رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«في ذكرى رحيله».. كيف تأثر المسيري بدراسة جمال حمدان عن اليهود؟

الكاتب الكبير عبد
الكاتب الكبير عبد الوهاب المسير

آمن الكاتب الكبير عبد الوهاب المسير الذي تحل اليوم ذكرى رحيله، بأن المثقف الذي لا يترجم فكره إلى أفعال لا يستحق أن يطلق عليه هذا اللقب بين بنى مجتمعه، فهو الذي رفع شعار "المقاومة تبدأ بالمعرفة".

عرف عن المسيري أنه صاحب رؤية فلسفية حضارية تؤمن بتعدد أبعاد مشروع التأصيل الحضاري في مجالات العلم والمعرفة والأخلاق والقيم والسياسة والاجتماع، مما جعله يؤسس مشروعًا فكريًّا تجديديًّا منهجيًّا له امتدادات إيمانية وإنسانية وعروبية باقتدار، بما يمتلكه من أدوات وآليات صياغة وصقل جوانب أساسية في الهوية العربية الإسلامية.

وكان الراحل قادرا علي إشاعة البهجة والسعادة في نفوس كل من حوله، وكانت لديه القدرة علي أن يصنع لنفسه دروبا وطرقا إلي أعمق ما في النفس الإنسانية ببساطته ورحابة صدره، والذي يتفهم الضعف الإنساني فيمن حوله ويقبلهم علي علاتهم وضعفهم ويظل باشا لهم متقبلا لهم دون أن يجرح مشاعرهم أو يكسرهم بوضعهم في أحجامهم الحقيقية، فكان لا ينشر كتابا إلا بعد أن يقدمه بمقدمة يشكر فيها كل من عاونه أو ساعده أو قدم له خدمة ولو كانت صف كتابته علي الكمبيوتر أو مراجعتها لغويا أو ربما شراء ورق للكتابة وأقلام، وهو يشكر الجميع ويحتفي بهم باعتبارهم شركاءه في هذا العمل دونما قلق أو غضب من أن يستغله أحدهم.

تأثر الراحل كثيرًا، بمنهج المفكر الكبير جمال حمدان، في دراساته الجغرافية عموما، ودراسته عن اليهود خصوصا، فيقول عن ذلك: "قرأت كتاب اليهود أنثروبولوجيا حينما كنت أكتب موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية: رؤية نقدية والتي صدرت عام 1975، كنت أحس نحوه بالإعجاب الشديد سواء في أسلوب كتابته أم أسلوب حياته: هذا الزهد العلمي الشديد، هذا الإعراض عن الدنيا الذي مكنه من إنجاز بعض جوانب مهمة من مشروعه المعرفي الضخم، ولعل هذا هو الذي شجعني على الاستقالة من الجامعة لأنجز مشروعي المعرفي".

ويضيف: "وبعد إنهاء الموسوعة جلست لأتأمل في مصادر فكري فهالني حجم تأثري به في طريقة تفكيره، لقد جاء في كتابه الكثير من المعلومات ولكن بقي ما هو أهم: بقي فكره ورؤيته ومنهجه، فمن الواضح أنني تعلمت من جمال حمدان رفض الواحدية المادية العلمية والتعصب للمناهج الرياضية وإعادة الاعتبار للخيال والمجاز والحدس في عملية التفكير العلمي، ومن أهم ما تعلمته منه هو الخروج بالظواهر اليهودية والصهيونية من دائرة التوراة والتلمود ووضعها في عدة سياقات تاريخية لتصبح ظواهر مختلفة ذات أبعاد مختلفة وليست ظاهرة واحدة مغلقة تتسم بالوحدة".

"كذلك تعلمت من جمال حمدان كيف تكتشف الأنماط داخل ركام التفاصيل المتغيرة وكيف نجرد الحقيقة من الحقائق ولا أدري هل تعلمت منه أيضا شيئا من الصلابة والقدرة على المقاومة".