رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف استقبل الشارع المصري «الصلاة من أجل الإنسانية»؟

احمد الطيب وبابا
احمد الطيب وبابا الفاتيكان

في حدث ربما هو الأروع في ظل هذه الظروف العصيبة التي يمر بها العالم، وفي مشهد تاريخي وحضاري لن ينسى من ذاكرة هذا العالم تمت المبادرة العالمية الإنسانية تحت رعاية الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وبابا الفاتيكان، وتحديدًا يوم 14 من هذا الشهر الجاري، والتي تدعو إلى توجه العالم أجمعه بالصلاة إلى الله في هذا اليوم لإنقاذ البشرية من الفيروس الذي هاجم عالمنا وذهب بأرواح ملايين منه وهو فيروس "الكورونا".

وقد أطلقت هذه المبادرة اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، التي تتخذ من الإمارات مقرا لها.

حيث وجهت اللجنة نداءً عالميًّا إلى جميع الناس على اختلاف ألسنتهم وألوانهم ومعتقداتهم، للدعاء يوم الخميس 14 مايو، من أجل خلاص الإنسانية من وباء الكورونا.

وبالفعل شهدت المبادرة تفاعلًا واسعُا من شخصيات عامة ورجال دين ومنظمات دولية ووسائل إعلام مختلفة، كما حملت اسم «الصلاة من أجل الإنسانية»، وتضامن عدد كبير من قيادات ورؤساء ومسؤولين دوليين مع المبادرة.

"الدستور" رصدت صدى هذه المبادرة العالمية على المواطنين البسطاء في شوارع مصر.

إذ لم يكن بجديد على الشعب المصري، والذي عرف عنه تدينه بالفطرة، تأييده لتلك المبادرة على ذلك النحو الذي ظهر جليًا أثناء تجولنا بأحد شوارع محافظة القاهرة وتحديدًا بمنطقة حدائق المعادي.

البداية كانت عند الحاج محمد علي صاحب "فرشة" لبيع الخضروات بمنطقة حدائق المعادي "على طول بصلي وأدعي للناس كلها يبعد عنا الوباء"، بتلك الكلمات البسيطة أعلن الحاج محمد تأييده لمبادرة الصلاة من أجل إنقاذ البشرية من فيروس "كورونا" الذي هاجم العالم.

وأوضح أنه لم يكن يعلم عن تلك المبادرة، ولكن فور سماعه عنها منّا أسرع قائلًا "ومين لينا غير الله ندعيله يرفع الوبا"، مؤيدًا بذلك جميع الأفراد من مختلف الأديان للتوجه لله الواحد لرفع هذا البلاء خاصة في هذه الأيام الكريمة.

محمد حسن ذلك الرجل الخمسيني موظف بإحدى شركات التأمين، يسير بذات الشارع مترجلًا مرتديًا كمامته وقفازه يقول "جميعنا ترك المساجد والكنائس ولكننا لم نترك الصلاة"، داعيًا الجميع إلى الصلاة من أجل أن ينقذ الله البشرية جميعها من هذا الوباء، وأن يغفر لنا ذنوبنا لرفع هذا البلاء"، ويؤكد حسن أنه سمع عن تلك المبادرة، مشيدًا بدور الإمام أحمد الطيب في مشاركته بها ورعايته لها مع بابا الفاتيكان.

أما ماريانا إبراهيم 28 عامًا، تلك الفتاة المسيحية والتي تدرس الاقتصاد والعلوم السياسية، تقول "فور سماعي عن المبادرة وجدت أنها ترتقي من مفاهيم الإنسانية وتوحدها، مذيبة بذلك جميع الخلافات بين البشر لتجمعهم من أجل التوجه لله حتى يرفع عن العالم هذا البلاء".

وتتابع أنها سعدت أكثر عندما وجدت أن المبادرة برعاية بابا الفاتيكان مع فضيلة المفتي الشيخ أحمد الطيب، وهما قامتين دينيتن لهما مكانة خاصة لدى شعوب العالم، كما تشير ماريانا إلى أن الوقت الذي يمر به العالم الآن لا مجال به لأي خلاف بل يجب على العالم أجمع التوحد والتكافل من أجل ذهاب هذه الغمة، مؤكدة أنه في ذلك اليوم توجهت إلى الله بالدعاء للعالم، وطلبت من أصدقاؤها مسلمين ومسيحيين أن يقوموا بذلك هم أيضًا.

أمير أحمد 30 عامًا موظف بأحد البنوك، يقول "من خلال تواصلي مع عدد من الأصدقاء خارج مصر بدول عربية وأوربية عدة وجدت منهم ترحيب غير عاديًا بهذه المبادرة، والجميع أكد لي أنه سيشارك بها كل حسب ديانته مؤكدًا أنها رسالة عظيمة للإنسانية وصورة لتوحدها في ظل الصعاب.

ويذكر أن الأمين العام للجنة العليا للأخوة الإنسانية، المستشار محمد عبدالسلام قال عن هذه المبادرة أنه «في هذا اللقاء التاريخي وقع الرمزان شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان أهم الوثائق الإنسانية في العصر الحديث، واستلهامًا لمبادئ وثيقة الأخوة وسعيًا لتطبيقها على أرض الواقع، موضحًا أن الترحيب الدولي بالمبادرة يعد دليلًا واضحًا على قدرة العالم على تنحية الخلافات للاتحاد تحت مظلة الأخوة الإنسانية، من أجل الدعاء للإنسانية جمعاء، واكد أن المشاركة في الفعالية تعني التوجه إلى الله الخالق، كل حسب عقيدته وشعائره الدينية المتوافقة مع معتقده، فيشترك الجميع في التضرع إلى الله بالدعاء، بأن يرفع عن البشرية كلها هذا الوباء».


من جانبه، أكد السكرتير الشخصي لقداسة بابا الفاتيكان، عضو اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، المونسنيور يوأنّس لحظي جيد، أن اللجنة تأمل من هذه الدعوة توحيد الجميع في الدعاء لله، كي يرفع عن البشرية هذه الجائحة، خصوصًا أنها المرة الأولى التي تتجمع فيها البشرية جمعاء من أجل هدف واحد، وهو الصلاة كل بحسب إيمانه ودينه، للتأكيد على أن الإيمان بالله يوحّد ولا يقسّم.

موضحًا أن أزمة كورونا جعلتنا ندرك حاجتنا إلى التوحد كأخوة، وأننا لا يمكننا الخروج من الأزمة بشكل منفصل، فإما أن نخرج منها معًا، وإما لن يخرج منها أحد، لأن هذا الفيروس لا يفرّق بين الأغنياء والفقراء، أو بين الغرب والشرق، ولا بين الدول الغنية والنامية، فنحن متشابهون ومتساوون، وإخوة في الخطر وفي مجابهته».