رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ميليشيات أردوغان فى ليبيا


يومًا بعد آخر تتزايد الأطماع التركية الاستعمارية العثمانية على يد الطاغية أردوغان الحالم بعودة الإمبراطورية العثمانية الدينية الإسلامية فى المنطقة العربية، والذى ما زال يراوده حلمه ويكبر معه مستندًا إلى تمويل وتسليح وتدريب المرتزقة وآلاف الدواعش النازحين من سوريا والعراق إلى تركيا التى احتضنتهم لتنفيذ مخططاتها العدوانية فى منطقتنا العربية بإرسال كل الإرهابيين الإسلاميين إلى بلداننا؛ لإشعال الحروب والصراعات وإنهاك الجيوش والبلاد، ومنها سوريا ومصر، وأخيرًا وليس آخرًا، إرسال المرتزقة إلى ليبيا والاتفاق مع حكومة الوفاق «المتحالفة مع الميليشيات الإسلامية» على حمايتها والوقوف معها وتمكينها من تثبيت سلطتها على امتداد ليبيا، مقابل أن تنقب تركيا فى حقول النفط الليبية وتستولى على نصيب منه، بل وتقوم بالتنقيب فى المياه الإقليمية فى شرق البحر المتوسط مهددة للمصالح الاقتصادية لليونان وقبرص ومصر.
يعربد الرئيس التركى ويعيث فى الأرض فسادًا مهددًا الدول الغربية بإطلاق الدواعش الموجودين على أرضه للعودة إلى بلادهم، مما يهدد هذه الدول بالمزيد من الأعمال الإرهابية، كما يمد يده لأى دولة ويتفاوض معها لتحقيق مصالحهما معًا، سواء أمريكا «التى تشجع الآن سياسات أردوغان فى ليبيا، بل وتقوم بالتمويل من أجل تحجيم الدور الروسى المساند للقائد الوطنى خليفة حفتر» أو روسيا «مصالح مشتركة حول مرور الغاز الروسى عبر الأراضى التركية، ومنها إلى أوروبا» أو إسرائيل «التى يدعى أنها خطر عليه وضد مصالحه، وفى نفس الوقت يعقد معها مزيدًا من الاتفاقات الاقتصادية والعسكرية والتجارية»، فهو يلعب على جميع الأطراف لتحقيق أطماعه، ومنها الوصول إلى شمال إفريقيا فى تونس والمغرب والجزائر، محاولًا اختراق هذه الدول من خلال الجماعات الإسلامية، وعلى رأسها حزب النهضة الإخوانى فى تونس ورئيسه الغنوشى، الذى بارك الاتفاقات التركية الليبية، وذلك تعويضًا عن فشل مخططه الإخوانى الإسلامى على يد الشعب المصرى، الذى أسقط حكم المرشد وخطة التنظيم الدولى للإخوان المسلمين وأطاح بهما فى ثورة ٣٠ يونيو٢٠١٣.
أرسل أردوغان أكثر من ١١ ألفًا من المرتزقة المدربين على أرضه لمساعدة رئيس حكومة الوفاق فايز السراج؛ لاستعادة طرابلس والزحف على شرق ليبيا، مهددًا بالتالى الأمن القومى المصرى على حدودنا الغربية، ما يحق لنا، وفقًا لميثاق الأمم المتحدة، مواجهة ذلك الخطر بكل الوسائل، ولقد بدأت مصر بطلبها هدنة ووقف القتال والعودة إلى المفاوضات والحل السياسى لسلام ليبيا والحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها وشعبها.
يجىء ذلك فى وقت يقاوم فيه جنود الجيش المصرى الباسل الإرهابيين على الحدود فى شمال سيناء الحبيبة، وفى الوقت نفسه تنشغل مصر أيضًا بمواجهة جائحة فيروس كورونا وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والأزمات الناتجة عنها فى مصر مثلها مثل كل دول العالم.
كما يجىء التصعيد التركى فى وقت تواجه فيه مصر أزمة سد النهضة الإثيوبى، الذى يصر رئيس الوزراء الإثيوبى أبى أحمد على أن يضرب بعرض الحائط كل الاتفاقيات الدولية والإقليمية المنظمة للمياه للدول المشتركة فى مصادر المياه، مما يضر بالأمن المائى المصرى.
أثناء كتابة هذا المقال تواردت الأنباء عن أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين طلب من نظيره التركى أردوغان، خلال مكالمة هاتفية، ضرورة وقف إطلاق النار فى ليبيا واستئناف المفاوضات بين الفرقاء فى أقرب وقت بناء على قرارات مؤتمر برلين الدولى فى ١٩ يناير الذى صادق عليه مجلس الأمن الدولى فى القرار ٢٥١٠، الذى نص على الالتزام بسيادة واستقلال وسلامة ووحدة الأراضى الليبية. وعلى الأرض الليبية يرفض عدد كبير من الشعب الليبى التدخل العسكرى التركى ويعتبره غزوًا للأرض الليبية وانتهاكات صارخة وجرائم ترتقى إلى جرائم حرب على يد قائد الغزو التركى المغامر أردوغان، وأصدر بعض القبائل الليبية، ومنها «قبيلة المنفة» بيانًا جاء فيه: «إننا نسخر كل إمكاناتنا من رجال وعتاد لطرد الغزاة الأتراك من ليبيا، كما فعل أجدادنا من قبل، ولن يجد الغزاة إلا الموت الذى سنلاحقهم به فى كل شبر من هذه الأرض الطاهرة».
إن الوضع على الأرض الليبية جد خطير ويهدد أمننا القومى على حدودنا الغربية التى جاء منها المتطرفون ودخلوا وارتكبوا أعمالًا إرهابية، آن الأوان لمصر أن تتحرك بكل الوسائل المتاحة، من أجل الحفاظ على الأمن القومى المصرى ووأد المشروع الاستعمارى التركى الإخوانى.