رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سارة خليف تكتب: نساء ثورة 30 يونيو

سارة خليف
سارة خليف

شكلت ثورة 30 يونيو تحولًا محوريًا فى استعادة المرأة المصرية لمكانتها، ولمكتسبات كادت أن تتلاشى بمحاولات دؤوبة ومقصودة، خاصة بعد تولي الأخوان الحكم، محاولين تهميش وتقييد دور المرأة المصرية، من خلال تحجيم دورها إجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا.

لذا انتفضت الثورة على أكتافهن، وكان أمر غير مستحدث على المرأة المصرية أن تتقدم صفوف ثورة 30 يونيو، لتقف جنبًا إلى جنب مع الدولة، سواء بمشاركتها الفعلية التى فافت الأعداد، أو بمشاركة أبنائها التي دفعتهم دفعًا فى مهمتهم المقدسة، فالمرأة المصرية يشهد عليها التاريخ، فاستطاعت المرأة المصرية منذ فجر التاريخ الدخول في العديد من ميادين العمل المختلفة، وشاركت في الحياة العامة بكل تفاصيلها، فكانت تحضر مجالس الحكم، وتشارك فى صنع القرار، كما أنها شغلت العديد من الوظائف، وكان لها حقوق رضاعة الطفل أثناء العمل، بل كانت فى بعض الأحيان حاكم منفرد للبلاد، معتلية العرش وتحكم كملك، فقد تولين المُلك في عهود قديمة، خنت كاوس ابنة الفرعون منقرع؛ إباح حتب كملكة وصية؛ وحتشبسوت كملكة وصية ثم حاكمة منفردة؛ وتي أم إخناتون كشريكة فى الحكم؛ ونفرتيتى وكليوباترا وغيرهن الكثيرات.

كما عملت المرأة بالقضاء مثل نبت، وأيضًا العمل بمجال الطب مثل بسشيت، والتي حملت لقب كبيرة الطبيبات خلال عهد الأسرة الرابعة، ووصلت الكاتبات منهن لمناصب مديرة، رئيسة قسم المخازن مراقب المخازن الملكية، سيدة الأعمال، وكبيرة للكهنة.

وفى عصرنا الحالي رأيناها كتفًا بكتف مع الرجل فى ثورة 1919م، لنيل مكتساباتها مرة أخرى، والتى سجلها التاريخ لتكون الشرارة الأولى التي تحررت بها المرأة وساعدتها على اقتحام الحياة السياسية، والكفاح من أجل الوطن مرة أخرى بعد طول تهميش، وتزداد مكتسابتها يومًا تلو الأخر، حتى دخلت مصر نفق الإخوان، بتوليهم الحكم، ومن هنا بدأت المسرحية الهزلية، تجاة وضع المرأة المصرية، حيث أنهم بيتوا النية وعزموا على إنتزاع مكتسباتها، فعلى سبيل المثال طالبوا بإلغاء قانون الخلع فى مقترحات قانون الأحوال الشخصية، بل وطالبوا بإلغاء المجلس القومي الذي يمثل المرأة، وقاموا بعمل حملات لختان الإناث، بخلاف المقترح الشهير المقدم فى برلمان الإخوان المسمى بجماع الوداع، محاولين تفريق النسيج الواحد للشعب من خلال تصنيفات لتحجيم قدرات المرأة، بالأضافة إلى تهميش دورها المجتمعي، وتغيب دورها كمرأة عاملة، وحصره فى خدمة الزوج فقط، ولن ننسى إستقتال الإخوان رجالًا ونساء فى إستعباد المرأة المصرية، وذلك حينما حاولوا إرجاعها لعصر الجواري، ولذلك قامت المرأة المصرية بالثورة على ظلمات فكر الإخوان، فقامت لتستعيد أمجاد الماضى، ولتحافظ على ما تملك من حقوق ناضلت من أجلها لعقود فى عصرنا، إنتفضت وتمكست بحقها فى الحياة وحقيقة دورها المجتمعي، وكان من حظ المرأة المصرية الجيد وجود قيادة تعي وتدرك حقيقة هذا الدور وأهميته وأبعاده وتأثيره، ولعل أبرز تدليل على صحة ذلك الوعي والإدراك ما قام به الرئيس عبد الفتاح السيسي، ليثبت للمصريين رجالًا وللعالم أجمع أن رؤيته سليمة تجاههن ورهانه رابح بهن.

ولعل أيضًا من صحة رؤيته وصدق مراميها أن بعض الناس يظنون أن ثورة 30 يونيو قامت فقط لإسترجاع مكتسبات المرأة المصرية، التى كادت أن تنتزع، ولكن ما رأيناه على مدار ستة أعوام مضت يؤكد أن ما حدث مجرد بداية، لأنه يعلم أن أن طموحها مسقوفًا بالسماء، ولن تتوانى فى نضالها ومطالبتها بالمزيد من المكتسبات المستحقة، التى من شأنها تعزيز دورها وإبراز أهميته مجتمعيًا، لا سيما فى عملية التنمية من أجل حياة أفضل وأكثر تحضرًا وإنتاجًا ووعيًا، لذا كانت ومازلت وستظل دومًا المرأة المصرية محل إهتمام القيادة السياسية، وتحول ذلك الإهتمام من مجرد حلم ورغبة إلى فكرة وهدف وخطة معلومة، فتحقق للمرأة المصرية مكتسبات عديدة وهامة على كافة الأصعدة، وعلى رأسها المكتسبات السياسية، تنفيذًا لتلميح وتأكيد القيادة السياسية في العديد من المواقف، على ضرورة الاهتمام بملف المرأة، وتسليط الضوء نحو المشاكل التي تعاني منها، الأمر الذي جعل قضية تمكين المرأة هدف عام أمام القيادة السياسية للدولة تسعى إلى تحقيقه بشكل كبير، والقضاء على كافة أشكال التمييز ضدها. فقامت القيادة السياسة بتمهيد الطريق امام المرأة، وسن القوانين والتشريعات والحفاظ على حقوق المرأة، وإقامة العديد من الإجرائات الإصلاحية التى تخصها.

وقابلت المرأة الجميل بالحب عندما تقدمت صفوف الإنتخابات الرئاسية، تليها التعديلات الدستورية، التى كانت أغلبها لصالح المرأة، ليرد الرئيس برسائل من الحين للأخر، مؤكدًا فيها على استمرار دعمه لها، ولعلنا نتذكر أبرز رسائل الرئيس للمرأة عندما قال "تقدمن" إيمانًا منه بدورها.