رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«مسلم وهندوسي إيد واحدة في القتل».. القصة الكاملة لـ«الخناقين»

الجمعيات السرية
الجمعيات السرية

لعبت الجمعيات السرية دورا هاما في تاريخ البشرية٬ وأثرت تأثيرا بعيد المدي٬ وكانت في بعض الأحيان أداة من أدوات التغيير والإصلاح والبناء٬ وفي أحيان أخري كانت وسيلة من أقوي وسائل الهدم والتدمير٬ وزعزعة أركان المجتمع وتفكيك روابطه. وللجمعيات السرية سحر خاص وجاذبية قوية لجذب النفوس إليها٬ فتستميلهم فيقبلون طاعتها طاعة عمياء.

وفي كتابه "الجمعيات السرية" والصادر ضمن مشروع مكتبة الأسرة بهيئة الكتاب٬ يرصد مؤلفه علي أدهم٬ أهم الجمعيات السرية في تاريخ العالم٬ أفكارها وأهدافها٬ مبادئها وقوانينها. ومن أغرب تلك الجمعيات٬ جمعية الخناقين والتي نشأت في الهند خلال حقبة الإستعمار الإنجليزي٬ وكان مكر أفرادها في ارتكاب الجرائم وإزهاق الأرواح فلم يكتشف أمر هذه الطائفة٬ نظرا لبراعتهم في التخفي وإخفاء آثار الجرائم٬ حتي أن جرائمهم لم تكتشف إلا بعدما فتكوا بحياة الآلاف من أهل الهند.

ــ قبائل مسلمة تقتل وتسرق من أجل عيون الإلهة "كالي"
كان أفراد هذه الطائفة الإجرامية يسلبون الفريسة بعد القضاء عليها٬ وذلك بالرغم من أن القتل كان المقصود به قبل كل شيئ٬ إرضاء الإلهة "كالي" وإلتماس عونها٬ وكان هذا العنصر الديني هو مصدر قوة الجماعة وسر نجاحها في إصابة أهدافها٬ ولا تعرف جمعية سياسية أو إجرامية أخفت أمرها وحافظت علي سرها زمنا طويلا مثل هذه الجمعية.
يستطرد المؤلف: يرجع تاريخ نشأة هذه الجماعة إلي القرن الــ13 الميلادي٬ إذ جاءت لمدينة دلهي سبع قبائل من البدو الرحل المسلمين٬ واستهوتهم عبادة الهنود لإلاهتهم "كالي" فنذروا أنفسهم لعبادتها مع احتفاظهم بديانتهم الأصلية الإسلامية. وكانت هذه الإلهة إلهة التدمير وزوجة الإله العظيم "سيوا" وهناك ما يدعو إلي الاعتقاد بأن من أوائل موجدي هذه الطائفة هم جماعة الإسماعيلية النزارية٬ الذين فروا إلي الهند بعد سقوط قلعة "آلموت" في يد المغول وتخريبها.

ــ أجازات الجنود الإنجليز تقود للكشف عن الطائفة
ظلت طائفة الخناقين سرية لا يدري عنها أحد شيئا٬ حتي كشف سرها أوائل القرن الــ19 وبالرغم من يقظة جواسيس الإنجليز في الهند٬ فإنهم لم يخطر ببالهم الظن بوجود مثل هذه الطائفة حتي عام 1799 وأول ما أثار الشبهة كان اختفاء عدد كبير من الجنود الذين يرخص لهم بأجازات لزيارة أهلهم٬ لكن هؤلاء الجنود لم يرجعوا إلي فرقهم٬ كان يظن في بادئ الأمر أنهم قد هربوا من خدمة الجيش٬ والواقع أن هؤلاء الجنود كانوا يذهبون فريسة سهلة لطائفة الخناقين. فقد كانوا يسافرون فرادي وجيوبهم عامرة بالنقود٬ وكان أهلهم لا يعرفون شيئا عن قدومهم ولا يتوقعونه٬ ولم تكن الحكومة تجد في البحث عنهم بعد اختفائهم٬ وتكتفي بعدهم هاربين من الجندية.

ولكن الحقائق بدأت تتكشف ومع ذلك فإنه بعد إنقضاء ربع قرن علي كشف وجود هذه الجمعية٬ كانت المعلومات الدقيقة المستمدة من التقارير تثبت وجود عشرة آلاف من الخناقين٬ وكل واحد منهم لا يقل عدد ضحاياه في العام عن ثلاث. وأنشأت الحكومة الهندية إدارة خاصة لمقاومة الخناقين٬ وسرعان ما انتلزت بهم السجون وعني اللورد "وليام بنتنك" بالأمر عناية خاصة وبذل غاية ما في وسعه للقضاء علي الجمعية.

ـــ مسلم وهندوسي إيد واحدة في الخنق
كانت الجمعية تجمع الهندي المسلم والهندي الهندوسي في صعيد واحد٬ فيتحابان ويتصافيان ويتعاونان علي الشر والإثم٬ وكانت للجماعة علامات وشارات موحدة في جميع أنحاء الهند يتعارفون بها٬ ولذا كان الفرد من أفراد الطائفة يجد منزلا رحبا وأصحابا بأصحاب أينما حل٬ وكانت حياة الخناقين٬ حياة فاضلة مثالية. وبشهادة حراس السجن عن أحد أفراد هذه الطائفة بعد أن انقلب عليها وأصبح شاهد ملك ودل علي نحو مائتين من أفرادها. يقول الحارس: كان رجلا وديعا حبوبا حسن السمت مقبول الصورة٬ وقد اعترف مفاخرا أنه قتل خمس نساء وأكثر من مائة رجل٬ وكان يتحدث عن أعماله بحماسة قوية٬ لا تلائم مظهره الهادئ.