رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الذكرى 88 لميلاد الشاعر المشاغب نجيب سرور

نجيب سرور
نجيب سرور

يصادف اليوم ذكرى ميلاد الشاعر المشاغب "نجيب سرور"، اسمه الحقيقي محمد نجيب محمد هجرس، ولد في قرية إخطاب بمركز أجا في محافظة الدقهلية، كانت عائلته تعمل في الزراعة والأرض ويحصلون على قوت يومهم من الزراعة وتربية المواشي، كان للبيئة القاسية والفقيرة التي عاش فيها سرور دور كبير في تأسيس شخصيته، فتربى على رفض الإقطاع، والمناداة بتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية.


- حياته الدراسية:
أنهى سرور دراسته الثانوية والتحق بكلية الحقوق بجامعة عين شمس، ولكنه تركها في السنة الأخيرة لكي يحقق حلمه الكبير في الانضمام إلى المعهد العالي للفنون المسرحية، وهناك درس التمثيل والإخراج وتخرج ليبدأ حياته المهنية.
- بدايات نجيب سرور:
بدأ نجيب سرور كتابة الشعر بقصيدة "الحذاء" عام 1956، والتي صور فيها ما عاناه والده من ظلم وقهر على يد عمدة القرية، انتمى في شبابه إلى الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني (حدتو)، وهي إحدى المنظمات الشيوعية في مصر، وفي عام 1958 سافر في بعثة دراسية إلى الاتحاد السوفييتي لدراسة الإخراج المسرحي هناك.

- حياته في روسيا:
بعثته الدراسية للإخراج المسرحى فى موسكو كانت مليئة بالأحداث والأزمات، ففور وصوله إلى موسكو بدأ ميله إلى الفكر الماركسى مما جعل الطلاب المصريين الموفدين معه يكتبون تقارير تحريضية ضده وإرسالها للسفارة المصرية بالاتحاد السوفيتى وقتها، حيث فى ذلك الوقت كان لا يمكن أن يبعث طالب مصرى ماركسى على نفقة الدولة نظرًا للخلاف الشديد بين الماركسيين من جهة والنظام السياسى المصرى من جهة أخرى، وسحب النظام المصرى وقتها المنحة المقدمة له بعد وصوله إلى موسكو بثلاثة أشهر فقط.

في حين أن الشيوعيين كانوا يشكون في انتمائه الشيوعي نظرًا لأنه كان موفد ضمن بعثة رسمية، ولكن شكوك الشيوعيين اتجاه سرور تبددت لما ألقى بعض الخطب الحماسية التي هاجمت نظامي مصر والأردن لسياساتهما القمعية مع الناس، بقي سرور في الاتحاد السوفييتي ولكنه لم يكن على توافق مع التنظيمات الشيوعية هناك، ولذلك قرر الذهاب إلى دولة المجر، ومنها عاد إلى مصر سنة 1964.
- اعماله الفنية:
على الرغم من كل ما تعرض له من اعتقال وتعذيب لم يقف نشاطه الإبداعي، فألف مسرحية "بهية وياسين" عام 1965، وبعدها بعامين أنهى كتابة مسرحيته الثانية "يا بهية وخبريني"، وفي عام 1969، كتب مسرحية "الكلمات المتقاطعة"، وأصدر مسرحية نثرية بعنوان "الحكم قبل المداولة"، وتابع مسيرته مع المسرح وقدم مسرحية "ملك الشحاتين" عام 1970، ولكن عام 1971 كان حافلًا بالمعاناة فقد انتقد سرور بشدة أحداث "أيلول الأسود" في الأردن، وهاجم طريقة معاملة الفلسطينيين في مسرحيته "الذباب الأزرق"، مما أثار غضب أجهزة الأمن المصرية، التي منعت عرض المسرحية وصادرت النسخ المطبوعة منها.

ولم تقف الممارسات القمعية معه عند هذا الحد، فقد تعرض للاعتقال وكان هناك محاولة لاغتياله خنقًا، وطرد من وظيفته، ومنع من النشر لبعض الوقت، ولكن ساهم كل ما حدث معه في خروج قصيدته الشهيرة "الأميات" إلى العلن وتميزت تلك القصيدة بقسوتها الشديدة وبألفاظها الجارحة والخادشة للحياء، فقد انتقد فيها أبرز رموز السلطة في مصر، ومن ضمنهم محمد حسنين هيكل.

ولكن بالرغم من الكلمات الخارجة التي امتلأت بها قصيدة "الأميات"، فإنها عبرت عن المرارة الشديدة التي شعر بها في مصر، وكانت أشبه بصرخة الرفض التي أطلقها ردًا على ما وصلت إليه أوضاع مصر، وأصدر طيلة حياته عدة دواوين شعرية منها: "لزوم ما لا يلزم" كتبها في المجر وصدرت عام 1975، وديوان "الأميات"، "بروتوكولات حكماء ريش"، "رباعيات نجيب سرور"، "الطوفان" و"فارس آخر زمن".

تمتع سرور بحس نقد رفيع فقد أنجز عددًا من الشروحات النقدية المهمة مثل "رحلة في ثلاثية نجيب محفوظ" التي تعرض فيها لروايات محفوظ، ونشر أيضًا عددًا من المقالات النقدية في بعض الدوريات الأدبية أبرزها: تحت عباءة أبي العلاء، وهموم في الأدب والفن، وحوار في المسرح، وتم نشر أعماله الكاملة في 4 مجلدات عام 1997.
- حياته الشخصية:
تزوج من الروسية ساشا كورساكوفا، فى 23 مايو 1961، وأنجب منها طفلان شهدى فى 12 يناير عام 1962 وهو الابن الأكبر لنجيب سرور، والثانى فريد ولكنهما تفرقا بسبب المطاردات الأمنية الدائمة لسرور.

وكتب وقتها الناقد الفنى رجاء النقاش مقالة يطالب فيه بإنقاذ " نجيب سرور" من حياة الضياع بدول أوروبا الشرقية، وبالفعل عدا مرة اخرى إلى مصر ولكن وحيدًا بعد أن منع من اصطحاب زوجته وابنه فى عام 1964.

وخلال عام 1970 طالب الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطى حجازى على صفحات مجلة "روز اليوسف" بإنقاذ نجيب سرور من الضياع حيث فى تلك الفترة كانت أحواله سيئة للغاية وخاصة بعد إصابته بالسل، واستطاعت زوجته الروسية الدخول إلى مصر بصحبة ابنها شهدى عام 1970م، ليرزق نجيب سرور بابنه الثانى فريد عام 1971 م.

- وفاة نجيب سرور:
تدهورت الحالة الصحية والمعيشية لنجيب سرور خلال الفترة الأخيرة من حياته، واشتدت دائرة التضييق الأمني عليه، وأودعته الأجهزة الأمنية مستشفى الأمراض العقلية، وبقى هناك حتى وفاته في 24 أكتوبر عام 1978.