رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رحم الله القطريين.. وأموالهم


ارتداء الكمامة، صار إجباريًا فى دويلة قطر، بدءًا من أمس الأحد. وكان من الممكن أن يكون ذلك طبيعيًا وعاديًا، لولا أن القانون الجديد عاقب مَن لا يرتديها، أى من لا يرتدى القناع الواقى أو الكمامة، بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات أو بغرامة قيمتها ٢٠٠ ألف ريال قطرى، ٥٠ ألف يورو، ٥٥ ألف دولار، أو ٨٦٥ ألف جنيه مصرى.
إقرار هذه العقوبة القاسية وهذا الرقم الضخم، يعنى ببساطة أن الوضع مرعب، على المستويين، الصحى والاقتصادى. ويعنى أيضًا أن العائلة الضالة، التى تحكم تلك الدويلة بالوكالة، عجزت عن التعامل مع تفشى الوباء. ولن نكرر ما سبق أن ذكرناه، عن الظروف التى تعيشها العمالة الوافدة أو العمال الأجانب، الذين تقتلهم السلطات القطرية ببطء ودم بارد.
أعداد الإصابات كانت بطيئة نسبيًا فى الأسابيع الأولى، ثم بدأت تزداد بمعدلات من أسبوع لآخر. حتى وصل عدد المصابين، أمس الأحد، إلى أكثر من ٣٢ ألف و٦٠٠ مصاب، بحسب وزارة صحة تلك الدويلة التى يسكنها حوالى ثلاثة ملايين من مختلف الجنسيات، ما يجعلها واحدة من البلدان الأكثر تسجيلًا للإصابات، مقارنة بعدد السكان. وهناك ما يقطع بأن العدد أكبر من ذلك بكثير، وكذا عدد الوفيات، الذى لا يزال مجهولًا، بسبب سياسة التعتيم التى تتبعها العائلة الضالة.
فى شوارع قطر لا يتسول العمال الأجانب المال، بل يتسولون الطعام. وربما يلحق بهم القطريون الذين يتجرعون الذل، بأشكاله وألوانه، منذ بداية تفشى فيروس كورونا. ولاحظ أن ترك العمال الأجانب دون مأوى أو غذاء أو علاج، ضاعف ولا يزال يضاعف من خطورة الوباء على حياة القطريين، ويزيد الخلل الهيكلى فى الاقتصاد القطرى.
الاقتصاد القطرى تأثر سلبًا بالقرارات التأديبية التى اتخذتها دول الرباعى العربى الداعية لمكافحة الإرهاب: مصر، الإمارات، السعودية، والبحرين، فى يونيو ٢٠١٧، بسبب دعم الدوحة الإرهاب، ما أثر سلبًا على كل قطاعاتها، وأدى إلى تخارج النقد الأجنبى والاستثمارات، وتعثر كثير من المشروعات. وبينما كانت العائلة الضالة، تواصل أفعالها الإجرامية ضد شعبها وشعوب دول الجوار، ضربها الوباء، ليوجه ضربة موجعة جديدة، أو قاتلة، إلى اقتصاد تلك الدويلة.
ضاعف من تأثير الوباء على الاقتصاد القطرى، أيضًا، أنه تزامن مع قيام الدوحة بدعم الليرة التركية، كجزء من الإتاوة أو الجزية، وكذا تمويل حركة حماس، عن طريق الموساد، وتعويض إيران عن مشاركتها فى تصفية قاسم سليمانى. وفوق ذلك، فواتير شركات التسويق السياسى لتحسين الصورة، ومكاتب المحاماة فى قضايا فساد الـ«فيفا» وبنك باركليز. بالإضافة إلى عقود الترضية لدول عديدة، والمليارات المهدرة على جماعة الإخوان، حزب الله، الحوثيين، الحشد الشعبى، النصرة، طالبان، القاعدة، داعش، و... و... والميليشيات الليبية والسورية.
منذ أيام، تحديدًا فى ٦ مايو، ذكرت وكالة «بلومبرج» الأمريكية أن «جهاز قطر للاستثمار» يعتزم رهن بعض استثماراته فى أوروبا، لجمع قرض قيمته ٧ مليارات يورو «أكثر من ٧.٥ مليار دولار» لتعزيز احتياطياتها النقدية. ونقلت الوكالة عن مسئولين، طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، أن الهيئة القطرية تجرى مناقشات مع عدد من البنوك، أبرزها «جى بى مورجان تشيس» و«يو بى إس جروب» للحصول على قرض بالهامش بضمان بعض حيازات أسهمها.
قبل يوم من نشر هذا التقرير، واستنادًا إلى رسالة داخلية، عبر البريد الإلكترونى، ذكرت وكالة «رويترز» فى ٥ مايو الجارى، أن شركة الخطوط القطرية ستقوم بخفض أعداد كبيرة من الوظائف. ونقلت الوكالة عن مصادر أن الشركة المملوكة للدويلة، تجرى محادثات مع بنوك بشأن قروض ضخمة، حتى تتمكن من إعادة بناء شبكتها. وبالفعل، بدأ العاملون فى الشركة، منذ أسبوع، ينشرون فى حساباتهم على موقع «تويتر» خطابات رسمية تفيد الاستغناء عن خدماتهم، تحمل توقيع أسلم كريم، مدير دائرة الموارد البشرية، تركى الجنسية.
توظيف العمالة المحلية تعد أولوية لدى غالبية دول العالم، ودول الخليج العربى تحديدًا، لكن مع دولة تحت الاحتلال تصبح الأولوية طبعًا للمحتل. وعليه، شملت قرارات التسريح مواطنين قطريين، واستبقت الشركة كل الموظفين الذين يحملون الجنسية التركية ولم تظهر بعد أوراق أو وثائق بشأن الإيرانيين، وطبيعى ألا تجرؤ السلطات القطرية على المساس بالأمريكيين، البريطانيين، أو... أو... أو مواطنى أى دولة تحمى العائلة الضالة.
الدعاء بالرحمة يجوز على الحى والميت. وسيظل الشعب القطرى الشقيق يقف فى المنطقة الوسط، حتى يتحرر من الاستعمار الأمريكى، التركى، الإيرانى، ويتخلص من العائلة الضالة التى تحكمه بالوكالة. ونتمنى أو نتوقع أن ينجح عقلاء آل ثانى والمعارضون فى الداخل والخارج فى توحيد صفوفهم، والتوصل إلى استراتيجية للخروج من شبكة العلاقات المعقدة المشبوهة والعودة إلى حضن الخليج وحضن العرب.