رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رُسل الرحمة.. رجال متابعة مصابى «كورونا» المعزولين منزليًا: لا نخشى المخالطة

كورونا
كورونا

يمكن أن نسميهم «رُسل الرحمة»، أو رجال المهمات الصعبة، فهم يؤدون واحدة من أخطر المهام فى وقتنا الحالى، وهى توصيل حقائب الأدوية إلى المصابين بفيروس «كورونا المستجد» المعزولين منزليًا، وتوجيه النصائح والتعليمات الطبية الخاصة بإجراءات العزل، ثم متابعتهم أولًا بأول، فيما يتعلق بتطور حالاتهم الصحية، وإجرائهم التحاليل اللازمة للتأكد من شفائهم.
إنهم المراقبون الصحيّون الموجودون فى كل إدارة صحية على مستوى الجمهورية، الذين تحولوا من مشرفين على حملات تطعيم الأطفال ضد الأمراض المُعدية، فى زمن ما قبل «كورونا»، إلى مسئولين عن توصيل الأدوية، تطبيقًا للبروتوكول الذى أقرته وزارة الصحة مؤخرًا لعزل الحالات البسيطة منزليًا، بعد توقيع الكشف الطبى عليهم وتشخيص كل حالة فى المستشفى.
ويسلم المراقبون هذه الحالات حقيبة مستلزمات وقائية وأدوية للمريض، تحتوى أيضًا على كارت متابعة تُسجل فيه البيانات والحالة الصحية، لمتابعة إجراء التحاليل فى موعدها حتى يتم الشفاء، إلى جانب متابعة المخالطين أيضًا.
فى السطور التالية، يتحدث المراقبون الصحيون، لـ«الدستور»، عن طبيعة مهمتهم فى توصيل حقيبة الأدوية إلى المصابين، وطريقة التعامل معهم، والآليات التى يستخدمونها لحماية أنفسهم من العدوى، إلى جانب رؤيتهم للرسالة التى يؤدونها فى ظل الظرف العصيب الذى يمر به العالم من جائحة «كورونا».

ممدوح: البعض يرفض التعاون خوفًا من معرفة الجيران بإصابتهم بالفيروس

تولى ممدوح مصطفى كامل، مراقب صحى، مهمة توصيل الأدوية اللازمة إلى المصابين بالفيروس المعزولين منزليًا، وذلك فى نطاق الإدارة الصحية بمدينة «منية النصر» بالدقهلية.
وقال «ممدوح» عن تجربته: «بدأنا فى تسليم الأدوية للمرضى فى منزلهم منذ ١٣ مايو الماضى، وسلمت ١٤ مريضًا شنط الأدوية الخاصة بهم حتى الآن».
وكشف عن أن «أكثر الصعوبات التى واجهتنى منذ تكليفى هو تعامل بعض المرضى معى بحساسية زائدة أثناء تسليم شنط الأدوية أو أثناء حديثى معهم».
وأوضح أن بعض المرضى يخشون من أن يعرف أحد، خاصة الجيران، بإصابتهم بالفيروس، مبينًا أن «هؤلاء لا يفضلون الحديث معنا وقت تسليم الأدوية، ولا يرغبون فى سماع الإرشادات اللازمة لوقاية المحيطين بهم، وكأن المرض أصبح وصمة عار».
وعن إجراءات الحماية التى يتخذها المراقب الصحى قبل توجهه إلى منازل المصابين المعزولين، قال: «ليست لدينا بِدل للوقاية الكاملة لحمايتنا من العدوى، لكن هناك بعض الأدوات التى توفرها لنا الإدارة الصحية، منها القفاز والكمامة وحامى الوجه، ومع خبرتنا الطويلة فى التعامل مع الأمراض والأوبئة نعرف كيف نحمى أنفسنا جيدًا».

محمد: أتواصل على مدار الساعة وأشارك فى محاضرات توعية


قال محمد عصر، المراقب الصحى بمحافظة القليوبية، إن دوره منذ تعيينه بوزارة الصحة، عقب تخرجه فى المعهد الفنى الصحى ببنها عام ٢٠١٨ قبل انتشار الفيروس كان مقتصرًا على قيادة حملات التطعيم القومية ضد شلل الأطفال والحصبة وغيرهما.
وأضاف «عصر»: «كثيرون لا يعلمون دور المراقب الصحى، فنحن نشرف على تطعيمات الأطفال داخل الوحدات الصحية، وعلى شبكات المياه والشرب، وتنظيف خزانات المياه، والاطمئنان على العائدين من الحج والعمرة، للتأكد من عدم إصابتهم بأى أمراض مُعدية، إلى جانب رصد ومكافحة الأمراض المعدية».
وواصل: «مع بداية العام الجارى توسعت مهامنا لتشمل فيروس كورونا، بداية من تتبع المخالطين للحالات الإيجابية، وصولًا إلى مباشرة العمل مع حالات العزل المنزلى للمصابين بالفيروس مؤخرًا».
وأوضح: «مهمتى تتضمن العمل مع فريق يتكون من طبيب بشرى، وصيدلى يتولى متابعة المخالطين لحالات كورونا، أثناء عزلهم منزليًا لمدة ١٤ يومًا، مع توصيل الأدوية للمصابين مع ممرض ورائدة صحية، بالإضافة إلى المشاركة فى محاضرات التوعية والتعريف بالأدوية وكيفية استخدامها وآليات التعامل مع كل مرحلة».
وأضاف: «أحمل معى فى عملى حقيبة كورونا، وبها أدوية وفيتامينات ومخفضات حرارة وكمامات وقفازات وزجاجات كحول للتطهير، وأجهزة قياس حرارة، ومطهر معوى وبعض المقويات للمناعة».
وتابع: «فى الوحدة الصحية التى أعمل بها أتولى متابعة ٣ مخالطين لحالات مصابة بكورونا، وأتواصل معهم على مدار الساعة لتقديم الاستشارات ومتابعة تطور الحالات، مع توصيل الأدوية إلى منازل المصابين، حتى لا يضطروا للخروج، ما يسهم فى الحفاظ على حياة الناس».

أحمد: اصطحب الحالات إلى المستشفى لإجراء الفحوصات


قال أحمد الشباسى، المراقب الصحى فى قرية «العتوة» التابعة لمركز قطور بالغربية، إنه شعر بالخوف على نفسه وأهله فى بداية تكليفه بمتابعة مصابى «كورونا»، لكن إحساسه بالواجب جعله يتجاوز ذلك، بعدما أدرك أهمية دوره تجاه الوطن، راجيًا أن يجعله الله سببًا فى نجاة الناس من الوباء.
وأضاف: «عملت مراقبًا صحيًا منذ عام ٢٠١٧، فى قسم رصد الأمراض المعدية، وكانت طبيعة عملى تقتصر على المشاركة فى تطعيمات الأطفال والحملات القومية، لكن ذلك تغير مع ظهور فيروس كورونا». وأوضح: «كنا كمراقبين صحيين مكلفين بمتابعة العائدين من الخارج لمدة ١٤ يومًا، مع رصد ظهور أى أعراض إصابة عليهم، وأحيانًا لمدة ٢١ يومًا، لأننا فى الأساس وقبل كورونا مسئولون عن متابعة المصابين بأى أمراض معدية، مثل التيفود والجدرى والبروسيلا والالتهاب الكبدى والسحائى».
وتابع: «الآن أصبحت مسئولًا عن توصيل العلاج للمصابين بفيروس كورونا فى العزل المنزلى، ومتابعتهم ١٤ يومًا، مع متابعة المخالطين وإرشادهم للتعامل مع الحالات المصابة، وتوفير عربات لتطهير المناطق التى يظهر بها الفيروس». وبَيّن: «أحمل معى حقيبة كورونا التى تضم الأدوية الخاصة بالمرضى طيلة فترة العزل، وبعد انتهاء هذه الفترة أكون مسئولًا عن اصطحاب الحالة للمستشفى لإجراء الفحوصات، لحين التأكد من تحول نتائج المريض من إيجابية إلى سلبية». وأشار إلى تكليفه كذلك بتحرير مخالفات لكل المخالفين قرارات حظر التجمعات، وكل من لا يرتدى الكمامة، إلى جانب التوعية بالفيروس، وإرشاد المصابين والمخالطين، والتعامل مع أى حالة يشتبه فى إصابتها.


توفيق: كارت خاص لمتابعة كل حالة.. نعطى المصابين كمامات ومطهرات.. والمصريون باتوا أكثر وعيًا
يتولى توفيق محمد، مراقب الأمراض المعدية، مسئولية توزيع حقائب الأدوية على المصابين بفيروس «كورونا المستجد» المعزولين منزليًا، فى مدينة «نبروه» بالدقهلية، مستعينًا بملابسه الواقية، متخذًا الإجراءات الاحترازية اللازمة، على رأسها ارتداء الكمامة والقفاز الطبيين.
وقال «توفيق»: «الظروف التى تمر بها مصر تجعلنى أوافق على أى عمل مهما كانت خطورته، فى سبيل التخفيف عن المرضى».
وأوضح طبيعة تلك المهمة، قائلًا: «نحصل على عنوان المريض الذى يحتاج إلى الأدوية من الإدارة الصحية، ويُجهز لنا الصيدلى شنطة العلاج التى تحتوى على أدوية لتقليل أعراض الفيروس، حسب البروتوكول العلاجى الذى حدده المستشفى للمريض مسبقًا، بالإضافة إلى بعض الكمامات والمطهرات، وكارت متابعة يحدد بيانات المريض ومكان المستشفى الذى يتابع حالته ومواعيد إجراء التحاليل، ومطوية بها أهم التعليمات الخاصة بالعزل المنزلى».
وأشار إلى مساهمته فى توصيل تلك الأدوية إلى ٤ حالات فى مناطق مختلفة داخل محافظة الدقهلية، خلال أول أيام عمله فى تلك المهمة، مضيفًا: «لا توجد أى صعوبة فى التعامل مع المصابين بالفيروس، لأن المصريين أصبح لديهم وعى كاف الآن عن المرض وطبيعته، ويتقبلون أى نصائح أوجهها لهم، كما أننا تعودنا على مخالطة المصابين بالفيروس ولا نخشاها، لأننا نعرف كيف نحمى أنفسنا من العدوى».


السيد: دورنا لا يقل عن الأطباء.. وحقيبة المستلزمات متوفر بها جميع الأدوية اللازمة طول مدة العزل
يعمل محمد السيد، المراقب الصحى بالشرقية، فى قسم الوقاية من الأمراض المعدية، منذ عدة سنوات، لكن دوره حاليًا اختلف كثيرًا فى ظل انتشار أزمة «كورونا». وأوضح «السيد» أنه «فى بداية انتشار كورونا، أصبح المراقب الصحى مكلفًا بالوقوف فى كمائن لرصد ومتابعة الداخلين والخارجين من وإلى المناطق التى شهدت ظهور إصابات بالفيروس، وفحص حراراتهم، ثم تطور الأمر إلى متابعة المخالطين للحالات التى تأكدت إصابتها».
وأضاف: «أتابع حاليًا ١٥ حالة إصابة بكورونا من الخاضعين للعزل المنزلى بالمحافظة، مع توصيل الأدوية والعلاجات إليهم والمخالطين داخل البيوت، وعادة ما تكون حقيبة كورونا مزودة بكل الأدوية اللازمة طيلة فترة العزل المنزلى، ثم أصطحبهم فى نهاية هذه الفترة لإجراء الفحوصات للتأكد من عدم إصابتهم».
وواصل: «من الطبيعى أن أشعر بالخوف من الإصابة أو نقل الفيروس إلى مقربين منّى، لكنى أدرك أهمية دورى الحالى، الذى أصبح أساسيًا فى المنظومة الصحية الحالية لمتابعة الخاضعين للعزل المنزلى، والذى لا يقل فى أهميته عن دور الأطباء المسئولين عن متابعة الحالات المصابة فى المستشفيات».


عبدالرءوف: نمنح المخالطين علاجًا لحمايتهم وتقوية جهازهم المناعى.. ونتحمل «إساءة» و«قلة تقدير»
كشف عبدالرءوف سالم، مراقب صحى فى الإدارة الصحية بمدينة «أبوكبير» فى الشرقية، عن أن فريق متابعة المرضى المعزولين فى منازلهم مكون من طبيب وممرض ومراقب صحى، وكل منهم له دور فى تثقيف المريض، وتحديد جرعات العلاج التى يحصل عليها، وكيف يتصرف داخل العزل المنزلى لحماية أفراد أسرته من العدوى.
وقال «سالم» إن دور الفريق لا يقتصر على تثقيف المصاب وحده، بل «نتحدث مع المخالطين له، ونتابع تطور حالاتهم الصحية، كما نوفر لهم حقائب أدوية مختلفة عن أدوية المصاب لحمايتهم من العدوى وتقوية جهازهم المناعى». ورأى أن الكثير من المواطنين لا يعرفون دور المراقب الصحى فى منع انتشار العدوى، موضحًا: «تواجهنى مواقف صعبة فى التواصل مع البعض، وأتحمل الكثير من الإساءة وقلة التقدير، فالبعض يرد بشكل غير لائق ينم عن قلة تقدير دور الفريق الطبى والوقائى، لكننى أتحلى دائمًا بالصبر».