رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مقرئون وعُمال فِراشة يشكون وقف الحال بسبب كورونا: «لا عارفين نفرح ولا نحزن»

تأثيرات كورونا علي
تأثيرات كورونا علي الأفراح والمآتم

لم تنحصر التداعيات الاقتصادية لأزمة فيروس «كورونا المستجد» على حركة البيع والشراء أو الاستيراد والتصدير فقط، لكنها أصابت أيضًا المظاهر الاجتماعية التى يتعامل معها المصريون بقدسية كبيرة، مثل الأفراح والمآتم والمعارض والمهرجانات العامة، وغيرها من المناسبات التى تحتاج لمجموعة كبيرة من التجهيزات التى يتم إسنادها إلى أصحاب مهنة «الفِراشة». فتفشى الفيروس فى العديد من محافظات الجمهورية، بعد ضربه غالبية دول العالم، أثر بشكل كبير على العاملين فى سوق المناسبات بتنوع أغراضها بين حفلات الزفاف أو المآتم أو غيرهما. «الدستور» تستمع فى السطور التالية إلى عدد من العاملين فى تلك السوق الكبيرة، الذين حكوا عن أجواء وطبيعة أعمالهم وسط تلك الأزمة، والمشكلات التى يعانونها فى ظل قرارات الدولة بإيقاف المناسبات العامة أو أى أنشطة تشهد تجمعات.

هشام توشكى: اعتبرتها إجازة.. وملتزم بأجور «الصنايعية»

اعتبر هشام توشكى الإجراءات التى فرضتها الدولة للسيطرة على الوباء وأدت إلى توقف إقامة الأفراح والمآتم فرصة ذهبية للحصول على إجازة بعدما يزيد على ٣٠ عامًا من العمل المتواصل بدون انقطاع. وقال «توشكى»: «عندى ٥٣ سنة، وعمرى ما عرفت آخد إجازة شغل، من أول ما ابتديت المهنة دى من ٣٣ سنة، لأن الأفراح والمآتم مابتخلصش.. ففيها إيه لما الواحد يريح كام شهر؟». وكشف الرجل الخمسينى عن أنه يعمل فى نطاق فيصل وحدائق أكتوبر والسادس من أكتوبر، بمحافظة الجيزة، وكل هذه الأماكن، كغيرها جرى فيها إيقاف إقامة السرادقات، سواء للأفراح أو المآتم، لذا اضطر إلى إعادة كل «عربون» استلمه من الزبائن.
وأشار إلى أنه يقع على عاتقه دفع أجور عدد كبير من العمال فى مختلف أماكن انتشاره، مؤكدًا التزامه بأجور هؤلاء المساعدين من «الصنايعية»، على اعتبار أن ذلك أقل ما يمكن تقديمه لمصر وأبنائها فى هذه المرحلة.


نجاح الديب:«رجعت العربون للزبائن.. والمهم السلامة»

الأمر لم يختلف فى مدينة نبروه بمحافظة الدقهلية، فالأفراح وغيرها من المناسبات الاجتماعية التى يقيمها الأهالى أسدلت ستائرها، بعدما بدد تفشى فيروس «كورونا المستجد» خطط الأسر التى كانت تنتظر إقامة هذه المناسبات.
أثر ذلك بالطبع على أصحاب «الفِراشات»، ومن بينهم نجاح الديب، صاحب «فراشة الديب»، الذى يمارس مهنته منذ أكثر من ٣٠ عامًا، ويواجه مثل هذه الأزمة للمرة الأولى فى حياته.
وقال الرجل الستينى: «الأمور تزداد سوءًا من الناحية المادية ولا أحد يأمن العواقب، ومع ذلك لا نخالف التعليمات ولا نقيم أى سرادق سواء فى أفراح أو مآتم، كما أن جهاز الشرطة لا يسمح بذلك، ويطالب بإزالة أى سرادق فورًا، منعًا لأى تكدس قد يؤدى لانتشار العدوى بالفيروس الذى ضرب غالبية دول العالم».
وكشف عن أن الأهالى يحاولون فى بعض الأوقات إقامة «احتفال جزئى» بالزفاف، وذلك بتأجير عدد من الكراسى ووضعها أمام المنزل، لكن يتم منع ذلك أيضًا باعتباره تجمعًا، لذا أصبحت مناسبات الزواج تقام فى إطار ضيق للغاية، أو إلغاء مراسم الفرح تمامًا». ورغم استياء «الديب» من وقف الحال، يأمل فى أن يزيح الله الغمة ويكتب للجميع السلامة أهم من أى شىء آخر، مشيرًا إلى إعادته «العربون» الذى استلمه فى وقت سابق من الزبائن، لأن إلغاء الحجز ليس بأيديهم، ولا حيلة لهم فى ذلك.

أيمن رباح: العزاءات باتت تقتصر على «كام كرسى» أمام المنزل

رغم عملهم فى منطقة شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، التى يحرص سكانها عادة على الاحتفال بالمناسبات المختلفة عبر إقامة الشوادر والسرادقات وتعليق الأنوار وغيرها من المشاهد المتعلقة بالمناسبات الاجتماعية، لكن الوقف طال «أولاد رباح» المتخصصين فى «الفِراشة»، كما أضر بزملاء المهنة ذاتها، وغيرهم من العاملين فى المهن والحرف المختلفة.
فمنذ أشهر لم يجهز «أولاد رباح» «الفِراشة» لأى مناسبة، سواء كانت فرحًا أو مأتمًا، التزامًا بقرارات الحكومة المتعلقة بمنع التجمعات فى الأفراح أو المآتم وغيرهما من المناسبات الاجتماعية.
وعما حل بعمله، قال أيمن رباح: «العزاءات أصبحت تتم فى أضيق الحدود ولا تتجاوز استئجار عدد محدود جدًا من الكراسى لوضعها أمام منزل المتوفى لاستقبال بعض المعزين، على عكس ما كان يحدث فى الماضى». وأرجع «رباح» ما أسماه «وقف الحال» إلى أن «الناس فى حالة خوف من تفشى فيروس كورونا، كما أن الحى لم يعد يسمح بالتجمعات الكبيرة، والكل يخشى من ارتكاب أى مخالفة حتى لا يتعرض للغرامة».
وأضاف: «المشكلة فى مجالنا هى أن الضرر وقع على الجميع، فصاحب العمل أصبح لا يجد عملًا، ومن ثم لم يعد قادرًا على دفع الرواتب للعمال لديه».
واعتبر أن الأسوأ هو عدم قدرة هؤلاء العمال على التقدم لصرف منحة الـ٥٠٠ جنيه التى قرر رئيس الجمهورية صرفها للعمالة غير المنتظمة، لأن مهنة أغلبهم غير مثبتة فى بطاقاتهم الشخصية، لذا لا يمكنهم إثبات تضررهم من توقف العمل.


ممدوح عامر: اعتذرت عن عدة عروض للتلاوة التزامًا بالإجراءات الاحترازية الحكومية

وصف الشيخ ممدوح عامر، قارئ القرآن الشهير، إقامة ندوات أو محاضرات أو أى تجمعات فى ظل هذه الظروف بالأمر غير الجائز، كاشفًا عن تلقيه عدة عروض لقراءة آيات الذكر الحكيم فى مناسبات واعتذاره عنها التزامًا بالإجراءات الوقائية التى يجب على الجميع اتخاذها. وقال «عامر»: «حل الأزمة الحالية يكمن فى تحمل الجميع المسئولية، ومكافحة اللامبالاة التى تظهر من البعض، والمكوث فى المنازل حتى تمر هذه الأيام الثقال بسلام»، مشددًا على أن «قراءة القرآن الكريم رسالة، وهو ما يدفعه للحرص على صحة المواطنين». ورأى أن تخفيف التداعيات السلبية لانتشار الفيروس يكمن أيضًا فى التكافل المجتمعى، ومساعدة الناس بعضهم البعض، ومساندة الغنى الفقير، ورفع الضرر عن أكثر الناس تضررًا لكى نتجاوز تلك المرحلة.
وأضاف: «كل فرد فى المجتمع عليه أن ينشر التوعية فى دائرته المحيطة، لكى يدرك الناس حجم الأزمة، ونستطيع إقناعهم بالإجراءات الوقائية الواجب اتخاذها». وتابع: «أزمة فيروس كورونا لا تؤثر على فرد واحد وإنما على العالم أجمع بشعوبه كافة، وأراها رسالة من الله لجميع البشرية، وتتطلب منا أن يسود نظام التكافل بين أفراد المجتمع ككل لكى نتخطى تلك الأزمة».

خالد المصرى: مستمر فى تحفيظ القرآن للأطفال عبر «السوشيال ميديا»

أكد خالد المصرى، الذى يعمل إمامًا وخطيبًا فى منطقة المقطم، أنه وغالبية الأئمة والدعاة تأثروا بأزمة تفشى فيروس «كورونا المستجد» مثل غيرهم، بعدما تم غلق المساجد التى يؤمون فيها الناس، وحرموا من صلوات الجمع والجماعة.
وقال «المصرى» الذى يملك حضانة ودار تحفيظ قرآن أيضًا: «غلق دور تحفيظ القرآن والحضانات أثر علينا ماديًا، وأغلق باب رزق نعيش منه، وكذلك معنويًا لحرماننا من الدعوة إلى الله، وتعليم الأطفال الصغار، وممارسة العبادات فى المساجد».
وكشف عن أنه فى بداية الأزمة عمل على توعية الناس وتذكيرهم بأن يرجعوا إلى الله، والأخذ بأسباب الوقاية الشرعية والطبية، من خلال الخطب فى المساجد، وللأطفال وأولياء الأمور فى دار تحفيظ القرآن التى يملكها، وبعد إغلاق المساجد ودور التحفيظ، اتجه إلى تقديم النصائح للناس عن طريق مواقع التواصل الاجتماعى، حيث ينشر رسائل توعية عن الأخذ بأسباب الوقاية، وعلى رأسها ملازمة المنزل، ومعاونة الجهات المختصة على مواجهة الأزمة.
وأوضح هذه النقطة بقوله: «عندما توفقت الأنشطة بدأت فى تطوير مجال عملى، عن طريق منح الأطفال فرصة للاتصال بى عن طريق الاتصال الهاتفى، أو مواقع التواصل الاجتماعى صوتًا وصورة، لمتابعة حفظ القرآن ونشاط التعليم».
وأضاف: «كذلك نبهت على معلمات الحضانة ممارسة النشاطات كاملة يوميًا، عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وكأننا فى العمل، وذلك بدون مقابل مادى ابتغاءً لمرضاة الله، ومساعدة الناس على تخطى الأزمة، وربط الأطفال بالقرآن والدراسة».

أمين نقابة القراء: «أهل القرآن بخير»

قال الشيخ محمد حشاد، شيخ عموم المقارئ المصرية القائم بأعمال نقيب القراء، إن وطأة ما تمر به البلاد الآن، بسبب فيروس كورونا المستجد، على قارئى القرآن والمشايخ أقل بكثير من غيرهم، موضحًا أن «الغالبية العظمى منهم لها مصادر دخل أخرى، فمنهم من يعمل فى الأوقاف ومنهم من يعمل إمام مسجد أو فى التدريس أو غيرها من المهن التى تمثل دخلًا ثابتًا لهم». ودعا «حشاد» القراء والمشايخ لاعتبار هذه الأيام هدنة اختيارية وفرصة لمراجعة وقراءة القرآن الكريم والتمكن من علوم القرآن، لأن الانشغال بالعمل يمنعهم من المراجعة المستمرة، وتابع: «أهل القرآن بخير وربنا ساترهم».