رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التعليم الفنى بين الإهمال و«نظرة الدونية».. و«الروشتة» تكلف 100 مليار جنيه

التعليم الفني
التعليم الفني

يمثل التعليم الفني في مصر 55% من طلاب المرحلة الثانوية سنويًا، موزعين على 2266 مدرسة زراعية، صناعية، تجارية وفندقية في جميع محافظات الجمهورية، يقدم لهم الخدمة التعليمة حوالي 150 ألف معلم ومعلمة، ما أثار مطالب كبيرة في المرحلة الأخيرة، بضرورة إعداد برنامج قوي من قبل وزارة التربية والتعليم لتطوير المنظومة التي تعتمد عليها الاقتصاديات الكبيرة اعتمادًا كليًا، خاصة في ظل برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تعمل عليه مصر منذ قرابة 5 سنوات.

يقول الدكتور أحمد الجيوشي، نائب وزير التربية والتعليم للتعليم الفني سابقًا؛ إن الاهتمام بالتعليم الفني ليس شعارات ولكنها ضرورة لأهميته للاقتصاد المصري في كل وقت وليس الآن فقط؛ مؤكدًا أن النظرة الدونية لخريجي التعليم الفني نتيجة ثقافة المجتمع وترسيخ مفاهيم خاطئة حول هذه الفئة مثل المقولة الشهيرة للفنان عادل إمام "بلد شهادات صحيح"، فالناس تنظر لخريجي الجامعات على أنهم "كريمة المجتمع" وهو ما جعل التعليم الفني في المرتبة الثانية في منظومة التعليم في مصر.

نظرة المجتمع «حجر» التعليم الفني

وطالب الجيوشي بضرورة تغيير ثقافة ونظرة المجتمع تجاه التعليم الفني وعلى الإعلام دور كبير أيضا؛ وإثبات أن العمال والفنيين ليسوا أقل من الأطباء والمهندسين وأي فئة أخرى؛ وعن روشتة العلاج لتفعيل هذه المنظومة شدد على ضرورة عودة "مبارك كول" وربط العامل بوظيفة أثناء فترة دراسته بالمدرسة؛ كذلك إعادة وضع مناهج دراسية مصممة جيدًا لتناسب سوق العمل والتطور التكنولوجي الجديد؛ مع فتح أبواب الجامعات التكنولوجية أمام خريجي طلاب التعليم الفني لاستكمال التعليم الجامعي.

وعن مدى تأثير التعليم الفني في دعم الاقتصاد المصري والتأثير السلبي لكورونا؛ ذكر الجيوشي أن نحو 1.5 مليار طالب على مستوى العالم تأثروا سلبيًا بكورونا، لذا فإن تحول التعليم المباشر إلى "الأونلاين" يمكن أن يكون جيدًا في التعليم العادي وليس الفني، الذي يحتاج إلى تدريب عملي داخل المصانع لإكساب الطلاب مهارات معينة يتطلبها سوق العمل، فهناك حاليًا نحو 50 ألف طالب بمدارس "مبارك كول" والتعليم الفني الأخرى، لكنها لم تعد بنفس الجودة بسبب التغييرات الاقتصادية والتي أدت إلى غلق العديد من المصانع وكذلك تغيير إدارة المنظومة التي لم تعد بنفس الجودة.

سبل الاستفادة من الطاقة البشرية المهدرة

من جهته، قال النائب عبد المنعم العليمي، عضو لجنة الاقتراحات بمجلس النواب؛ إن التعليم الفني يمثل 60%؜ من الاقتصاد القومي لذا نحتاج لربط التعليم باحتياجات سوق العمل، وأهمية هذه الخطوة خلال الفترة المقبلة، لتوفير ملايين فرص العمل للشباب، وفي نفس الوقت ينعكس ذلك على حجم الاقتصاد المصري، والاستفادة من الطاقة البشرية المهدرة، وتغيير نظرة المجتمع لخريجي التعليم الفني، وأن الأمل في الصناعة مرهون بتطوير المنظومة وتعظيم الاستفادة من الكوادر المؤهلة بعد التطوير وإنشاء قاعدة بيانات للعمال وربطها بسوق العمل.

وأوضح عضو مجلس النواب، أن التعليم الفني يمثل قاطرة التنمية الحقيقة لكن شريطة أن يتم تطويره ومشاركة القطاع الخاص في ضم مزيد من الاستثمارات وتحديث الآلات الخاصة بالإنتاج، والتنسيق بين الوزارات المختلفة لتدريب الطلاب على العمل سواء في شركات القطاع العام أو الخاص، وعمل حوافز للمجتهدين تمثل في إلحاقهم بالأماكن التي يتدربون بها بعد اجتياز بعض الاختبارات ما يشجعهم على التحصيل الفعلي.

وأشار عضو البرلمان إلى أن تطوير التعليم الفني يعني الاستفادة من عدد كبير من الخريجين على مدار كل عام، وتوفير فرص عمل مناسبة لهم، خاصة أن هناك العديد من الحرف من الممكن أن تتحول لأكثر إنتاجية من خلال إدخال وسائل التكنولوجيا الحديثة عليها، وهذا لن يتحقق سوى من خلال ربط التعليم بسوق العمل، كما يسهم الأمر أيضا في تغيير نظرة المجتمع للتعليم الفني وأنه ليس تحصيل حاصل ومجرد شهادة فقط لكنه بمثابة فرصة عمل.

إجراءات جريئة لخمس سنوات

وعلق رجل الأعمال محمد المرشدي، عضو جمعية مستثمري العبور؛ بأن التعليم الفني يحتاج لإجراءات اقتصادية جريئة يتم تنفيذها على مدار 5 سنوات وليس يوم وليلة ليساهم بشكل فعال في دفع قاطرة التنمية الاقتصادية في مصر.

ويضيف، أن هذه الإجراءات تحتاج معها تعديل مناهج هذا التعليم لتتناسب مع ااحتياجات سوق العمل؛ فتطوير هذا التعليم يحتاج على الأقل 100 مليار جنيه حتى يؤتي ثماره.

في ذات السياق، قال الدكتور إيهاب الدسوقي، رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات، إن الدعوة لدعم التعليم الفني حاليًا خطوة مهمة على طريق الإصلاح خاصة بعد النقص الشديد في العمالة الفنية المدربة بالمصانع؛ فبعد أزمة تفشي فيروس كورونا أثبتت الحرف اليدوية والمهارات الفنية أنها الأكثر قدرة على مواجهة الظروف الاقتصادية بزيادة الإنتاج بعد وقف الاستيراد، فكل قطاعات الدولة تأثرت بشكلٍ سلبي نتيجة الجائحة، وهو ما انعكس على العاملين بهذه الشركات وتخفيض رواتبهم أو تسريح البعض؛ متابعًا أن العاملين الفنيين بالحرف اليدوية هم الفئة الوحيدة التي لم تتأثر بهذه الظروف ولا يمكن الاستغناء عنهم؛ حيث أثبتت التجربة أن كثيرًا من الأعمال يمكن إنجازها من المنزل بعكس العمالة الفنية.

وثمن عبد المنعم الجمل، رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر والمشرف على الجامعة العمالية؛ جهود الدولة في النهوض بالتعليم الفني، مؤكدًا أنه يعكس رؤية ثاقبة للخروج بالاقتصاد المصري من أزمة كورونا بسلام؛ مشيرًا أن هذه المساندة تحتاج لفترة طويلة لجني ثمارها بعد سنوات من الإهمال؛ معتبرًا أن التوسع وتحول الدولة للجامعات التكنولوجية خطوة جيدة على الطريق الصحيح وهو ما يوفر عمالة فنية مدربة ومواكبة للتطور التكنولوجي في الصناعة.

وشدد الجمل على ضرورة دخول مصر وبقوة في التعليم الفني والتكنولوجي وربط الجامعات والمدارس بالمستقبل؛ من خلال وضع خطة استثمارية واضحة وكيفية تنفيذها والعمالة والخبرات اللازمة لتنفيذها وتسخير كل إمكانيات ومقومات الدولة لتحقيق أكبر عائد؛ موضحًا إمكانية استغلال مراكز تدريب الوزارات المختلفة بشكل كبير بعد إعاقة عمل وزارة التعليم الفني لربط المتدربين بهذه المراكز بالوزارات المختلفة ببعضها البعض.