رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سلوى بكر تستشرف مستقبل الرواية التاريخية فى زمن الكورونا (حوار)

سلوى بكر
سلوى بكر

تشعل اليوم الكاتبة الكبيرة سلوى بكر (ولدت في القاهرة سنة 1949) الشمعة رقم "71" من شمعات عمرها وسط مسيرة من العطاء الأدبى الذى يدور الكثير منه في أجواء تاريخية، ونقدية.

لم ندعو الساعات الأولى من العام الواحد والسبعين من عمر الأديبة المصرية سلوى بكر، تفوتنا دون أن نجرى هذا الحوار معها، والذى تستشرف فيه وتتوقع مستقبل الرواية التاريخية بعد انتهاء جائحة كورونا، وتقييمها للمشهد الثقافى العربى فى ظل الجائحة؛ وإلى نص الحوار.

_بداية ما توقعاتك لمستقبل الرواية التاريخية بعد انتهاء أزمة كورونا؟
فى البداية؛ الرواية التاريخية هى الرواية التى تتسائل عن التاريخ - تطرح أسئلة التاريخ سواء القديمة أو المجددة -، وتسعى إلى أن تكون هناك رؤى جديدة تتعلق بهذه الأسئلة، وأن المسألة الأخرى أن التاريخ متراكم وممتد وغنى ومتنوع فإذن الرواية التى تتعلق بالتاريخ ستظل موجودة وقابلة للوجود فى أى زمان سواء قبل الجائحة الحالية أو بعدها.

ولكن ربما هذه المحنة والجائحة الإنسانية تعيد التفاؤل حول التاريخ على نحو مغاير؛ لأن التاريخ فى النهاية هو جملة من الوقائع الإنسانية، إذا السؤال هو هل ستتسائل الرواية بعد انتهاء هذه الجائحة عن الوقائع الإنسانية التى حدثت قبل أو أثناء الجائحة، هذا سؤال قابل للوجود ومشروع إلى حد كبير جدًا.

أما المسألة الأخرى ربما هذه الجائحة تفتح ملفات تتعلق بالتاريخ طالما كان مسكوتا عنها جديدة لم يتم التطرق اليها من قبل؛ هذه مسالة أخرى سواء التاريخ القديم أو الحديث أو الوسيط، وأن المسألة الأهم، وهي التفاؤل حول وقائع التاريخ من نظور كونه انفصالات وليس كونه اتصالات، نحن تعودنا التعامل مع التاريخ باعتباره انفصالات حيث نتحدث عن تاريخ أوروبا أو تاريخ شرق آسيا أو التاريخ العربى مثلًا، ولكن قالما نتعامل مع هذا التقسيم الجغرافى للتاريخ سواء فى العصر الحديث أو فى أية عصور أخرى لا نربط بين أحداث التاريخ هنا وأحداث التاريخ هناك.

ربما هذه الجائحة التى ربطت العالم كله على نحو كونى تجعلنا نعيد النظر فى التعامل مع التاريخ باعتباره اتصالات ولس انفصالات؛ إذًا أنا أظن ان هذا الجائحة تطرح اسئلة عزيزة ومتباينة ستكون اسئلة ملهمة جدًا للرواية التاريخية.

_ تداعيات كورونا ثقافيًا على المستوى المحلى والإقليمي والدولى هل ستتغير المفاهيم والأشكال الثقافية؟
هذه الجائحة ستغير عميقًا القيم والمفاهيم والأنماط السلوكية لأنه على مستوى الإنسان الفرد - كل انسان فرد - اضطر بشكل أو بآخر سواء فترة الكمون الإجبارى ان يفكر لماذا يعيش على النحو الذى كان يعيشه، على سبيل المثال بالنظر الى مما كانوا يدخنون الشيشة على المقاهى اصبحوا يدخنونها فى منازلهم او لا يدخنونها تمامًا لمدة 3 أشهر ولم يحدث شيئًا، فالتساؤلات حول أنماط السلوك الإنساني والقيم السائدة والاعتيادات الإنسانية كل هذا أنا أظن أنه سيعاد فيه النظر مرة أخرى، كذلك السلوك الاستهلاكي سيعاد فيه النظر مرة أخرى، وأظن ان العالم لم يكون كما كان قبل بدء الجائحة.

_ هل تأثر إنتاجك الأدبى بأزمة كورونا.. وما شكل هذا التأثير؟
لا أظن ذلك، لأنى من الكتاب ممن لا يكتبون بشكل يومي، وكما أقول دائما انا كاتبة هاوية ولست كاتبة محترفة، واسلوبى الحياتى المتعلق بالكتابة لم يتغير كثيرا بسبب الجائحة.

_ ولدتى عام 1949 بعد انتشار وباء الكوليرا فى مصر بعامين، هل ما زال فى مخيلة سلوى بكر الطفلة بعضًا من أجواء الوباء؟
فى مرحلة الطفولة كان مر سنوات على انتشار وباء الكوليرا، ولم أتذكر شيئًا عنه أو عن أجوائه، كما أن بيئتى التى نشأت فيها لم أذكر أنها تأثرت به.

_ وماذا عن الأعمال الأدبية العربية التى تناولت الأوبئة؟
مصر طوال تاريخها تتعرض لانتشار الأوبئة مثل الكوليرا والطاعون، إلا أن الكتابات الأدبية العربية المتعلقة بالأوبئة محدودة جدا، يعني مثلا لا تجد إلا رواية سعد مكاوى "السائرون نياما" وهى تتحدث عن الطعون فى القرون الوسطى، ورواية أخرى لشاب من صعيد مصر تناول الطاعون فى الزمن الفاطمى، كذلك روايتى التاريخية المعنون بـ "شوق المستهام" التى صدرت 2015 تناولت وباء الجدرى الذى انتشر فى القرن التاسع الميلادى، إلا أنها كتابات قليلة بالمقارنة بالكتابات الأدبية الأوروبية عن الأوبئة.

_ فى ظل التحول الرقمى الذى عجلت به الجائحة هل سنرى رواية الكترونية قريبًا لسلوى بكر وهل تواصل معك أحد الناشرين لرقمنة رواياتك؟
أتمنى ذلك، ولم يحدث أن اتصل بى أحد الناشرين لرقمنة أعمالى الأدبية، وهو ما لا أسعى له، حيث أرى أن دورى يتوقف عند الكتابة فقط.