رحلات السفر فى بلاد الله، إيشى بغداد، إيشى ليبيا، ومات فى موسكو سنة ١٩٨٧، سايب زيجات كتير وأولاد كتير «١٣ ابن وابنة» وأحفاد كتير، عرفنا بعضهم فنانين وكتاب وخلافه.