رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أنا مع نفسي بوعي بعد فتح البلاد


كل واحد منا الآن أصبح مع نفسه بعد فتح البلاد، لتعود الحياة من جديد بشكل طبيعي، ومن ثم تدور عجلة اقتصادنا إليّ الامام بعد ثلاثة شهور من الركود والعزلة وتعطيل الأحوال والأعمال بسبب فيروس كوروناً اللعين.
أنا مع نفسي لا تعني أننا نفرح بعودة الحياه الطبيعية، وأن تنقلب ممارسة حياتنا اليومية إلي فوضي عارمة قد تسفر عنها نتائج خطيرة وأليمة في الارواح، أو أن نتصور أننا سنمارس حياتنا اليومية بشكل طبيعي كما كانت قبل ظهور وانتشار "كوروناً"، بل إنها تعني فقط ان تفتح البلاد بوعي ومعايير أقل تشدداً، بحيث تكفل حماية الأرواح وعدم انتشار الوباء وتزايد اعداد المصابين والوفيات.
عملية الوعي والمعايير المطلوبة من خلال الفترة القادمة إذاً، هي معايير محددة وعلينا أن نحترمها ونطبقها بالشكل السليم، لأنها تتيح للشعب أن يعود للعمل والحركة وممارسة الحياة اليومية بحذر، نظرا للتأثيرات السلبية التي حدثت نتيجة الثلاثة شهور الماضية من توقف الأعمال والسياحة وإغلاق الكثير من مواقع العمل والمصالح سواءً أكانت حكومية أو خاصة، مما تسبب أضرار اقتصادية لملايين الاسر في كل المجالات، كما أن الانتقال إلى مرحلة جديدة في التعامل مع "كورونا" يعني أيضا أن تنفتح أمامنا أبواب الرزق لحوالي ٣،٦مليون مواطن تأثروا بشدة من غلق البلاد طوال الفترة الماضية.
أنا مع نفسي، معناها أن نعلي من قيم الانتماء لبلدنا، وأن نبرهن علي حبها من خلال تمسكنا بقيم ومعاني الوطنية وإيثار المصلحة العامة علي المصلحة الخاصة، وأن نكون علي قدر كافي من المسئولية التي تتطلبها هذه الفترة العصيبة من حياتنا، وأن نعطي الحق لأصحابه، لأننا نري ونتابع رأس الدولة وهو يقود بنفسه منظومة عمل دؤوبة لحمايه الشعب من الفيروس الفتاك، ولتوفير الرعاية والعلاج للمصابين، فلقد قدمت الدولة، وبحق أقصي امكانياتها لتوفير المستشفيات والعلاج للمواطنين في مواجهة هذا الوباء الفتاك، وأنها الآن قد أحالت المسئولية الكاملة إلي كل واحد منا، ليتولي هو حماية نفسه وأفراد أسرته ومكان عمله باتخاذ التدابير اللازمة والضرورية ضد "كورونا"، وأن أي صاحب عمل أو مؤسسة أو مسئول، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص في موقع مسئولية، ينبغي عليه أن يكون علي مستوي المسئولية المطلوبة منه لحماية العاملين معه، والتي يتطلبها فتح البلاد، كالإجراءات العادية المتبعة مثل: التطهير والتباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات و.... ، حرصا علي أرواح الآخرين، وكواجب شخصي مُلزم تجاه.
مطلوب من كل مسئول في أي مجال، أو قطاع أن يُراعي المعايير المطلوبة الآن بعد فتح البلاد، لا خوفاً من العقاب القانوني أو من متابعة مسئوليه له، ولكن بحس مرتفع من ضميره، فهناك أماكن بعيدة ومحافظات بها مطاعم ومحال سوبر ماركت وبقالة وساحات رياضيه ودور حضانة وأماكن سياحيه ومساجد وزوايا وأماكن ترفيه ودور سينما، من واجب كل مسئول عن اي منها أن يتبع اجراءات الوقاية الجديدة من الفيروس، وأن يحرص على اتباع الخطوات المطلوبة لعدم الاصابة بالفيروس، ومنها استمرار التطهير الشخصي والمكاني ومراعاة طاقه التشغيل بنسبه ٢٥./.، ولابد أيضاً أن ندرك أن علينا واجب جماعي متمثلاً في التعاون مع الدولة التي خصصت الكثير من المستشفيات الحكومية لعلاج مصابي "كوروناً".
وعلينا أيضاً أن نساهم في خفض نسبة الإصابة بالفيروس بنشر الوعي ًحتي لا تزيد أعداد المصابين، فيصبح توفير أمكان للعلاج منه أمراً صعياً كما حدث في كثير من الدول الأخري، ولابد أن أذكر هنا وأثنى على المجهود الكبير الذي بذله جيشنا ومازال يبذله لمواجهه الجائحة حفاظا على أرواح الشعب.
فعلى مدار اليومين الماضيين، تابعنا جميعا انتهاء قواتنا المسلحة الباسلة من انشاء مستشفي عزل ميداني علي أعلي مستوي من التجهيزات والعلاج والأطباء بأرض المعارض، وتم ذلك وفقا لتوجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي يولي اهتماماً فائقا بصحه مواطنه تحت أي ظرف، بل ويحرص علي توفير الرعاية والعلاج اللازم لجميع مواطنيه في مواجهة وباء كوروناً.
ويضم المستشفي الميداني الجديد ٤٠٠٠ سرير، وقد افتتحه السيد الرئيس وتفقد كل أقسامه ليكون جاهزاً لاستقبال الحالات الجديدة، ًوفي جامعة القاهرة، تسني لي أن شاهدت تخصيص د. محمد الخشت - رئيس الجامعة - وحدة عزل علي أعلي مستوي لعلاج "كوروناً" في قصر العيني الفرنساوي، تضم طاقماً طبياً علي أعلي مستوي ًمن الأساتذة والاداريين وأطقم التمريض ووحدة الرعاية المركزة للحالات الحرجة بشكل ملفت للانتباه، إضافة إلى أقسام أخرى في القصر العينيى بذات الكفاءة لعلاج السكتات الدماغية واستقبال حالات الطواريء، لا تقل بأي حال عن أي مستشفي عالمي.
كما افتتح خلال أيام قليلة مستشفي جديد للأمراض الباطنيه سيفتح أبوابه قريبا لاستقبال المرضي غير القادرين، وقد خصصت وزيرة الصحة د.هالة زايد، منذ بداية المحنة عدداً كبيراً من مستشفيات العزل لعلاج إصابات "كوروناً"، وكذا وزير التعليم العالي د.خالد عبد الغفّار، خصص بعض المستشفيات الجامعية لعلاج مصابي "كوروناً".
وعلي قمة الجهاز الحكومي، يتولي د.مصطفي مدبولي - رئيس الوزراء المحترم - إدارة خطة تعمل تحت قيادته بكفاءة، وبإخلاص وبجهد مضاعف ومكثف لمواجهه الوباء اللعين، مما يحسب له، فهو يعمل ليلا ونهارا لتوفير متطلبات العلاج وتوفير المستشفيات والأطباء لمواجهة الجائحة.
أنا مع نفسي، تعني أيضا أن أشارك في نشر الوعي بضرورات النظافة والتباعد الاجتماعي في كل مكان، وكلما أتيح لي ذلك وأن أتصدي لأي استهتار أراه أمامي من الغير، وأن أتعاون في اتباع التعليمات والمعايير الضرورية دون تذمر أو تجاهل، وان أتعاون مع أجهزه الدولة لمنع انتشار هذا الوباء الفتاك.
أنا مع نفسي، معناها أن أتسلح في داخلي بالأمل والتفاؤل ًحتي لا أسقط في بئر الاكتئاب واليأس، ولكن دون ان أشارك في أية فوضي أو خروج علي المعايير المطلوبة لفتح البلاد، وأن ادرك أن فيروس كوروناً مازال موجوداً ومتربصاً بالأرواح، وأن خطورته تكمن في جهلنا لمصدر العدوي منه في كثير من الاحوال.
أخيراً.. أريد أن أنبه بأننا الآن أمام خطر داهم بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولابد أن نتعاون جميعاً حتي لا ينتشر هذا الوباء الذي يحصد الارواح في كل الإعمار، ولحظتها لن يجدي الندم، فلا أحد بعيد عنه.