رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المستشفيات الخاصة.. لا وقت للميوعة


حيتان المال والشركات متعددة الجنسيات، العابرة للقارات، لم يتمكنوا من منع المجتمع الدولى من التوافق على ضرورة أن يكون اللقاح المضاد للفيروس، حال ظهوره، منفعة عالمية عامة، متاحة لجميع الشعوب. بينما يحاول أصحاب المستشفيات الخاصة، فى مصر، استغلال الأزمة أو استثمارها، وأعلنوا انسحابهم من، أو امتناعهم عن، تقديم خدمة العلاج للمصابين بفيروس «كورونا المستجد»، اعتراضًا على الأسعار التى أقرتها وزارة الصحة.
بهدوء، أو ببرود، نحسده عليه، نقل لنا تلك المعلومة، أحد أعضاء مجلس إدارة غرفة مقدمى الخدمات الصحية باتحاد الصناعات، فى برنامج تليفزيونى، مع أن لدينا قانونًا يتيح «تحديد سعر بعض الخدمات أو السلع أو المنتجات»، بل ويتيح أيضًا إلزام هذه المستشفيات، والمراكز الطبية التخصصية والمعامل، بالعمل بكامل أطقمها الفنية وطاقتها التشغيلية.
عدد أسرة المستشفيات الخاصة يتجاوز ٦٠ ألف سرير، ٤٠ منها فقط، فى ٦ مستشفيات، هى التى تم تخصيصها لعلاج المصابين بالفيروس، مقابل ٣٠ ألف سرير خصصتها الدولة بالمستشفيات الحكومية. والطريف هو أن عضو مجلس إدارة الغرفة زعم أن العدد الأخير، الـ٣٠ ألفًا، يكفى لاستيعاب ما بين ٦٠ و١٨٠ ألف مريض. وبالتالى، رأى أن المستشفيات الحكومة قادرة وحدها، إلى الآن، على استيعاب كل المصابين بالفيروس.
الأسعار، التى قررتها وزارة الصحة لإقامة المرضى، أو عزلهم، فى تلك المستشفيات تراوحت بين ١٥٠٠ و١٠ آلاف جنيه، فى الليلة الواحدة: من ١٥٠٠ إلى ٣ آلاف للقسم الداخلى، ومن ٥ إلى ٧ آلاف للرعاية المركزة، ومن ٧٥٠٠ إلى ١٠ آلاف للرعاية مع استخدام جهاز تنفس صناعى. ومن خطاب وجهه رئيس قطاع مكتب وزيرة الصحة إلى رئيس الإدارة المركزية للعلاج الحر والتراخيص الطبية، عرفنا أن تحديد تلك الأسعار التقريبية جاء بناء على تعليمات رئيس الوزراء، بعد شكاوى عديدة من ارتفاع أسعار الخدمات العلاجية بالمستشفيات الخاصة.
من الآخر، أو على بلاطة، قال المتحدث الرسمى لغرفة مقدمى الخدمات الصحية باتحاد الصناعات إن «كل مستشفى حر فى تحديد سعر العلاج». وعلى طريقة نجيب الريحانى، فى فيلم «أبو حلموس»، قام عضو مجلس إدارة الغرفة، بتقسيم التكلفة، مع أن الأسعار، التى وضعتها الوزارة، جاءت بعد دراسة جيدة من لجنة التسعير بوزارة الصحة.
قيل إن الأطباء يشترطون الحصول على ٣ أضعاف أجورهم فى «الشيفت» ويشترطون على المستشفيات تعويضهم لو أصيبوا بالعدوى. وهناك من ذهبوا إلى أن ارتفاع التكلفة يرجع أيضًا إلى قلة توافر مستلزمات الوقاية فى الأسواق، ما جعل السبيل الوحيد لتوفيرها هو السوق السوداء: «بنشتريها من السوق السوداء وده مكلف جدًا».
قيل وقيل وقيل، بينما لا نرى أى مجال للقيل والقال، فى تدابير جديدة استحدثتها تعديلات قانون الطوارئ، التى نشرتها الجريدة الرسمية، فى ٧ مايو الماضى، بعد أن أقرها مجلس النواب وصدّق عليها رئيس الجمهورية. وبحسب الجريدة الرسمية، أيضًا، فإنه نظرًا للظروف الأمنية والصحية الخطيرة التى تمرّ بها البلاد، وبعد أخذ رأى مجلس الوزراء، قرّر رئيس الجمهورية إعلان حالة الطوارئ فى جميع أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أشهر، اعتبارًا من الساعة الواحدة من صباح الثلاثاء الموافق ٢٨ أبريل الماضى.
المادة الثانية فى تعديلات قانون الطوارئ، أضافت عددًا من البنود إلى نص المادة ٣ من القانون تضمنت بعض التدابير، وأتاحت لرئيس الجمهورية أو من يفوضه اتخاذها كلها أو بعضها لمواجهة الحالة الطارئة، من بين التدابير إلزام بعض أو كل المستشفيات الخاصة والمراكز الطبية التخصصية والمعامل، بالعمل بكامل أطقمها الفنية وطاقتها التشغيلية لتقديم خدمات الرعاية الصحية بصفة عامة أو لحالات مرضية مشتبه فى إصابتها بأمراض محددة، تحت الإشراف الكامل للجهة الإدارية، التى أتاح لها القانون تحديد أحكام التشغيل والإدارة، والاشتراطات والإجراءات التى يتعين الالتزام بها، ووضع آليات مراقبتها فى تنفيذها.
حتى فى عدم وجود هذا التعديل، فإن البند الرابع من المادة الثالثة فى القانون القديم، القانون رقم ١٦٢ لسنة ١٩٥٨ نص على أنه «يجوز بقرار من رئيس الجمهورية توسيع دائرة الحقوق المبينة فى المادة السابقة على أن يعرض هذا القرار على مجلس الأمة فى أول اجتماع له». ما يعنى أن التعديلات لم تضف جديدًا وأنها فقط تضمنت موافقة مسبقة من «مجلس الأمة» الذى صار اسمه مجلس النواب، على القرارات أو التدابير.
دول عديدة، توصف بأنها متقدمة، اتخذت إجراءات وتدابير شبيهة، أو أكثر حدّة. وعليه، لا نرى أى جدوى من الاتصالات الجارية، حاليًا، لعقد لقاء بين وزيرة الصحة وأصحاب المستشفيات الخاصة أو مجلس إدارة غرفتهم. فلا وقت للميوعة، ولا مجال للتفاوض على مص دماء الشعب، أو مقايضة المواطنين على أرواحهم.