رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر ومقاود النصر.. على بقايا ورثة الخلافة العثمانية


في الوقت الذي تواجه فيه البشرية هذا الاجتياح المدمر لحرب الفيروسات التي اتضح أنها بدأت بغية استهداف الاقتصاد الغربي وتدميره في الأساس؛ هذه الفيروسات التي يُقال إنها أفلتت من عقالها في معامل العلماء؛ وصارت كالمارد الذي خرج من "القمقم" ويبدو أنه لا سبيل إلى إعادته والسيطرة عليه في الوقت الراهن، يخرج علينا الصائدون في الماء العكِر من ورثة ما يسمى بالخلافة العثمانية التي اندثرت منذ زمنٍ سحيق؛ ليقوموا- بمعاونة خوارج العصر ومن حلفائهم من مرتزقة تنظيم إخوان سوريا الممزقة- بالغزو لدولة ليبيا الشقيقة الواقعة على خريطة حدودنا الغربية؛ والهدف المُعلن هو الاستيلاء على حقول البترول وتدعيم ميليشيات المرتزقة المسلحة غير الشرعية التي تحاول الاستيلاء على الحكم في ليبيا؛ ومناهضة الحكومة الشرعية التي يدعمها التأييد الشعبي في طول البلاد وعرضها.

والمعروف أن بقايا ورثة الخلافة العثمانية- أو تركة الرجل المريض- التي قامت على الغزو والمذابح والاستعمار؛ هي الآن "دولة تركيا" التي تمت سرقة الحكم فيها بمعرفة هذا العُتُل الغبي الداعم لمحركي الفتن وآويهم في أحضانه المدعو "أردوغان".. وهو الذي بات يحلم بإعادة السلطة والهيمنة على خريطة العالم العربي الإسلامي بادعاء أنه خليفة الله في الأرض! وتناسى هذا المعتوه الأخرق تاريخ بلاده الأسود فيما قامت به من الإبادة الجماعية للأرمن أو المذابح التي تُعرف باسم المحرقة والمذبحة الأرمنية أو الجريمة الكبرى- وبحسب صفحات التاريخ وبتصرف- التي أشارت إلى القتل المتعمد للسكان الأرمن من قبل حكومة "تركيا الفتاة" في الدولة العثمانية؛ خلال وبعد الحرب العالمية الأولى، وقد تم تنفيذ ذلك من خلال المجازر والقتل الجماعي للذكور ذوي القدرة الجسدية؛ والقيام بعمليات الترحيل القسري في مسيرات الموت المؤدية إلى الصحراء السورية؛ بعد أن يتم حرمانهم في المرُحلتين من الطعام والماء، علاوة على تعرضهم للسرقة والاغتصاب والقتل الممنهج.

وإنني إذ أذكر هذا التاريخ الأسود لهذه الدولة المارقة؛ كي أذكِّر بعض الخونة في الداخل المصري الذين يصفقون ويتعاطفون مع هذا الغازي الذي يهدد حدودنا الغربية؛ ومحاولة الاستيلاء على منابع حقول البترول في "البحر المتوسط" باعتباره بحيرة مفتوحة لعبث "كل من هبَّ ودب"! ضاربًا عرض الحائط بالأعراف والقوانين الدولية التي تحدد مسافات ومساحات السيطرة على المياه الإقليمية لكل دولة، بغية انزلاق الدولة المصرية للصدام المسلح للحفاظ على مصالحها البترولية وحماية مياهها الإقليمية ذات السيادة، ليتدخل حلفاء مصر من أصدقائها ـ إيطاليا واليونان ـ بالتصدي لتلك المطامع وإيقاف هذا الزحف الاستعماري الجديد؛ بالاتفاق على ترسيم الحدود المائية بعد خلاف طويل بينهما، لقطع الطريق على من يحاول إيذاء مصر ووأد أحلام كل الطامعين والغزاة، وهكذا تكون العلاقات الدولية المخلصة لأهداف الإنسانية السمحاء؛ وليس بهدف الأطماع والغزو والتوريط لصالح القوى الكبرى المُعادية لمسيرتنا القومية الناجحة، ورب ضارة نافعة!

ولنسترد الأنفاس بعد هذه الإطلالة على بعض أحداث صفحات من تاريخ.. ما لن يهمله التاريخ! نقول لكل المصريين الشرفاء: انتبهوا لهذه الشرذمة الحاقدة المارقة في الداخل الخاضعين لتنفيذ أجنداتٍ خارجية مضادة مقابل حفنة من الدولارات، وهم الذين تحطمت أحلامهم وأطماعهم- في الإيقاع بالدولة المصرية- على صخرة المشروعات الكبرى التي تمنح المكتسبات الفارقة للمواطن المصري للرفاهية والعيش الكريم، فإن كل ما أبتغيه من التذكير بتلك الهجمات الشرسة على وطننا الغالي عبر التاريخ القديم والحديث؛ هو شحذ الهِمَمْ والمشاعر- وبخاصة الكوادر المتخصصة في منظمات المجتمع المدني- للوقوف بصلابة خلف قيادتنا السياسية الوطنية الشريفة التي تجابه- بقوة- شتى الصعوبات الاقتصادية والمشكلات الاجتماعية المتفاقمة في ملفات الاقتصاد والصحة والتعليم والبطالة وتهروء البنية التحتية؛ جراء الإهمال الجسيم طوال حقبة التجريف الفائتة التي امتدت لسنواتِ عجاف قاسينا فيها كل الصعاب والمخاطر.

علينا اليوم- وليس غدًا- الوقوف وقفة الحزم والتضافر كالبنيان المرصوص؛ ونبذ الخلافات وازكاء روح المحبة والتقدير للوطن فلنصب محبتنا له في بوتقة واحدة تكون منطلقا لرفع الروح الدفاعية عنه لتفويت الفرصة على عملاء الداخل والخارج؛ وحتى لا نمنحهم- من تصرفاتنا- مواقف الشماتة والتشفي، وإن كنا لا نكترث لهم أصلا فما يعنينا هو التكاتف لنصرة الوطن، وهذا لن يتأتى إلا بإعلان المواقف السياسية بكل الشفافية؛ وبيان حجم الاستعدادات للمواجهات المحتملة على حدود الوطن، والتأكيد على وحدة الجبهة الداخلية واستعدادها لمواجهة كافة الظروف المستجدة على أرض الواقع، فقوة الدولة.. من قوة المواطن وإيمانه الذي لا يتزعزع بسلامة سياسات قادته في أول الصفوف.

لقد علمتنا دروس التاريخ دائمًا.. أن البغاة إلى زوال.. وتبقى مصر عصية على كل غازٍ ومعتدٍ ومهدِّد لأمنها وسلامة شعبها وأراضيها صدقًا وحقًا وفضلًا من الله ونعمةستظل مصرنا مقبرة للغزاة على طول الدهر والأزمنة؛ فليعتبر المعتبرون أو فليذهبوا إلى الجحيم غير مأسوف عليهم..ولتحيا مصرنا المحروسة محروسة، وبتكاتفنا نقبض على مقاود النصر من كل اتجاه!

* أستاذ ورئيس قسم الإنتاج الإبداعي بأكاديمية الفنون