رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أسرار الدوحة «2»

محمد الباز يكتب: أكاذيب قطر فى ملف أزمة «كورونا»

محمد الباز
محمد الباز

إذا كنت من هواة مشاهدة تغطيات قناة الجزيرة للشأن المصرى سيصلك إحساس أن فيروس «كورونا» ليس موجودًا إلّا فى مصر وحدها دونًا عن دول العالم، وسيصبح راسخًا لديك يقين بأن الحكومة المصرية تخفى الحقيقة التى تنفرد بها القناة القطرية وتأتى بها إليك.. وحتمًا سترى أن الحكومة فى مصر فاشلة، فهى لا تستطيع أن تقاوم فيروس، مجرد فيروس.
الصورة تبدو على قناة الجزيرة ضالة ومضللة تمامًا.. ولا أعرف كيف لصاحب عقل، مجرد عقل، أن يستمع إليها أو يأخذ عنها شيئًا، فالقناة التى يعمل إعلاميوها فى قطر، التى تعانى تحت وطأة فيروس كورونا، لا يشغلهم ما يحدث على بعد خطوات منهم، ويركزون كل جهودهم على كشف الأسرار المصرية، رغم أن التجربة أثبتت أنه لا أسرار على الإطلاق فى مواجهة وباء يجتاح العالم كله.
المفارقة التى لا تشكل مفاجأة لى ولا لك بالتأكيد، لأن هذا ما تعودناه من قطر، أن الدوحة لا تخفى الحقيقة فيما يتعلق بفيروس كورونا فى بلادها فقط ولكنها تشوه الحقائق وتلونها، وتقوم بعملية تضليل كاملة، ليس للمواطن القطرى المغلوب على أمره فقط ولكن للعالم كله.
قبل أيام استدعى أمير الدوحة، تميم بن حمد، رئيس وزرائه، خالد بن خليفة آل ثانى، إلى قصر اللؤلؤة، ويدلنا الحوار الذى دار بينهما- وصل إلينا عبر مصادر وثيقة الصلة من البيت الحاكم فى قطر- أن الأزمة التى تواجهها قطر بسبب كورونا أكبر مما يتخيله أحد.
سأل تميم رئيس وزرائه عن الوضع الأمنى والوبائى فى المدينة القديمة ومساكن عمال البناء فى استادى الريان والوكرة، لأنها الأماكن التى سجلت أعلى نسبة إصابات بفيروس كورونا.
كان تميم منزعجًا لأكثر من سبب، فقد تجمعت لديه معلومات أن منظمات حقوقية دولية لديها تقارير عما يحدث للعمالة فى قطر، وأنها بصدد إصدار بيانات إدانة للسلوك القطرى فى معالجة الأزمة، صحيح أن هناك ما كان مطمئنًا لأمير قطر، فقد كلف مستشاره السياسى، عزمى بشارة، بالتحرك والتواصل مع هذه المنظمات لتخفيف حدة البيانات التى يمكن أن تصدرها، وصحيح أنه- كما أخبر رئيس وزرائه- طلب تفعيل دور شركات العلاقات العامة الأمريكية التى يتعامل معها لتحسين صورة قطر عالميًا، والإشادة بما تفعله فى الأزمة، إلا أن هذا فيما يبدو لم يكن كافيًا.
قال الأمير تميم لرئيس وزرائه إن الأمر يمكن أن يكون خارج سيطرتنا، خاصة بعد أن وصل عدد الإصابات إلى ٦٠ ألفًا.
كانت هناك مفاجأة حملها خالد بن خليفة لتميم، فالإصابات الفعلية تتجاوز المائة ألف، وعدد الوفيات تجاوز بالفعل ٣ آلاف، وهو ما يتجاوز الأرقام الرسمية المعلنة.
حاول رئيس الوزراء تخفيف وطأة ما قاله، فأشار إلى أن أغلب الوفيات بكورونا من بين العمال الآسيويين والأفارقة، وبالتالى فقطر غير مسئولة عنهم، بل تقع المسئولية كلها على الشركات التى جلبتهم للعمل فى إنشاء المشروعات المتعلقة بكأس العالم التى يفترض أن تستضيفها قطر فى العام ٢٠٢٢.
كشف خالد بن خليفة عما فعلته قطر مع مَنْ ماتوا هناك متأثرين بكورونا، قائلًا: لقد أصدرت تعليماتى للشرطة بسحب أوراقهم وجوازات سفرهم وهواتفهم النقالة، ومن توفى تم شحنه عبر سفن فيها ثلاجات لبلادهم، وأغلبهم من نيبال وإيران، وأيضًا توفى ٣٥٠ عسكريًا تركيًا من القوات التركية، وقد تعهدت الحكومة التركية بنقلهم إلى بلدهم دون الإشارة إلى أنهم توفوا فى قطر، على أن يتم تعويض عائلة كل منهم بـ١٠ آلاف دولار.
الجريمة الكاملة كشف عنها خالد بن خليفة عندما أخبر تميم بأن السلطات القطرية أصدرت تعليمات واضحة إلى المواطنين بعدم الحديث مطلقًا عما يحدث، حتى لا تحدث بلبلة، وهناك متابعة دقيقة لتنفيذ هذه التعليمات، وهو ما يشير إلى أن هناك الكثير الذى يتم إخفاؤه، ولا تريد قطر أن يطلع عليه أحد.
الوضع على الأرض سيئ بدرجة لا يمكن أن يتخيلها أحد، فعدد كبير من الذين يتوفون بكورونا فى قطر تصدر شهادات وفاتهم بأسباب أخرى غير الفيروس، ويتم التعامل مع أسرهم على الفور، حيث يتم منعهم من الكلام عن هذا التزوير فى مقابل الرعاية وتوفير معاش بنفس قيمة راتب المتوفى وإعفاء أبنائه من أى رسوم مدرسية أو جامعية، بل أقدمت قطر على منح بعض الأجانب الجنسية القطرية فى مقابل عدم الإفصاح عن تزوير شهادات وفاة ذويهم.
يعتمد خالد بن خليفة، رئيس الوزراء القطرى، على وزيرة الصحة القطرية، حنان الكوارى، التى أشار إليها فى اجتماعه مع تميم، وأشاد بالجهد الذى تبذله لتنفيذ تعليمات الحكومة فى سرية تامة.
ما يستوقفنا فى هذا الاجتماع، أن تميم سأل رئيس وزرائه: هل فقدنا السيطرة على الوباء؟
لم يقل له خالد بن خليفة إجابة واضحة، لم يقل سيطرنا أو خرج عن سيطرتنا، لكن جاءت إجابته، التى تفتقد إلى أى شكل من أشكال الإنسانية: نحن نقوم بكل ما نستطيع لحماية القطريين فقط.