رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحرة.. بعد أن أكلت بثدييها!



الكلام عن قناة «الحُرة» الأمريكية، التابعة لـ«شبكة الشرق الأوسط للإرسال»، MBN، التى يمولها الكونجرس الأمريكى، وتشرف عليها وكالة USAGM أو «الوكالة الأمريكية للإعلام الدولى». والمناسبة، هى أن ألبرتو فيرنانديز، مدير الشبكة، أقيل من منصبه، مساء الأربعاء، وتم منعه من دخول مكتبه، فور صدور قرار الإقالة أو الطرد.
مذبحة الأربعاء، بحسب وصف شبكة «سى إن إن»، حدثت بعد فترة وجيزة من تعيين مايكل باك رئيسًا تنفيذيًا لوكالة USAGM، وطالت أيضًا ثلاثة آخرين من مدراء شبكات إعلامية حكومية موجهة للخارج، تشرف عليها الوكالة: جيمى فلاى، مدير إذاعة أوروبا الحرة (راديو ليبرتى)، باى فانج، مدير إذاعة آسيا الحرة، وليبى ليو، مدير صندوق التكنولوجيا المفتوحة. وفى مذكرة تمهيدية أرسلها مايكل باك إلى العاملين فى تلك الشبكات، قال إن هدفه هو جعل الوكالة أكثر فاعلية، ومعالجة بعض المشاكل التى حدثت خلال السنوات الأخيرة.
شبكة «الشرق الأوسط للإرسال»، تضم أيضًا قناة «الحرة عراق» وراديو «سوا» و«سوا عراق»، وعددًا من المواقع الإلكترونية: الحرة، أصوات مغاربية، ارفع صوتك، والساحة. و‎فى حوار، فات عليه سبع سنوات، زعم براين كونيف، مدير الشبكة الأسبق، أن عدد متابعيها يبلغ ٣٥ مليونًا، ما يعنى أنها وصلت إلى حوالى ١٠٪ من الفئة المستهدفة. غير أرقام، إحصاءات، واستطلاعات رأى عديدة قالت إن نسبة مشاهدى الحرة فى غالبية الدول العربية تتراوح بين ٠.١٪ و١٪، وهى نسبة منطقية، تترجم الفشل الكبير، الذى لازم المحطة منذ إطلاقها، ولا تتناسب إطلاقًا مع تمويلها، الذى يتجاوز ١١٠ ملايين دولار سنويًا.
من فشل إلى فشل سارت قناة الحرة وأخواتها منذ إطلاقها سنة ٢٠٠٤، وصار اسمها الدارج هو «الهرة»، بكسر الهاء، أى القطّة، وهو قريب من النطق الإنجليزى للكلمة، بضم «الهاء»، الذى يجعل المعنى أكثر سوءًا: هُرَّت الإِبل، أى أصابها الهُرار. وبعد حوالى ١٣ سنة، اكتشفت إدارة دونالد ترامب، فور توليها السلطة، أنها مجرد هدر لإمكانيات مادية وبشرية هائلة دون طائل. وعليه، جرى اختيار ألبرتو فيرنانديز، السفير السابق، منتصف ٢٠١٧، ليتولى مهمة إنقاذ القناة. ووقتها، وصف فيرنانديز قناة «الحرة» بأنها «لا تشبه أمريكا وتحلق خارج السرب الأمريكى». ومع انطلاقة القناة الجديدة، فى ٢٠١٨، أعلن المذكور أنها صارت جاهزة للمنافسة، وأن تلك الخطوة «ما هى إلا بداية التطوير الذى سيتواصل فى الأشهر المقبلة ليطال الشكل والمحتوى».
بعد خمس سنوات فى الجيش الأمريكى، التحق فيرنانديز بوزارة الخارجية الأمريكية سنة ١٩٨٣ وعمل مستشارًا إعلاميًا للسفارة الأمريكية بدمشق، ورئيسًا لمركزها الثقافى هناك، منذ ١٩٩٣ إلى ١٩٩٦، ثم انتقل إلى جواتيمالا ومنها إلى الأردن، سنة ١٩٩٩، وفى ٢٠٠٢ عمل فى أفغانستان. وفى أغسطس ٢٠٠٥، صار مديرًا للإعلام فى قسم الشرق الأوسط، وبهذه الصفة كان أحد المتحدثين باسم الخارجية الأمريكية، وكان ظهوره فى الفضائيات العربية جزءًا من عمله، وشرح لجريدة «الشرق الأوسط»، فى ٢٥ مارس ٢٠٠٧، جزءًا آخر: «أحاول أن أقدم لكبار المسئولين فى الخارجية صورة حقيقية عما هو موجود فى الصحافة العربية، وكذلك لدىّ مهمة أخرى وهى التواصل مع الصحافة العربية سواء فى واشنطن أو المنطقة وكذا متابعة ما تكتبه».
ما لم يقله «سفير واشنطن فى الفضائيات العربية»، فى ذلك الحوار، أو فى حوار آخر نشرته الجريدة السعودية نفسها، بعد عشر سنوات، تحديدًا فى ٢٤ يوليو ٢٠١٧، هو أنه كان نائب رئيس «معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط»، ميمرى، الذى أسسه يغئال كارمون، الضابط فى الجيش الإسرائيلى، بهدف مراقبة وسائل الإعلام العربية، وترجمة المقالات التى تهاجم إسرائيل والولايات المتحدة، تلك التى تتحدث عن تآمر إحداهما أو كلتيهما على العرب.
الدبلوماسى السابق، الذى يتقن العربية ويوصف بأنه خبير فى قضايا الشرق الأوسط، لم يحقق ما تعهد أو وعد به. وبقدر فشله فى تحقيق الأهداف السياسية للشبكة، فشل أيضًا فى الحصول على أى قدر من ثقة المشاهدين المفقودة منذ البداية، لأسباب عديدة.
بجمانة حداد، فدوى القلال، جعفر الزعبى، نيكول الحجل، حسين الرزاز، أبوبكر عبدالله، ثائر سوقار، و... و... وبغيرهم، أكلت قناة «الحرة» بثدييها، وبأثدائهم، وتنافست مع النسخة العربية من «فرانس ٢٤» الفرنسية، على المركزين الرابع والخامس فى قائمة أكثر القنوات كذبًا، تدليسًا وفبركة. وهى القائمة التى تبادلت مركزيها الثانى والثالث «دويتشة فيله» الألمانية والقناة العربية لهيئة الإذاعة البريطانية، بى بى سى.. وطبعًا، ظلّ المركز الأول، بلا منافس، من نصيب «جزيرة موزة» وأخواتها.