رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سارة خليف تكتب: أهمية المرأة العاملة في منظومة الإصلاح الاقتصادي

سارة خليف
سارة خليف

لازالت قضية تعزيز دور المرأة فى مصر قضية بالغة الأهمية، وذلك لما فيها من تشابك مع قضايا أخرى على جميع المستويات، وكذا اقترانها بجميع المجالات خاصة الاجتماعية والاقتصادية، لذا نرى أن الحكومة المصرية تنظر لتك القضية على أنها جزء أصيل وحيوي من قضايا أخرى على طاولة النقاش، مثل زيادة فرص الإستثمار ودفع الاقتصاد، ورفع المستوى المعيشى للمواطن المصرى، ودعم ميزانية الأسرة المصرية، التى تشكل المرأة فيها ضلعًا أساسيًا ورئيسيًا بشكل عام، والمرأة العاملة والمعيلة على وجه الخصوص، لاسيما أنها شهدت ارتفاعًا ملحوظًا فى الآونة الأخيرة، لأسباب لا تعد إيجابية، ولعل أبرزها زيادة معدلات الطلاق وتأخر سن الزواج وغيرها الكثير.

إلا أن توجه الحكومة المصرية نحو قضايا المرأة العاملة والمعيلة على وجه الخصوص يعد جانبًا إيجابيًا، وبارقة أمل للحد من الإهمال والتهميش الذي لحق بهن، حيث تم تضمين المرأة العاملة ومشاركتها فى سوق العمل المصرى كجزء لا يتجزأ من خطة الإصلاح الاقتصادى وخطط التنمية المستدامة لرؤية 2030، فلم يكن هذا نظريًا فقط، بل وجدنا أن الحكومة قد إتخذت خطوات واضحة وثابتة لتعزيز دور المرأة العاملة، متمثلة فى عدد من الإجراءات الجديدة التى اتخذتها بعض الوزارات، وعلى رأسهم وزارة التضامن الإجتماعي، بهدف دعم تنمية وحماية المرأة العاملة، وتمكينها اقتصاديًا واجتماعيًا، إلا إنه لابد من تطوير بعض السياسات والبرامج والخدمات المقدمة لهن، وذلك من خلال عدة محاور منها: التعاون مع منظمات المجتمع المدني والأحزاب، لإعداد مقترحات مشروعات قوانين لتيسير حصول المرأة العاملة على آليات جديدة وبديلة، ودعم العديد من السياسات والبرامج الداعمة للمرأة العاملة والمعيلة، والتى ستؤدى إلى تحسين أوضاعها الاقتصادية.

فإذا نظرنا بشكل عام فى النقابات (المهنية والعمالية) سنجد ضعف تمثيل النساء فى مواقع اتخاذ القرار، رغم ارتفاع أعدادهن فى الجمعية العمومية بالنقابات، مما يعكس خلل فى مدى عدالة النظم الإنتخابية داخل النقابات، حتى في أغلب النقابات التي توجد بها لجان للمرأة، وبالتالى تتقلص فرص النساء فى المشاركة فى صنع السياسات العامة والخاصة بالمهنة، وطرح قضاياهن فى العمل، فضلا عن أن سيطرة الثقافة الذكورية داخل النقابات يجعلها تفقد مبادئ العمل النقابى الأساسية، وهى الديمقراطية والتمثيل العادل والمساواة وعدم التمييز.

فالمرأة العاملة اليوم أصبحت عدد لا يستهان به، سواء (معيلة، مطلقة، أرملة...)، ومازال لها العديد من الحقوق التى لم يبدأ العمل عليها بعد، بل والعديد من المشاكل التى لم يعمل على سن قوانين لها حتى الآن، رغم إقرارها بالدستور في المادة ١١ والتي تنص على الآتي" تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور.
وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلًا مناسبًا فى المجالس النيابية، على النحو الذى يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها. وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل. كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجًا"، لذا فإن التعزيز من دور المرأة قد بدأ من أبسط الحقوق وأكثرها تلقائية، وخصوصا الحماية ضد كل أشكال العنف، حيث أن العمل الآن يتركز فى حماية المرأة، وتعديل منظومة القوانين الخاصة بها، حتى يتسنى لها المشاركة بكامل الحرية فى العمل والمجال الاقتصادى، بل والمساهمة التنموية المجتمعية الكاملة لتلحقها بعد ذلك المشاركة السياسية الكاملة.

إن ما يحدث الآن من إنجاز على مستوى التشريعات هو أمر مذهل، خاصة أن مناقشة قضايا حساسة تخص المرأة والمجتمع أصبحوا الآن جزءَ من الحوار المجتمعى، لا سيما مثل قضايا المرأة العاملة، والمرأة المعيلة، وقوانين الأحوال الشخصية، وغيرها العديد...، أما على المستوى الأكثر عملية، فإن دور القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في تغيير الثقافة يعد حاسمًا، حيث أن دور هذه المؤسسات فعال لطرح المزيد من المبادرات، ونشر المزيد من الوعى الثقافى نحو المرونة والتفتح، لاستقبال المرأة كعضو أساسى فى بيئة العمل، الأمر الذي سيجعله قادرًا على المساهمة فى التقدم والنهوض، وإيجاد حلول بديلة لدعم المرأة بشكل عام والمرأة العاملة بشكل خاص، بل ويتحمل نفس القدر من المسئولية تجاه الإصلاح الاقتصادى والتنمية والنهوض.

وختاما، نأمل ونشد من أزر كل من الحكومة والمجتمع المدني والأحزاب، في مشوارهم الداعم للمرأة بشكل عام وخاصة المرأة المعيلة، والنهوض بها وبمكانتها وأوضاعها في المجتمع، لتنتقل من حالتها الحالية، إلى حالة تكون أكثر نفعا لنفسها وللمجتمع، لكي تقوم بالدور المنتظر منها، وتكون ضلعا أساسيا في خطة تنمية الدولة الموضوعة سلفا.