رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السيسي.. مرَّ من هُنا!


إذا كانت القبائل العربية من قديم الزمان ومنذ أيام الجاهلية الأولى، قد عشقت الفروسية والشجاعة والتغني بهما عن طريق ( الشِّـعر)؛ وعرفنا من خلال ماوصلنا منه العديد من العادات والتقاليد والأعراف المجتمعية العربية؛ وكذا نتائج المعارك القتالية التي خاضوها في سبيل الأرض والشرف والحرية؛ حتى صارت تلك القصائد الفريدة المُنتقاة من عيون الشعر العربي؛ تُكتب بماء الذهب وقاموا بتعليقها على أستار الكعبة المشرفة، وهي ما أسموها في سجلاتهم بـ"المعلَّقات "؛ تلك المعلَّقات التي نقلت إلينا تفاصيل واقع البيئة والحياة وسط القبائل العربية في أفراحهم وأتراحهم، لذا.. لم يكن من المُستغرب أن يُطلق الشاعرالكبير/أبو فراس الحمداني مقولته الشهيرة والرائعة بأن "الشعر.. ديوان العرب"!

فماذا تركنا نحن - أو سنترُك - للأجيال القادمة ما نريد أن يذكروننا به بكل الفخر والإعتزاز، وبخاصة ونحن نعيش هذه الأيام في ظلال الذكرى السادسة لثورة 30 يونيو؛ تلك الثورة التي أعادت تصحيح المسار الثوري في مصرنا المحروسة بعد سنواتٍ عجاف اختُطفت فيها "دفَّة القيادة" في غفلة من الزمن، وها نحن نعتز أيَّما اعتزاز بقيادتنا السياسية الوطنية التي نراها تقوم بالجهود الجبارة لوضع مصرعلى الطريق الصحيح الذي يليق بمكانتها وتاريخها .

لاأنكر أنني قد أعجبت كثيرًا ببعض مواقع التواصل الاجتماعي المؤمنة برسالة الوطنية والانتماء والتمسك الحميد بالهويَّة المصرية؛ و قيامها برصد التغيرات التي تحدث تباعًا على البنية التحتية وشبكات الطرق والكباري؛ وقامت بتصوير تلك المواقع "قبل.. وبعد " التطوير والتحديث؛ وقامت بإظهار الفروق الجوهرية بين الحالين؛ وكتبت تحت كل صورة عبارة من أجمل العبارات التي تنطق بالحُب والوفاء والإخلاص والاعتراف بأصحاب الفضل في التغيير إلى الأجمل، تقول هذه العبارة الرائعة والصادقة ـ باختصار شديد: "السيسي.. مرَّ من هُنا"!!

فإذا كانت المبادرة بالرصد والتوثيق لهذه المنجزات الحيوية؛ نبعت من بنات أفكار الجماعة الشعبية ومواقع التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية؛ فكان من الأجدر أن يتسابق "أهل الفن" في مصر في شتى المجالات؛ بالقيام بهذا الدور الحيوي ـ كما فعل من قبلهم جيل الستينيات في القرن الماضي ـ والعمل على إنتاج الأعمال الدرامية من مسلسلات تلفزيونية وأفلام سينمائية وبرامج إذاعية؛ لرصد وتوثيق كل المنجزات التي تتم على أرض الواقع أولاً بأول؛ لتتركه كتُراث حضاري للأجيال الحالية والقادمة .

ونحن بهذا المطلب الحيوي المشروع؛ لانطلب من هؤلاء الفنانين أن يكونوا "مع" أو "ضد"، ولكن نكتفي بالتوثيق المحايد والجاد وترك الحكم والاحتكام للأجيال ولصفحات التاريخ المُنصفة، هذا لأنني ربما أكون من زمرة المعارضين لمقولة الكاتب الكبير/نجيب محفوظ الذي قال إن : "المعاصر هو أسوأ مؤرخ" ! وكان يقصد بهذه المقولة إبعاد شبهة التحيز والتملق لذات " الحاكم " وأن الحكم لايكون صادقًا كل الصدق إلا بعد فترة زمنية من الحدث، فنحن على ثقة بأن مايتم رصده وتوثيقه الآن بعيون الحب والإخلاص والوفاء لتراب الوطن وقدسيته؛ سيكون هو السند والركيزة الأساس في التسجيل الصادق لهذا الحراك الاقتصادي والسياسي والمجتمعي، ونحن نشاهد ـ على الطبيعة ـ الجهود المبذولة في انتشال "طبقة العشوائيات" من براثن الفقر والجهل والمرض، إلى الآفاق الرحبة الحضارية التي تليق بالمصري وكرامته واعتزازه بمصريته وقيادته الحكيمة، بل انتصاره بقيادته السياسية على قوى الشر والإرهاب في الداخل والخارج؛ واندحار كل القوى الغاشمة الكارهة لمعنى وقيمة الوطن؛ لتذهب إلى هوامش ومجاهل صفحات التاريخ بلا رجعة، فإرادة الشعوب لاتخضع لعصابات الشر ومعرقلي مسيراته التنموية الخلاَّقة لإعلاء شأن الوطن.. والمواطن!

إنني أهيب بأهل الفن المصري في شتى المجالات؛ وبالتضافر مع أصحاب الأقلام الشريفة من كتَّاب الدراما ومؤرخي الأحداث أن يكونوا العين الواعية الصادقة الأمينة؛ لنقل الصورة الحقيقية للتطور المجتمعي الذي نشهده الآن على كافة الأصعدة؛ لتشير إليهم الأجيال القادمة بكل الفخر .. ليقولوا عن فناني ومعاصري هذا الجيل إنهم رجالٌ صدقوا ماعاهدوا الله وأوطانهم عليه؛ وأن يكونوا بحق " ديوان المصريين " لتوثيق هذه الحقبة الفارقة من تاريخ الوطن ، ولا نكتفي أن ننظر بعين الرضا والحُب دون مشاركة إيجابية في صنع وكتابة صفحات هذا الديوان بحروفٍ من الذهب؛ كما كتب أوائل الشعراء العرب معلَّقاتهم الشعرية على أستار الكعبة.

إنجازات المصريين تتحدث عن نفسها فقد أخبرت الجميع من حولنا، ففي بحر ست سنوات من تولي الرئيس السيسي مايسترو الوطنية الحقة مقاليد الأمور وهو يدفع بنا نحو الارتقاء والنماء ولم نخذله ولم نخذل مصرنا المحروسة فكلنا لبينا نداء الواجب كل قدر طاقته ،لذلك نثق ثقة كاملة فيما ستقوله الأجيال الحالية والقادمة لبعضها البعض بكل الفخر والاعتزاز: "السيسي .. مرَّ من هُنا" ومعه شعبه وجيشه وشرطته يدًا بيد!

- أستاذ ورئيس قسم الإنتاج الإبداعي بأكاديمية الفنون