رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دراما تحفظ رصيدنا من اليأس

رضا أحمد
رضا أحمد



الرسام المصرى سمير رافع (١٩٢٦-٢٠٠٤)
أستعين بظلى
فى ممارسة الحزن والندم
لدىّ ما يكفى أيضًا من الوجوه التراجيدية
ولا بأس حين ينتزع الموت الفجائى منّى دمعة
امرأة مثلى تقاضى أيامها الباردة
بكتابة عرائض
تلصقها على ستائر الليل
وحين ينفد منّى الأرق
أستسلم للخواء فى رأسى
وأصاحب مواتى إلى القبر
حيث لا حجر سيحمل اسمى
ولا ساق وردة تصلح للكتابة
لن أتضامن مع أحد
لست المسمار الملائم لترتفع صورة
قد تنازلت عن حقى فى تثبيت إطار المحبة
حول الوجوه
رأيتك تخشى الضوء والماء والعصافير الكبيرة
تحتضن وحدتك
فى تنويمة خائفة ومريضة
تفتح عينيك
لا تسعك النجوم
والذكريات المعلقة على المشانق
إخوتك الكبار
ينفخون الحياة فى جسد الشمس عبر أسلاك الكهرباء
وأنت تقرض كل ليلة لحاء الشجرة الوحيدة
التى أهدانا إياها الظل
وتركتها الحرائق
تذكارًا ممتدًا لوسامة الموت
وخرافة الحياة
فى مصر
تسير الأرصفة على أربع
وأحيانًا تتكئ على الهواء
تبتلعه...
وتطير بمحاذاة العشش النائية على النيل
لذا لسنا بحاجة إلى عبور درب الآلهة القديم
والتجول فى كعوب الكهنة
من هليوبوليس إلى طيبة بعيب صغير
الوقت ممتد بين عربات تنقل الموتى لأشغالهم
فى الحقول الجافة
والزعيم الذى يحرص على حياته
ينتشل كل طوف يحيط به الماء منذ الأزل
سواء كان قطعة حجر
أو سماء
أو ولدًا
أكثر ما يبكينى
أن هناك من ظل يقشر وجه السماء
يحفر بها الآبار والأنفاق والسراديب
ولم يجد قبر الإله الذى يعبده
كل الذين وقفوا خلفك
أسقطوك
ليعبروا فوقك
مثل جذع شجرة تشبث بالصخور
فى طريق الطوفان
هنالك من يرفع قلبه إلى السماء
وحول رقبته مشنقة
يريد أن تجتذبه يد الرحمة من هذه البئر العطنة
لا خيار أمامه سوى أن يستعيد قنوطه
وهيئته القديمة
حين يكور رأسه المنزوع
ويضعه جوار ظله
يقول للأولياء: خذونى إلى صانع المطر
عينى جفت
وقلبى صار لوحة فارغة
فى القاهرة
لا نزرع الأزهار ودموع الراوى
وكل البضائع الأخرى
التى يأكلها المرض نفسه عند الحب والموت
فى القاهرة
ننسى كل شىء
حتى أسماء الرفاق
الذين صحبونا إلى المزابل
لنرى الكلاب تنهشهم تحت أعيننا
الناس هنا لا يخربون الطرق
بل يحملون قطعًا منها على أكتافهم
ويخبئونها تحت الأسرة
يجلبون لها الماء والطعام والدواء
يدللونها
ككل اللحظات السعيدة التى يخشون ضياعها
بمجرد أن تتخطاها أقدامهم
من ديوان «أكلنا من شجرته المفضلة» الفائز بجائزة
حلمى سالم