رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دماء على الثوب الأبيض!!


في الوقت الذي يحي فيه العالم جموع الأطباء وينحني أمامهم إجلالا واحتراما لصمودهم ولتصديهم لفيروس كورونا، نفاجأ بطبيب يخالف القانون ويعمل جزارا لا طبيبا، ففي الأسبوع الماضي أحال النائب العام والد ثلاث فتيات وطبيبا إلى محاكمة جنائية عاجلة بعد أن خدع الأب بناته وأخضعهن لعملية بتر تناسلي تحت تأثير المخدر، وكان الطبيب قد ذهب إلى منزل الفتيات بعد أن قال لهن والدهن بأنه سيقوم بتطعيمهن ضدَّ فيروس كورونا، لكنهن ُحقنّ بمخدر أفقدهن الوعي، وعندما أفقن فوجئن بأن أرجلهن مقيدة، وشعرن بآلام في أعضائهن التناسلية، فأخبرن والدتهن المطلقة التي أبلغت السلطات المختصة بالواقعة.
ولم يتجاوز عمر الفتيات الثلاث 18 عاما، ومنذ عدة سنوات طالعتنا وسائل الإعلام بخبر وفاة فتاة المنيا بدور أثناء إجراء عملية ختان لها عام 2007.
والختان هو عملية همجية تحدث باسم الدين، والدين منها براء، إنها عملية بربرية إستحقت أن تحمل إسم "البتر التناسلي للإناث" وهو الإسم العلمي الجديد كما تسميها بعض الموسوعات، وهي عملية جزارة تنتمي لعقلية القرون الوسطى ولسلوك الهمج.
وقد تبنت منظمة اليونيسيف وهي منظمة عالمية تساهم في بناء عالم ينال فيه الأطفال سائر حقوقهم، وهي بمثابة حلقة وصل بين المنظمات العالمية التي تدعم حقوق الإنسان والسلطة العليا في الدول، تبنت عام 2005 قضية البتر التناسلي واعتبرت يوم 6 فبراير من كل عام يومًا عالميًا لرفض تشويه الأعضاء التناسلية للإناث والسعي للقضاء على ممارسة هذه العادة الضارة والخطيرة التي تتعرض لها فتاة كل 15 ثانية في مناطق مختلفة من العالم، وأكد أحدث تقرير صادر عن منظمة اليونيسيف أن أكثر من 200 مليون امرأة وفتاة خضعن لعملية الختان والذي اعتبرته المنظمة انتهاكًا واضحًا لحقوق الإنسان، وأشار التقرير إلى أن هناك 30 دولة حول العالم مازالت تمارس هذه العادة إلا أن نصف الحالات يتركز في مصر وإثيوبيا وإندونيسيا.
وتعد عملية البتر التناسلي للإناث من أعمال العنف ضد المرأة، الذي يعد ظاهرة مزمنة، وهو من أكثر أحد انتهاكات حقوق الإنسان شيوعًا وانتشارًا، وتعتبر ظاهرة ممارسة العنف ضد المرأة هي أقبح عار يجلل الإنسانية، فهذا العنف الذي تتجرعه المرأة هو سبة شنعاء في جبين الإنسانية وأقبح بلاء منيت به حقوق الإنسان في عصرنا الحالي.
والمدهش أن عملية البتر التناسلي للأنثى أصبحت بالنسبة لبعض الأصوليين في مصر قضية دونها الموت، يرفعها ويقاتل في سبيلها متطرفون يعتقدون أنهم قد حلوا كل القضايا المصيرية، ولم يعد أمامهم إلا متعة الأنثى يحاولون وأدها، ومن المؤسف أيضا أن هناك عددا لابأس به من الأطباء الذين قضوا أعواما في الدراسة والبحث العلمي لازالوا يقومون بممارسة هذه الجريمة النكراء ويلوثون الثوب الأبيض بدماء الجهل والتخلف فهل من عقاب رادع ليبقى الثوب البيض نقيًا ناصع البياض دون تشويه؟!!