رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"بدون جبهة".. إلى أين ستصل حرب السايبر بين إسرائيل وإيران؟

 حرب السيابر
حرب السيابر

"السرية والغموض" هي سمة الحروب السيبرانية، إلّا عندما يكون لأحد الأطراف المتخاصمة مصلحة في الكشف عن معلومات، فالهجمات غالباً تنفذ بدون إعلان، فتحديد مصدرها في أغلبية الحالات أمر ليس سهلاً. الهجمات في المجال السيبراني ملائمة للمعركة بين الحروب، لأنها تسمح للمهاجم بالعمل عن بعد.

في حرب السايبر، لا توجد جبهة قتالية، ولايوجد جنود، ساحة المعركة هي الجبهة الداخلية، فكل البنى التحتية تكون مستهدفة، وبإمكان كل الخدمات في الدولة أن تتوقف بهجوم سيبراني، ومن شأن هجوم سيبراني يؤدي إلى اصطدام قطارين بعضهما ببعض، أي أن هجوماً إليكترونياُ قد يكون قاتلاً أكثر من أي صاروخ بالستي.

"إسرائيل وإيران" كانت لهم عدة جولات الفترة الأخيرة في هذه الساحة، وفقاً لكل المؤشرات، فإن هذه الحرب لا تزال في بدايتها ولكن من الآن فصاعداً ستتوسع أكثر فأكثر.

تبادل الهجمات السيبرانية بين طهران وتل أبيب

في 24 أبريل الماضي، قامت إيران بمحاولة لاختراق شبكة المياه الإسرائيلية، حيث أراد القراصنة اختراق أجهزة الكمبيوتر التي تتحكم في تدفق المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي في إسرائيل، والسيطرة على الشبكة التي تنظم إضافة الكلور والمواد الكيميائية الأُخرى إلى الماء. وقد اكتشفت سلطة المياه الإسرائيلية محاولة الاختراق، واتخذت إجراءات على الفور، بما في ذلك تغيير كلمات مرور النظام.

ورداً على الهجوم قامت إسرائيل بهجوم إلكتروني على ميناء "الشهيد رجائي" أكبر ميناء في إيران في يوم 9 مايو الماضي، والذي يقع بالقرب من مدينة بندر عباس، حيث تتهم إسرائيل إيران باستخدام الميناء لإرسال أسلحة إلى حركة "حماس" وحزب الله.، وأدى الهجوم إلى توقف حركة السفن والشاحنات والبضائع دفعة واحدة، حيث تعطل عمل الميناء في ذلك اليوم بشكل مفاجئ جراء خروج الحواسيب المسؤولة عن الملاحة في المنطقة عن الخدمة.

ورفضت إسرائيل التعليق على الهجوم ضد الميناء الإيراني. لكن بعض وسائل الإعلام أفادت أن مسؤولين أمنيين إسرائيليين رفيعي المستوى أمروا الوكالات والمنشآت الحساسة برفع مستوى الحذر لديها والاستعداد لاحتمال هجوم إلكتروني انتقامي من جانب إيران. وبالفعل، تعرضت إسرائيل يوم 21 مايو لهجوم سيبراني، من إيران، حيث تم اختراق مئات المواقع الإلكترونية، من ضمنها مواقع تابعة لشركات كبرى ومجموعات سياسية ومنظمات وأفراد آخرين.

وكان موقعا السلطتين المحليتين في متسبيه رامون ورمات هشارون من بين المواقع التي تم اختراقها، وكذلك موقع سلسلة المقاهي والمتاجر "كوفيكس"، ومنظمة المستجيبين لحالات الطوارئ "إيحود هتسلاه"، والموقع الشخصي لعضو الكنيست عن حزب ميرتس نيتسان هوروفيتس. كما استهدف الهجوم مواقع إلكترونية تابعة لمنظمات يمينية مثل منظمة "ريغافيم".

وعلى الرغم من عدد المواقع الإلكترونية التي تم اختراقها في الهجوم، فإن خبراء أمن سيبراني قالوا إن حجم الهجوم كان صغيراً نسبياً، لأن جميع المواقع تعرضت للهجوم عبر نقطة وصول واحدة.

إلى أين ستصل تلك الحرب؟ وماهي استراتيجيتها؟

بحسب التقديرات، فإن المواجهة الكبيرة في المجال السيبراني بين إسرائيل وإيران لم تبدأ بجدية حتى الآن، لأنها في معظمها لم تنجح في إصابة أهداف مدنية، واقتصرت على جمع معلومات استخباراتية عن أهداف عسكرية.

حتى الآن يدور الحديث عن معركة بين إسرائيل التي تمتلك قدرات كبيرة في مجال السايبر، وتُعتبر من الدول الأكثر حماية في العالم، فضلاً عن أن قدراتها الهجومية في هذا المجال تقترب من قدرات دول السايبر الأربع العظمى: الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا، بينما تُعتبر إيران أقل تقدماً منها، إلا أنه في الفترة الأخيرة بدأن إيران تطوير قدراتها السيبرانية، بيد أن هذا المجال يحتاج للعقول وليس للموارد الهائلة.

من ناحية أخرى هناك من يربط بين الحرب السيبرانية، وبين الهجمات الجوية الإسرائيلية ضد قوات إيرانية وميليشيات شيعية في سوريا، فمن المحتمل أن إيران أرادت تجنب الرد العسكري، واختارت توسيع حدود الجبهة إلى المجال السيبراني.

على الرغم من أن إيران لم تنجح بعد في تكبيد إسرائيل أضراراً كبيرة في المجال السيبراني، فإنه يمكن أن نتوقع استمرار مساعيها وتطوير نوعية الهجمات، وكذلك أيضاً تطويرالردود الإسرائيلية وهو ما يجعلنا أمام جبهة جديدة مفتوحة، وحرب غير متوقع حجم خسائرها.