رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جواز رفاعة الطهطاوي


سنة 1826، محمد علي باشا الكبيربـ يبعت بعثة علمية لـ فرنسا، لـ دراسة العلوم والمعارف الإنسانية، ويقرر إنه يبعت مع الدارسين تلاتة شيوخ من الأزهر، بـ هدف إنهم يتولوا الإمامة والوعظ والإرشاد لـ الطالبي البعثة، التلاتة دول يختارهم الشيخ حسن العطار، ويحط ضمنهم اسم شاب عنده 24 سنة وقتها هو "رفاعة الطهطاوي".
كان ممكن جدا يكتفي رفاعة بـ الدور المرسوم له، من إنه يتولى إمامة الصلاة بـ الطلاب، ويخطب فيهم الجمعة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، زي ما عمل زملاؤه، اللي حتى ما نعرفش أساميهم، ولما تخلص أيام البعثة يرجع لـ شغله في الأزهر ودمتم، إنما هو ما عملش كدا، وقرر يبقى له دور في الناحية العلمية، ومن أول يوم ليه هناك بدأ دراسة اللغة الفرنسية، واشتغل على موضوع الترجمة.
في خلال خمس سنين، دخل رفاعة امتحان الترجمة لـ الحصول على شهادة علمية، وكان وقتها ناقل 12 عمل من الفرنسية لـ العربية، كمان كان أنجز مخطوطة كتابه الأشهر: "تلخيص الإبريز في تلخيص باريز"، والإبريز هو الدهب، وباريز اللي هي باريس، وانضم رسميا لـ البعثة العلمية، وبقى أبرز طالب فيها.
لما رجع من فرنسا، بدأ مشروع لـ النهضة نقدر نقول إنه أثره مازال ممتد لـ حد لحظتنا دي، وكان المشروع له أبعاد مختلفة، مش حاجة واحدة بس، أو سكة واحدة بس، يعني مثلا هو افتتح مدرسة الترجمة، اللي هـ تبقى بعدين مدرسة الألسن العريقة، والكلام دا كان بعد 4 سنين من رجوعه، يعني سنة 1835، ودي كانت سكة.
سكة تانية مشي فيها، وهي سكة الآثار، اللي اهتم بيها، وبدأ يحارب إهمالها أو التجارة فيها، في وقت مبكر جدا ما كانش فيه حد مهتم بـ هذا الجانب إطلاقا.
سكة تالتة وهي إنشاء مدارس نوعية مختلفة زي مدرسة المحاسبة، لـ تدريس الاقتصاد كـ علم، ومدرسة الإدارة لـ تدريس العلوم السياسية
سكك كتير مشي فيها، زي محو الأمية، أو إصدار جريدة الوقائع المصرية بـ اللغة العربية، وحاجات أصعب من الحصر.
مؤكد ما كانش ممكن رفاعة يعمل أي حاجة من دي، لو مفيش إرادة سياسية تشجعه وتدعمه، وتكافئه على كل مشروع يعمله، لكن دا مش معناه إنه طريقه مع السلطة كان سالك طول الوقت، لـ إنه الأمر كان حسب الحاكم، اللي فيه بعضهم كان بـ يحارب اللي بـ يعمله، لـ درجة نفيه لـ السودان 4 سنين، لكنه كان بـ يصبر، وكل مرة مشروعه يقف شوية، كان بـ يرجع بعدها أقوى من الأول.
اللي عايز أشير له من جهود رفاعة بـ شيء من التركيز، هو وثيقة زواجه هو شخصيا، اللي كانت وثيقة زواج مدنية حداثية مبهرة، كتب فيها تعهد لـ بنت خاله (مراته) بـ إنه مش هـ يتجوز عليها، ولا هـ يتخذ جواري (كانت لسه الجواري موجودة سنة 1838، وكتب التعهد دا بـ خط إيده، قال فيه:
التزم كاتب الأحرف رفاعة بدوى رافع لابنة خاله المصونة الحاجة كريمة بنت العلاَّمة الشيخ محمد الفرغلى الأنصاري أن يبقى معها وحدها على الزوجيَّة دون غيرها من زوجة أخرى أو جارية أياَّما كانت وعلَّق عصمتَها على أخذ غيرها من نساء أو تمتع بجارية أخرى .. فاذا تزوَّج بزوجة أيا ما كانت بنت خاله بمجرد العقد خالصة بالثلاثة وكذلك إذا تمتع بجارية ملك يمين ولكن وعدها وعدا صحيحاً لا يُنقض ولايخل أنها ما دامت معه على المحبَّة المعهودة مقيمةً على الأمانة والحفظ لبيتها ولأولادها ولخدمها ولجواريها ساكنةً معه في محل سكناه لن يتزوج بغيرها أصلاً ولا يتمتَّعَ بجوارٍ أصلاً ولا يُخرجها من عصمته حتى يقضى الله لأحدهما بقضاء .
النهاردا، 27 مايو، الذكرى 137 لـ وفاة رفاعة، ربنا يرحمه، ويجازيه على قد ما عمل