رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ماذا يحدث فى ليبيا؟


الوضع فى ليبيا بحثه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، مع نظيره التركى رجب طيب أردوغان، فى اتصال تليفونى، الإثنين الماضى. وكلاهما غير ذى صفة. بالضبط، كوزيرى خارجية البلدين، سيرجى لافروف، ومولود جاويش أوغلو، اللذين طالبا بوقف فورى لإطلاق النار، واستئناف العملية السياسية، تحت رعاية الأمم المتحدة وبمشاركة إلزامية من الأطراف الليبية.
لا توجد أطراف ليبية فى تلك الأزمة غير جيش الليبيين الوطنى، الذى يقوده المشير خليفة حفتر، فى حربه ضد الميليشيات الإرهابية وشبكات الإجرام. ولو أردت دليلًا على انتهاكات تلك الميليشيات ضد المدنيين أو المواطنين الليبيين العاديين، ادخل على يوتيوب، وابحث عن فيديو وثائقى عنوانه «أردوغان.. كابوس ليبيا»، عرضته قناة «سكاى نيوز عربية»، أمس الأول الأربعاء. وستجد فيه أيضًا شهادات لمرتزقة سوريين، أكدوا أنهم جاءوا من سوريا عن طريق تركيا.
الجيش الوطنى يسيطر على ٩٠٪ من البلاد. أما ما يوصف بالمجلس الرئاسى الليبى، أو حكومة فايز السراج، فلا وجود لها إلا فى جزء من العاصمة طرابلس، ويقتصر دورها على تقديم الخدمات للميليشيات الإرهابية والخارجين عن القانون، الذين نص ملحق الترتيبات الأمنية لاتفاق الصخيرات، الساقط، على إخراجهم من كل المدن الليبية بعد سحب أسلحتهم و... و... واليوم، وبعد مرور خمس سنوات على توقيع هذا الاتفاق، ما زالت عشرات الميليشيات تلهو وتلعب فى طرابلس: ميليشيات إرهابية وأخرى إجرامية.
القضية ليبية ليبية، أو عربية إفريقية. بينما تركيا، غير العربية غير الإفريقية، مستمرة فى دعم الميليشيات الإرهابية والإجرامية المسيطرة على طرابلس بالسلاح والعتاد والمرتزقة السوريين، دون أى التفات للقرارات الأممية التى تحظر تصدير الأسلحة والمرتزقة إلى ليبيا، ودون أى محاسبة للأحمق التركى على انتهاكه تلك القرارات. كما لم يلتفت أحد إلى تونس، حين هبطت على أراضيها طائرات تركية، أو حين نجح راشد الغنوشى، رئيسها الفعلى، فى تحويلها إلى منصة لخدمة التدخل التركى فى ليبيا، وفى غيرها. ولعلك تعرف أن المذكور أحد قيادات التنظيم الدولى للإخوان، ومِن كبار غلمان أو عملاء أردوغان فى المنطقة. وعليه، كان أول المتصلين بالسراج لـ«تهنئته» على سيطرة ميليشياته على قاعدة الوطية الجوية.
خدعوك فقالوا إن التدخل التركى القطرى أو التونسى بدأ فى ٢٠١٩ أو حتى فى ٢٠١٤، بينما يقول الواقع إن دعم تلك الأطراف وغيرها للإرهابيين فى ليبيا لم يتوقف منذ ٢٠١١، وإن ما تغير فى ٢٠١٩ ثم فى ٢٠٢٠، هو أنه صار يجرى علنًا أو على المكشوف أمام أنظار ما يوصف بالمجتمع الدولى، وصار أحمق تركيا الأكبر أو الرئيس التركى، يتحدث عنه فى تصريحات رسمية. كما صار الغنوشى، أكثر جرأة، بعد أن وضع إخوان تونس فى قصر قرطاج رجلًا توحى كل أفعاله وردود أفعاله، بأنه ساذج، لو افترضت حسن نيته.
طوال تسع سنوات، لم تتوقف تركيا، قطر، تونس وغيرها عن تصدير الإرهابيين إلى ليبيا وسوريا وإلى العديد من دول المنطقة. وعليه، ستعتقد أن ستيفانى وليامز، القائمة بأعمال مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، كانت غائبة عن الوعى، أو فى زيارة طويلة إلى كوكب آخر، حين تجدها تطالب مجلس الأمن بالضغط، فى المطلق، لوقف تدفق الأسلحة والمرتزقة إلى «الأطراف المتحاربة فى ليبيا». بينما اكتفى زميلها جير بيدرسون، مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، بوصف نقل المرتزقة من سوريا إلى ليبيا بأنه أمر «مزعج بشدة»!.
القضية كما قلنا ليبية ليبية أو عربية إفريقية. ويوم الثلاثاء عقدت مجموعة الاتصال الإفريقية حول ليبيا، اجتماعًا عبر الفيديو، على مستوى رؤساء الدول والحكومات، تم خلاله التباحث بشأن آخر التطورات ومناقشة سبل التنسيق وتعزيز الجهود الإفريقية المشتركة لتسوية الأزمة. وفى كلمته خلال الاجتماع، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى موقف مصر الثابت من الأزمة.
موقف مصر يتلخص فى ضرورة الحفاظ على سيادة ليبيا وأمنها ووحدة أراضيها، وتقديم الدعم الكامل لإرادة الشعب الليبى واختياراته، ورفض التدخلات الخارجية فى الشئون الداخلية الليبية، أخذًا فى الاعتبار أن استقرار الدولة الشقيقة يعد من أهم محددات الأمن القومى المصرى. وكالعادة، شدد الرئيس على أهمية أن يكون لمكافحة الإرهاب فى ليبيا أولوية خاصة لدى الدول الإفريقية، لما يمثله من تهديد لاستقرار وأمن دول الجوار الليبى والقارة كلها، وأكد أن مصر لم ولن تتهاون مع الجماعات الإرهابية أو الأطراف التى تدعمها.
لا تلتفت إلى أى مواقف عائمة، غائمة، أو ملتبسة. وعلى موقف مصر، يمكنك أن تضبط بوصلتك وتولّى وجهك، انتظارًا لنصر قد لا يكون قريبًا، لكنه مؤكد. ولأن الأرض تقاتل مع أصحابها، طبيعى ألا تتوقف خسائر الميليشيات الإرهابية، التى لا وطن لها ولا دين، وأن تلتهم الكلاب الضالة أشلاء المرتزقة، لو لم يعودوا إلى بلادهم جثثًا.