رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

طبيبة بعزل سموحة: تحديت ظروفى ورفضت التخلى عن مرضى كورونا

الدكتورة أمل عامر
الدكتورة أمل عامر


« كان هناك شىء بداخلي يخبرني أن الله اختارني لتلك المهمة، وإنني سوف أكون على قدر المسئولية»، بتلك العبارة بدأت الدكتورة أمل عامر، المدير الطبي السابق لمستشفى عزل المدينة الجامعية بسموحة، تروي حكايتها عن فترة عملها داخل مستشفى العزل وخضوعها للعزل المنزلي قبل أن تجتمع مع أسرتها وابنها الصغير الذي تركته لأداء واجبها المهني.

وأضافت لـ « الدستور» أنها تعمل أخصائية أطفال بمكتب صحة سيدي جابر بوزارة الصحة بمحافظة الإسكندرية، وأنها لم تغير تخصص عملها سوى أثناء مساهمتها فى علاج مصابي فيروس كورونا المستجد " كوفيد-19" فقط، ولكن طوال فترة عملها في المستشفيات المختلفة كانت في مجال تخصصها.

وتابعت الدكتورة أمل عامر: "مع بداية عرض تكليف العمل بداخل العزل، كنت في حالة تشتت كبيرة ليس خوفًا من المشاركة، ولكن نظرًا لخوفها من ترك نجلها الصغير ووالدتها المسنة، حيث تعتبر هي المسؤولة عن رعايتهم والاهتمام بهم، كما أن الوضع لم يكن امنًا لتركهم وبالفعل في أولى الأيام تقدمت بطلب التماس لظروفها الإجتماعية، إلا أنها تراجعت في قرارها ونفذت التكليف واحتسبت العمل لوجه الله سبحانه وتعالى، وهي لديها يقين كامل بأنه سيحمي ابنها وأمها، قائلة'' إحنا أطباء في المقام الأول وواجبنا إنساني قبل أن يكون مهني''.

وعن أولى أيام عملها في الحجر الصحي، أوضحت أنها انضمت لمجموعه من الأطباء، وكانوا جميعهم يشاركون لأول مرة للمساهمة في علاج مرضى فيروس كورونا المستجد " كوفيد-19" وليس لديهم خبرة قبل ذلك، وبعد مرور يومين والاعتياد على طبيعة العمل داخل الحجر، وكيفية ارتداء الواقيات أثناء التعامل مع المرضى كإجراء احترازي للوقاية من العدوى، كان هناك اجتماعًا مع مدير عزل المدينة لاستعداده للخروج إلى قضاء فترة من الراحة، وتفاجأت باختياره لها لتصبح المدير البديل عنه خلال فترة عملها بالمدينة الجامعية بسموحة، ولم يكن ذلك ضمن توقعاتها نهائيًا.

وأضافت أنها لم يخطر على بالها أن تتولى مسئولية الإدارة وتصبح مسؤولة عن الفريق الطبي داخل المدينة بأكملها، كما أن تزامن ذلك مع ورود الرد على طلب الالتماس التي تقدمت به الأيام الماضية نظرًا لظروفها الاجتماعية ولكنها لم تلتفت لهذا مطلقَا، حيث أنها أصبحت مسؤولة عن مستشفى بأكملها، ورعاية المرضى، ولابد أن تصبح على قدر عالي من المسؤولية ولن تفكر في التخلي عنهم أبدًا.

وعن يومها داخل مستشفى العزل الصحي قالت: ''كل يوم يمر بداخل مستشفى العزل كان بحد ذاته إنجاز عظيم، فكان أمام الفريق كله تحدي لأننا كنا نعمل لأول مرة في علاج مرضى فيروس كورونا المستجد وجميعنا جدد على المكان، وكان عددنا 7 أطباء على عدد حالات تخطى 400 حالة، وكان عملي ينقسم بين الجانب الطبي، والجانب الإداري".

وأشارت المدير الطبي السابق لمستشفى عزل المدينة الجامعية بسموحة، إلى أن خلال فترة عملها وصل إلى مرحلة التعافي عدد كبير من المرضى، مما أسهم في إضافة شعور من البهجة بين الفريق الطبي داخل المستشفى ونشر الطاقة الإيجابية بينهم إلى حد كبير للانتصار على الفيروس، قائلة:"انا كنت بستنى نتايج التحاليل زي مابنستني نتائج الثانوية العامة وكنا نفرح جدًا''، حيث كان يصل عدد حالات التعافي في تلك الفترة إلى 30 حالة يوميًا.

وأكدت أنه مع تطبيق بروتوكول العلاج المنزلي كان هناك بعض الضغط على الفريق لتنفيذ الإجراءات وعرض كل تفاصيل العزل المنزلي على المرضى لكي يستطيعوا تنفيذها، ولكن بعد ذلك أدى إلى انخفاض أعداد المرضى التي تدخل المدينة بسبب التقيم الخارجي للحالة في مستشفيات الحميات قبل التحويل.
وعن تجربتها مع المرضى، لفتت أنها أكثر ما كانت تهتم به هو العامل النفسي للمريض، حيث كانت الفكرة المسيطرة أن مريض فيروس كورونا المستجد هو شخص منبوذ مجتمعيًا، بجانب إحساس المريض أن الأطباء والتمريض لكي يتعاملوا معه لابد من ارتداء كل هذه الوقايات، مما يجعله يتساءل بأنه هل أصبح إنسان مؤذي وكيف يمكن أن يتعامل معه المجتمع في الخارج، فكان الاهتمام بالجانب النفسي عليه عامل كبير جدًا في شفاء المرضى، بجانب تواجد أسر كاملة في العزل، وأسر أخرى أفرادها موزعين على عدة مستشفيات، وآخرون يتلقون خبر وفاة أحد أفراد عائلاتهم، فكان هناك مواقف إنسانية كثيرة، مما جعل المرضى ترتبط بنا كأطباء وتمريض نفسيًا، فهناك مرضى بكوا عند انتهاء فترة عملي متسائلين« هتسبينا لمين» وهو ما جعلني على تواصل معهم دائمًا حتى بعد تعافيهم وخروجهم من العزل.
وأوضحت أنها بعد إنتهاء عملها في مستشفى العزل، عادت إلى منزلها، وأبعدت والدتها وابنها الصغير عن المنزل ليقيموا عند شقيقتها، لتستطيع قضاء فترة العزل المنزلي، قائلة: « حضرت المنزل للعزل قبل استلامي العمل، واتفقت مع حارس العقار على الطلبات، وتركت له مبلغ مالي لكي لا أعطيه المال وانا في فترة العزل حرصًا عليه»، متابعة: وجدت كم من الحب والاطمئنان من الجيران والأقارب والأصدقاء لم أكن أتوقعه، ورغم أنني لم ارى أحدًا في تلك الفترة إلا أنهم لم ينقطعوا عن السؤال عني وهو ما كان دافع معنوي كبير لي.