رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الفلاحون.. رواية تشخوف الأخلاقية

الفلاحون
الفلاحون

قبل أن تعرف ما هو المطلوب يجب أن تعرف ما هو الموجود، كان هذا هو مبدأ تشيخوف فى كتاباته، حيث كان يسلط الضوء على بيت الداء كى يعرفه الناس فيطببونه. وهذا ما فعله فى روايته الفلاحون، التى طرح فيها بشكل مبسط وغاية فى التعقيد فى الوقت نفسه كيف هو الوضع داخل الريف الروسى. حين طرح أسئلة دون أجوبة، حيث قال فى مقطع من مقاطع الرواية من الذى يتشاجر مع الفلاح ويتعالى على الفلاح وينفق مال الفلاح على الفودكا، ومن الذى يمتهن الفلاح ويغتصب ماله حتى لو كان بضع فراريج إنه الفلاح.

يبدأ قصته بنيكولاى وزوجته أولجا العائدات من موسكو فى زيارة لأهله بالريف الروسى، وهنا بدأ تشيخوف يرسم معالم القرية بطريقة مذهلة تجعلك ترى القرية وكأنك من سكانها، وكأنها ليست فى تلك البلاد البعيدة ليؤكد لك أن الريف هو الريف الزرع والماء والفلاحين المعبئين بالخير والشر المكتويين بالبعوض والحشرات وضرائب الإقطاعيين، دخل نيكولاى وزوجته اولجا وابنتهما إلى بيت ذويهم فوجدوا شقيقه كلارك مخمورا يضرب زوجته ضربا مبرحا كما هو معتاد، بينما الأب يجلس بجوار الفرن، بينما الأم تتشاجر مع أوز الجيران الذى دخل زراعتهم.

كما تطرق تشيخوف إلى الحانة التى يجتمع بها الفلاحون كل ليلة ليفرغوا ما فى جيوبهم على الخمر، بعد أيام معدودات ينشب حريق فى القرية بصورة تشيخوف ببراعة، وكأنه يحمل العديد من الكاميرات ليصور لنا المشهد من زوايا متعددة، ويبرز خمول الفلاحين المخمورين حيال الحريق، ثم ينتقل بنا إلى يوم جمع الضراىب وسحب الأراضى من المقصرين كما بين طريقة العمدة وهو واحد من الفلاحين وانصياعه التام الإقطاعيين ضد أقاربه حفاظا على كرسيه، تمر أيام قليلة فتمل أولجا وزوجها وابنتها من القرية التى فروا اليها بعد انقطاع راتبه فى موسكو لكنهم يقررون العودة، فيموت نيكولاى وتخرج أولجا وابنتها ليقفا أمام الكنيسة ويطلبون الصدقة.

تذكرنى رواية الفلاحون لتشيخوف برواية صح النوم ليحيى حقى هم أهل القرية والحانة والعمدة والفقر غير أن يحيى حقى أنهى روايته باستفاقة الفلاحين على عكس ما فعل تشيخوف فى روايته الأخلاقية، التى أراد منها أن يقول صح النوم كما قال يحيى حقى من بعده.