رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مفكر عراقي ينتصر للحضارة المصرية القديمة ويعيد اكتشافها

خزعل الماجدي
خزعل الماجدي

ظلت الحضارة المصرية القديمة منذ أن كشف شامبليون عن أسرارها٬ عندما فك رموز حجر رشيد٬ وحتي الآن مازال سحر الحضارة المصرية القديمة ساري المفعول بين جميع أجناس البشر. ومن بين عشاقها الباحث والمفكر العراقي خزعل الماجدي٬ والذي يشير في مقدمة كتابه "الحضارة المصرية" والصادر عن دار الرافدين ومنشورات التكوين٬ ضمن مشروعه الثقافي التأريخي الضخم "حضارات الأصول".

يقول الماجدي:"لا أحد يعرف عظمة الحضارة المصرية إلا من تقصي آثارها ونصوصها بدقة وأدرك كيف استطاعت هذه الحضارة أن تبني صروحها٬ في كل الحقول٬ بتوازن نادر بين نزعة بناء دنيوية مادية ونزعة تطلع روحي أخروي. الحضارة المصرية مثال نادر في الحضارات القديمة علي التوازن بين المكونات والمظاهر المادية والفكرية للحضارة. بين عالمي المادة والروح٬ والدنيا والآخرة٬ الحياة والموت..ألخ وهي في الوقت نفسه حضارة أخلاقية بكل ما تعنيه الكلمة٬ إذ يندر العثور علي مثلها في هذا المجال. فقد أشاعت الأخلاق فيها شحنة حضارية مكنتها من جمع المنجزين المادي والروحي في توازن دقيق.

يعيد "الماجدي" في سفره الضخم 723 صفحة من القطع الكبير الإعتبار لفراعنة مصر العظام٬ ويفكك الصورة الذهنية الراسخة عن أن ملوك مصر القديمة كانوا مستبدين للدرجة التي صار بين الناس مثل شعبي:"يا فرعون إيش فرعنك٬ قال مالقيتش حد يردني" يبرئ الباحث ساحة الفراعنة من الإستبداد التي رسخت لها الأديان الإبراهيمية٬ مؤكدا أن:" القول بأن هذه الحضارة (المصرية) قد أسست للاستبداد من خلال تأليه الفرعون فهو قول غير دقيق لأن فراعنة مصر لم يكونوا بألوهيتهم المفترضة مستبدين بل مساهمين في توازن أخلاقي عظيم للمجتمع المتلاطم بالتغيرات الدائمة. كان الفرعون يجسد التوازن والعمق ويسبب العمران والبناء ويخلق القدرة علي الإبداع الروحي أيضا٬ وقد جاءت إشاعة كونه مستبدا من حكايات التوراة والكتب المقدسة اللاحقة لكي توصم بها حضارة عظيمة بطريقة ساذجة٬ أصبحت اليوم مثار سخرية لاذعة.

يضم الكتاب كل مظاهر الحضارة المصرية٬ بإيجاز ومعززا بالصور والجداول والمراجع٬ ففي فصله الأول مقدمة تعريفية بأسماء مصر القديمة ومعانيها والأصل السلالي للمصريين ونظريات أصلهم والجغرافيا المصرية وعلم المصريات وعلمائه المصريين والأجانب٬ ومصادر دراسة الحضارة المصرية.

أما الفصل الثاني فكرسه الباحث لتاريخ مصر القديم بإيجاز شديد منذ عصور ما قبل التاريخ وحتي دخول الإسلام لمصر. وقد مر هذا التاريخ علي البدايات الصغيرة لنشوء وتكوين شخصية الحضارة المصرية.

وفي الفصل الثالث يناقش بالتفصيل المظهر السياسي للحضارة المصرية ابتداء من قمة هرمه السياسي الملكي وصولا إلي أسفله وانتقال مصر من نظام دولة المدينة إلي الدولة الواحدة ثم الإمبراطورية مع المملكة الحديثة٬ وتتبع العلاقات الخارجية ثم القوات المسلحة من الشرطة والجيش والأسطول البحري.

خصص الفصل الرابع للمظهر الاجتماعي ومعرفة الطبقات الاجتماعية والبيت والأسرة المصرية ومكانة المرأة والقوانين والقضاء والثورات الاجتماعية٬ والرياضة والزينة والخمر والجنس والمطبخ..ألخ.

فيما ناقش في الفصل الخامس للمظهر الاقتصادي ممثلا بالزراعة والري والصناعات والحرف الكثيرة٬ والتجارة الداخلية والخارجية والضرائب والعملة والنقود.
وفي الفصل السادس تناول الديانة المصرية واصفا إياها بأنها: "العمود الفقري للحضارة المصرية" من خلال أربع مكونات رئيسية هي: المعتقدات والأساطير والطقوس والنهايات. وأربع مكونات ثانوية هي: الأخلاق والشرائع الدينية٬ ثم السير المقدسة والجماعات الدينية والباطنية.

وجاء الفصل السابع ثريا في بحثه عن الثقافة المصرية من خلال اللغة والكتابة والأدب والذي تتبعه الباحث في صيغته الدينية٬ وصيغته الدنيوية في القصص وأدب الحوار والأدب الغنائي الشعري والأدب الأخلاقي الذي جسدته الأمثال ونصوص السخرية والحيوان والوصايا والتعليم ونصوص الحكمة المصرية عبر 13 حكيما.

بينما تناول الفصل الثامن علوم المصريين القديمة٬ كالعالوم الطبيعية والرياضيات وعلم القياس والتخطيط الحضري والهندسة المعمارية وعلم الفلك المصري والكيمياء والمعادن والأحجار والأحياء. ثم الطب المصري المتميز النوعي عبر أشكاله٬ وكذلك العلوم الإنسانية كالتاريخ والجغرافيا والتربية من خلال المدارس والمكتبات٬ وهناك أيضا العلوم السحرية وهي علوم الأسرار التي تميزت بها مصر وظلت علامة فارقة في تاريخها الديني الفكري والروحي٬ وشملت السحر والعرافة والتنجيم وتفسير الأحلام.

أما الفصل التاسع والأخير فقد ناقش الفنون في الحضارة المصرية بدءا من الفنون التشكيلية كالعمارة والنحت والرسم والفنون التطبيقية٬ ثم فن الموسيقي والغناء٬ ثم فن الأزياء والمكياج والحلي٬ وفن الأثاث والزخارف ثم المسرح الديني المصري ومناقشة طبيعته وعلاقته بالطقس الديني ومقارنته بالمسرح الدنيوي الغاية.