رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الطريق إلى 30 يونيو


مع نجاح ثورة يناير ٢٠١١، ظهر على السطح السياسى فى مصر كل أنظمة الإسلام السياسى وتشكيلاته ومنها الإخوان المسلمين، والسلفيون، والجماعة الإسلامية، وظهر بعض الأحزاب الإسلامية، وفى أول انتخابات برلمانية حصل التيار الإسلامى على أغلبية غير مسبوقة، وبعد ذلك دخل التيار الانتخابات الرئاسية، وفاز مرشحه محمد مرسى بأغلبية ضئيلة على منافسه الفريق أحمد شفيق، ووصلت جماعة الإخوان إلى الحكم فى ٣٠ يونيو ٢٠١٢.
وقد لعبت الولايات المتحدة الأمريكية دورًا بارزًا فى تمكين الإخوان المسلمين، وكانت السفيرة الأمريكية فى ذلك الوقت، آن باترسون، هى مهندسة شق الطريق أمام الإخوان المسلمين، ما جعلها محل غضب الكثير من المصريين وعداوتهم لها، على نحو لم يحدث مع أى سفير أمريكى آخر من قبل.
وكان من تدخلاتها فى الشئون الداخلية المصرية أن طالبت بعدم تدخل الجيش، وإبعاده عن الحياة السياسية، ولم يقبل المجلس العسكرى تدخلات السفيرة ولا تصريحاتها المتغطرسة، وجاء رده حاسمًا على لسان اللواء محمد العصار، عضو المجلس العسكرى، حيث حث السفيرة على الالتزام بدورها الدبلوماسى دون تدخل فى الشئون الداخلية لمصر.
غير أن الولايات المتحدة الأمريكية تدخلت بالفعل، وأزاحت من أمام المرشح الرئاسى لجماعة الإخوان اللواء عمر سليمان وكان قادرًا على منافسة مرسى، وقد قامت وزيرة الخارجية الأمريكية بزيارة مصر عشية الانتخابات، واجتمعت برئيس المجلس العسكرى، وشرحت له خطورة صعود المرشح عمر سليمان، كما قامت بنقل رسالة للقادة المصريين، بأن الولايات المتحدة الأمريكية لا ترحب بالتعامل مع رجل ينتمى للنظام السابق، فى إشارة منها إلى الفريق أحمد شفيق، وتم التغاضى عن مخالفات انتخابية وتلاعب فى بعض الأصوات، ومنع بعض المعارضين للتيار الإسلامى من التصويت.
وبوصول أعضاء الإخوان إلى سدة الحكم فى مصر اعتبروا أن مصر غنيمة لهم، وجاهر بعض السلفيين بأن انتصار الإخوان كان بمثابة غزوة جديدة من غزوات المسلمين، سميت «غزوة الصناديق».
وقد سارع الرئيس مرسى بحماية قراراته بإصدار التعديلات الدستورية التى تؤكد حصانة القرارات التى يصدرها بوصفه رئيسًا للبلاد، وأحال المشير طنطاوى ومعه الفريق سامى عنان إلى التقاعد فى ١٢ أغسطس ٢٠١٢، وترقية اللواء عبدالفتاح السيسى، مدير المخابرات الحربية، إلى رتبة الفريق أول، وتعيينه قائدًا عامًا للقوات المسلحة، وترقية اللواء صدقى صبحى، قائد الجيش الثالث الميدانى، إلى رتبة الفريق، وتعيينه رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة، وإقالة اللواء بحرى مهاب مميش، قائد السلاح البحرى، وتعيينه رئيسًا لهيئة قناة السويس.
كما قام بتعيين ٨ من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وزراء فى الحكومة، و٥ محافظين، و٨ مستشارين فى مؤسسة رئاسة الجمهورية، و١٣ مستشارًا للمحافظين من أعضاء الجماعة الإسلامية الإرهابية، وكان أهم مشروع أثار غضب المصريين ضد الإخوان المسلمين، هو مشروع التمكين الذى اشتغل عليه أهم عقول وقيادات الجماعة من الصفين الثانى والثالث، ويعتبر مشروع التمكين لدى الإخوان المسلمين مشروعًا يعيد تنظيم الجماعة إداريًا ويرتب هياكلها ومؤسساتها المختلفة بطريقة بالغة الدقة، ويرسم لها خطوات محددة وممنهجة للسيطرة على جهاز الدولة وتولى السلطة رسميًا، وهو ما أدى إلى اندلاع مظاهرة فى مارس ٢٠١١ فى منطقة المقطم أمام المقر الرئيسى للإخوان فى القاهرة، وأعقبته مظاهرات شعبية أخرى.
ولم يقتصر الأمر على هذا، ولكن هناك تقارير مخابراتية و٢١١ مستندًا أمنيًا سريًا للغاية وعلى درجة عالية من الخطورة بعضها بدرجة «سرى» وبعضها بدرجة «سرى للغاية»، تم تسريبها يدًا للحرس الثورى الإيرانى والتنظيم الدولى للإخوان من الرئاسة بعلم «مرسى» وموافقته وتوقيعه، وهذه أول مرة تحدث فى التاريخ أن يتم التسريب المخابراتى عبر رئيس جمهورية مصر العربية.