رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

طه حسين ونجيب محفوظ.. كيف عرف المصريون كافكا؟

طه حسين ونجيب محفوظ
طه حسين ونجيب محفوظ

لم تعرف مؤلفات كافكا مصر حتى بداية الأربعينيات، لكن شاءت الأقدار أن يتعرف عليها عميد الأدب العربي طه حسين أثناء زيارة له إلى فرنسا في صيف 1946، حيث كان كافكا بمؤلفاته يعتبر موضة انشغل بها الفرنسيون، ولكن الاهتمام الحقيقي والأكاديمي ظهر بعد مناقشة أول رسالة للدكتوراه عنه وتقدم بها هيربرت ناوير في زيوريخ عام 1941.

وفي الوقت الذي قرأ فيه طه حسين كافكا بالفرنسية فإن نجيب محفوظ قرأه بالإنجليزية، وقال نجيب محفوظ في كافكا:" بالتأكيد يمكن أن أذكر وأذكر أنني قرأته مع كل من عادل كامل وأحمد زكي مخلوف وذلك في نفس العام الذي بدأت فيه علاقتي مع عادل كامل، والذي عرفني على كافكا فقرأته بالإنجليزية وقرأت له عملين هما المحاكمة والقلعة.

والفارق في مدى تأثير كافكا على كل من طه حسين ونجيب محفوظ هو أن طه حسين تعرف عليه في فترة كانت موجة التأثر به تجتاح أوروبا كلها، حيث كان يتدفق في كل بقعة عليها فيض هائل من المقالات والتحليلات تتلقاها المجلات بنهم كبير حتى إنه سيطر اعتقاد لسنوات طويلة على أية مجلة في أنها قد تفقد مكانتها وسمعتها لو لم يتضمن كل عدد منها مقالًا عن كافكا، وبذلك أصبح فكر كافكا مادة يتناولها علماء الفكر والأدب بالشرح والتحليل.

كل ذلك كان دافعا لأن يخص طه حسين إنتاج وفكر كافكا بدراسة ممتعة ظهرت على صفحات الكاتب المصري عدد شهر مارس 1947، وأعاد نشرها بعد ذلك، بعشر سنوات تقريبًا في شكل مقالات نقدية بعنوان ألوان صدرت عن دار المعارف عام 1958.
أما نجيب محفوظ فقد تأثر به بعد هزيمة يونيو 1967، وظهر هذا التأثر واضحًا في روايته" خمارة القط الأسود"ـ وهي أول أعمال محفوظ بعد النكسة، وتتالت أعمال العبث مثل تحت المظلة، وحكاية بلا بداية ولا نهاية، وهنا يمكن القول بالفعل أن نجيب عرف كافكا حقيقة بعد النكسة.

ولكن في المجمل فإن طه حسين ونجيب محفوظ اختلفا على فرانز كافكا، ففي الوقت الذي تعرف فيه طه حسين على كافكا اهتم بكتاباته واتجاهاته الفكرية وخصها بمقالة ودراسة ممتعة، في حين أن محفوظ تعرف عليه من خلال عملين هما القلعة والمحاكمة، فظهر في مؤلفاته الاتجاه الكافكاوي بعد هزيمة يونيو.

وفي دراسة طه حسين عن كافكا عمل على تحليل شخصية كافكا من خلال أعمال بأنها انعكاس لشخصية إنسان ضحية مجتمع تحكمه فئة عابثة مجهولة تقوم بدور خسيس تجعل الإنسان البرئ متهمًا، وذلك حسبما ذكر الدكتور أحمد كامل عبدالرحيم في مقال له بجريدة القاهرة.