رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أحزاب الإرهابيين وشوارعهم


شارع «حسن البنا» فى مدينة ميت غمر، التابعة لمحافظة الدقهلية، ليس هو الشارع الوحيد، الذى لا يزال يحمل، إلى الآن، اسم إرهابى. وحتى أمس الأول، السبت، كان لدينا حزب سياسى شرعى يقوده وينتمى إليه مدرجون، قضائيًا، على قوائم الإرهابيين، ويوصف بأنه الذراع السياسية لجماعة مدرجة على قوائم الكيانات الإرهابية.
أخيرًا، قضت دائرة الأحزاب السياسية بالمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة بقبول طلب «لجنة شئون الأحزاب السياسية» بحل هذا الحزب: «حزب البناء والتنمية»، الذراع السياسية لـ«الجماعة الإسلامية»، وتصفية أمواله وإحالتها إلى الخزانة العامة. وهكذا، خسر الإرهابيون حزبًا ثانيًا، بعد «الحرية والعدالة»، حزب «جماعة الإخوان»، الذى تم حله فى ٩ أغسطس ٢٠١٤، أى بعد سنة، تقريبًا، من إعلان الجماعة تنظيمًا إرهابيًا.
للإرهابيين فى مصر بدل الحزب السياسى ستة على الأقل و١١ على الأكثر، مع أن القضاء الإدارى ألزم «لجنة شئون الأحزاب»، فى ١٢ سبتمبر ٢٠١٥، أى منذ خمس سنوات، إلا قليلًا، بمراجعة الموقف القانونى للـ١١ حزبًا، ومع أن اللجنة أعلنت بعد ثلاثة أيام، أى فى ١٥ سبتمبر ٢٠١٥، أنها تقدمت بمذكرة إلى النائب العام تطالب فيها بإجراء تحقيق بشأن مخالفتها شروط التأسيس، المنصوص عليها فى قانون الأحزاب السياسية، تمهيدًا لحل تلك الأحزاب وتجميد أنشطتها. ومع أن أيامًا دارت، وسنوات مرّت، على تقديم اللجنة لمذكرة أخرى تقلص فيها عدد الأحزاب إلى ٦ فقط، كلها، كما كل الـ١١ حزبًا، باستثناء «حزب النور»، كان يضمها كيان واحد يوصف بـ«تحالف دعم الشرعية» تسيطر عليه جماعة «الإخوان» الإرهابية.
بموجب قانون الأحزاب، الذى تم تعديله منتصف ٢٠١١، تأسست أحزاب عديدة زعمت أنها «ذات مرجعية دينية»، كان من بينها «حزب البناء والتنمية»، الذى أعلنت «الجماعة الإسلامية» عن إطلاقه، فى ٢٠ يونيو من تلك السنة، ليعبر عنها وليجمع أعضاءها المنتشرين فى أنحاء البلاد. ومن بين الأهداف التى قالت الجماعة إن الحزب يسعى لتحقيقها: الحفاظ على مكتسبات ثورة ٢٥ يناير، الحفاظ على الهوية الإسلامية والعربية لمصر ومواجهة كل محاولات الانتقاص منها، رفض كل محاولات التغريب والعلمنة، التصدى للفساد والانحراف والتحلل الأخلاقى والقيمى، ومواجهة حملات التشوية التى تتعرض لها النظريات السياسية الإسلامية.
قد تعتقد أن حل تلك الأحزاب سهل وبسيط، لو رجعت إلى المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية، ووجدتها تشترط لتأسيس أو استمرار أى حزب سياسى «عدم تعارض مبادئ الحزب أو أهدافه أو برامجه أو سياساته فى ممارسة نشاطه مع المبادئ الأساسية للدستور أو مقتضيات الأمن القومى أو الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى والنظام الديمقراطى. وعدم قيام الحزب باختيار قياداته أو أعضائه على أساس دينى، أو طبقى، أو طائفى، و... و... وعدم كون الحزب فرعًا لحزب أو تنظيم سياسى أجنبى». وقد تعتقد أن الموضوع أسهل وأبسط لو وصلت إلى المادة «١٧» التى تجيز لرئيس لجنة الأحزاب السياسية أن يطلب من الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا الحكم بحل حزب وتصفية أمواله، إذا ثبت زوال أى أحد تلك الشروط.
غير أن هذا الاعتقاد أو ذاك، سيصطدم بالواقع الذى يقول إن «لجنة شئون الأحزاب»، عليها أن تحيل ملف الحزب إلى النائب العام، ومعها الشكاوى والبلاغات المقدمة ضده، للتأكد من صحتها. وهذا الإجراء يتطلب أن تقوم النيابة بفحص الملفات والأوراق والتحقيق فى الشكاوى والبلاغات، فإذا ثبت وجود مخالفات، وإذا تأكدت صحة الشكاوى والبلاغات، يكون على لجنة شئون الأحزاب أن تلملم أوراقها وملفاتها، مع تقرير النيابة، وترسلها إلى المحكمة الإدارية العليا، لتطالب بحل الحزب وتجميد أنشطته.
كل هذه الإجراءات، من الممكن، أو ينبغى، ألا تستغرق شهرين على الأكثر. غير أن هناك متاهات وألغازًا، أتاحت للإرهابى طارق الزمر، أن يظل رئيسًا لـ«حزب البناء والتنمية»، بعد إدانته والحكم بسجنه فى قضية متصلة بالإرهاب، وأن يعاد انتخابه، فى مايو ٢٠١٧، بعد أن تم إدراج اسمه على قوائم الإرهاب، المنشورة بالجريدة الرسمية. وبعد أن تم إدراجه وإدراج جماعته، أيضًا، على قوائم دول الرباعى العربى الداعية لمكافحة الإرهاب: مصر والسعودية والبحرين والإمارات. والنكتة، هى أن المذكور ظن أن تقدمه باستقالته قد ينقذ الحزب من الحل!.
تأخير حل حزب الإرهابيين الثانى، واستمرار باقى أحزابهم الخمسة، الستة، أو العشرة، قد يعود إلى بطء إجراءات التقاضى، أو إلى صعوبة تطبيق إجراءات قانونية تبدو سهلة وبسيطة على الورق. لكن، ما مبرر، أو عذر أو «شماعة» محافظ الدقهلية، الذى أعلن منذ يومين عن اعتزامه تغيير اسم شارع يحمل اسم مؤسس «جماعة الإخوان»، مع أن المحافظ نفسه كان سكرتير عام المحافظة نفسها، حين أعلن المحافظ السابق، منذ شهور، عن اعتزامه تغيير اسم الشارع نفسه؟!.