رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصطفي نصر: تولي الإخوان للحكم كشف حقيقتهم للناس

مصطفي نصر
مصطفي نصر

يحل شهر يونيو من كل عام ومعه تحل ذكرى أعظم أيام تاريخ مصر، يوم الثلاثين من يونيو 2013، ذكرى ثورة شعب استعاد هويته ومصره المختطفة من أنياب جماعة الإخوان الإرهابية.. «الدستور»، حاورت المثقفين حول ثورة 30 يونيو، ذكرياتهم معها، أثرها عليهم وعلى إبداعاتهم، والأهم ماذا لو كان استمر حكم الإخوان لمصر حتى الآن؟

وقال الروائي "مصطفى نصر" في تصريحات لــ "الدستور" عن 30 يونيو: "كانت أمريكا تعرف أن حكم مبارك آيل للسقوط، فبحثت عن البديل، ووجدته في الإخوان أصحاب الرصيد في الشارع المصري، فبدأت المفاوضات معهم، مما جعل الإخوان ينتشون ويثقون في المستقبل، ونصحتهم أمريكا بعد نجاح ثورة 25 يناير 2011 عن طريق – عميلتها قطر – بأن يستعدوا لحكم مصر، وكان رأي الإخوان أن الوقت غير مناسب، وأن من سيحكم في الفترة الأولى سيتحمل كل الأعباء الخاصة بفترة مبارك والانفلات الأمني الذي أحدثته ثورة 25 يناير وما بعدها، وأراد الإخوان أن يبقوا في الظل، مكتفيين بالقيام بدورهم الاجتماعي المعتاد بتقديم المساعدات للفقراء، فإذا زال حكم أول رئيس بعد الثورة، يتقدم الإخوان، وينجحون ويأخذون الدولة نظيفة بلا عكارة ماء، لذا أعلنوا بأنهم لن يتقدموا لانتخابات الرئاسة".

وأضاف "لكن أمريكا نصحتهم - عن طريق قطر - بأن الفرصة مواتية الآن لكي يحكموا، هذه النصيحة غير المتوقعة أفسدت مخطط الإخوان – الذي أعتقد إنه كان ناجحا وموفقا – فوافقوا على ما تريده أمريكا لسببين..الأول: أنهم لا يقدرون على مخالفة أوامر أمريكا مهما كانت صعبة وقاسية، فما كانوا يحلمون بأن تحنو أمريكا عليهم بهذا الشكل، والثاني: إن منهم من يحلم بأن يكون رئيسًا بصرف النظر عن عواقب الأمور"، وتابع "يوم 2 يونيو 2012، كان يوما عصيبا في تاريخ الشعب المصري، فقد أُعلن فيه عن أن إعلادة الانتخابات الرئاسية ستكون بين شفيق ومحمد مرسي ممثل الإخوان، وبذلك وضعوا الشعب بين خيارين، إما شفيق حيث الأمن والأمان، مع الفقر والسرقات والبطالة، ونفس الحالة التي كنا فيها قبل ثورة 25 يناير 2011، أو فوز محمد مرسي وهو رجل محدود الإمكانيات على المستوى الشخصي، يتحكم فيه رجال كثيرون، المرشد القديم والجديد ونائبه خيرت الشاطر، وخلفه جماعة شغوفة بالحكم منذ أن انشأها حسن البنا عام 1928، وسينضم إليهم السلفيون ولن يتركوا الناس تعيش في أمان، سيطاردونهم بأفكارهم المريضة، وسيتحدثون طوال الوقت عن عذاب القبر، ومن سيعارضهم، سيكون مرتدا، ويحق عليه القتل، سيصدرون مئات القوانين لتقييد حرية المرأة، فهم شغوفون بالحديث عن المرأة، من حيث مضاجعة الوداع، وعدم تجريم ختان البنات، وتقليل سن الزواج للفتيات، وإرضاع الكبير وغيرها من أفكار".

وتابع " نصر"،"أعلنتُ لأقاربي وأصدقائي بأن انتخاب شفيق الذي سيعيدنا إلى المربع 1، وكأن الثورة لم تقم؛ هو أفضل من أن ننتخب الإخوان، فللإخوان مليشيات مكونة من قبل ثورة يوليو 52، وحاولوا إعادتها في عصر مبارك، وتم القبض عليهم لذلك، ولابد من إعادة تكوينها إذا سيطروا على البلاد و، وهذا معناه إنه سيكون لهم جيشا خاصا بهم غير جيش البلاد. كما هو الحال في أفغانستان وليبيا وغيرهما من الدول غير الديمقراطية وعارضني الكثير، وتحكمت حالة تدين الشعب المصري الغريبة والتي تحتاج لبحث طويل، فانحازوا لمرسي، الذي فاز على شفيق بفارق 5ر1%، وحدث ما كنتُ أخشاه، بدأت بتسلط أعوان الإخوان، فقد تصرفوا في الشارع المصري وكأنهم أسياده والمتحكمون فيه، وخرجت مكنونات ذات رائحة كريهة من طول كتمانها وحبسها، مكنونات تتسم بالتخلف أحيانا والسذاجة أحيان أخرى، وظهر أصحاب هذه الأفكار غير السوية في القنوات التلفزيونية حتى جعلونا نكره مشاهدة التلفزيون، وجوه قبيحة تتحدث عن الشياطين التي تخرج في دورات المياه، وشخص يتحدث عن الجن وصراعه معه وكيف استطاع أن يعض أحدهم، وآخرون ينادون بغلق منافذ الثقافة في مصر توفيرا للنفقات وحلا لأزمة العجز في الميزانية، ورجال مفروضون علينا يقتحمون حجرات بيوتنا ليحدوثنا أحاديث مكررة تظهر مدى سذاجتهم، مصرين على أن يعلموننا ديننا الذين نعرفه أكثر منهم".


واستطرد الروائي:"كدنا نصل لبر الأمان، لكي تستقر الأمور وتهدأ، فتعود الشرطة كما كانت، ويتفرغ الجيش للمؤامرات التي تحاك ضد البلاد من الخارج، وفجأة ودون أي مبرر، صدر مرسي الإعلان الدستوري الذي يمنح رئيس البلاد حصانة لم تمنح إلا لله سبحانه، والاستغناء عن القضاء تماما فنحن لسنا في حاجة إليه، وبالطبع لن يقبل الأحرار بهذا، لن يقبل به سوى المنتفعون من تحويل مصر إلى اللا دولة كما هو الحال في أفغانستان، ومجموعة من العبيد والبلهاء الذين يختزلون قضية البلاد في عبارة ( دول بتوع ربنا)، ومهم جدا أن أوضح أنني أعيش في حي شعبي، وهذا له دلالة واضحة، فالأحياء الشعبية فيها مزايا كثيرة، لكنها – أيضا – لا تخلو من عيوب، وأهم هذه العيوب التحمس لأي مدعي يتخذ من الدين ستارا"، واسمحوا لي أن استعين بكلمة للمستنير الدكتور خالد منتصر: لن نلحق بقطار الحضارة ولن ينصفنا التاريخ إلا إذا انتصرت عقلانية ابن رشد على تكفير ابن تيمية.وابن رشد يقول: إذا أردت أن تتحكم في جاهل فعليك أن تغلف كل باطل بغلاف ديني".

وهذا ما يدعيه الإخوان والسلف أيضا، وجودي في هذا الحي الشعبي جعلني أعيش بين الكثير من أسرتي وجيراني يتعاملون مع الإخوان على أنهم يمثلون الدين الإسلامي ومخالفتهم خطيئة. كنت أسمع تعليقات الجيران وأنا جالس أمام مكتبي في حجرتي التي تطل على الشارع، يقول أحدهم لآخر: يا أخي اعمل لدينك.
وأقارب لي يتعاملون معهم على إنهم بتوع ربنا، وقد قلت لأقارب لي محذرا من إعجاب أخوهم بهم واقترابه منهم، قلت: ألحقوا أخوكم، هؤلاء الناس مؤكد لن يبقوا طويلا في الحكم، لا يمكن ناس بهذه العقلية أن يظلوا في الحكم".

وتحقق ما توقعته، وعلى رأي الدكتور عبد الحليم قنديل، أحسن إللي حكموا، لكي يعرف الشعب من هم، لو لم يحكموا لظل الكثير من الشعب يؤيدهم ويظن انهم على حق، فتوليهم للحكم كشف حقيقتهم لمن ظنوهم يعملون من أجل الدين. اتضح للناس أنهم يعملون لأنفسهم.

ورغم أنني كنت قلقا طوال فترة حكمهم القصيرة، أخاف على مدنية الدولة، فأنا كنت واثقا أنهم سيسعون لتكوين ميلشيات خاصة بهم، كما حدث في تركيا وأفغانستان، حيث أعلنوا عن رغبتهم لمنح أعضاء حزبهم – الحرية والعدالة – الضبطية القضائية، يعني من حق الشباب المؤيد لهم والذين يقفون في شوارع حينا الشعبي ويعرفون أنني معارض لحكمهم، من حقهم ان يلوا ذراعي أنا الرجل المسن ويقبضوا علي، وسيعلنوا عن قيام الخلافة الإسلامية التي تعتبر الديمقراطية رجس من عمل الشيطان، وستلغي القضاء، وستخصص قضاء ساذج خاص بهم يشرف عليه صبحي صالح، الذي كان مساعد في الجيش وحصل على ليسانس الحقوق بالعافية.