رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كل يوم قصيدة.. «المساكين» لـ فوزي العنتيل في «بيت وسيلة»

فوزي العنتيل
فوزي العنتيل

نشر بيت الشعر، مركز إبداع الست وسيلة، عبر حسابه الرسمي عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" قصيدة جديدة بعنوان "المساكين" للشاعر فوزي العنتيل، وذلك فى إطار الأمسيات الشعرية لبيت الشعر، وإلى نص القصيدة.

المساكين
عرايا الروحِ منهـزمـون فـي أعـيـنهـم ذعـرُ
من الماضي إلى الآتي طـيـورٌ مـا لهـا وكرُ!
من الماضي الذي قرّت أفـاعـيـهِ ومـا قـرُّوا
إلى الآتي، ودرب الغد، في أعـمـاقهـم نهـرُ
رهـيب الـمـوج كـالخـوفِ كثــيب الشطّ مغبرُّ
بوادي المـوت يـنـتحـبـونَ فـي مقبرة الأمسِ
فإن عـادوا فـمـن رمسٍ، يعـــودون إلى رمسِ
خُطًى شلاّء قَيَّدهـا عذابُ الـوهـم والــــحسِّ
وفي أيديهمُ اللاشـيء بـيـن جـوانـب الكأس
وفـي آذانهـم لـحنٌ شقـــــــيٌّ غامض الجَرْسِ
وفي أعينهم ماذا؟ سـوى الـحـرمـان والـيأس
رأيـتهـمُ عـلى سفـنٍ يحطّم صدرهـا الـبحــرُ
بأجنحةٍ ممزّقةٍ عـلى الآفـاق تـنـتحــــــرُ
ولـيلٍ يكره الأنـوار لـيلٍ مـا له فجـــرُ!
وأشبـاحٌ عـلى الخلجـان يصرخ حـولهـا الشـرّ
تُفزّعهـم إذا وقفـوا وتبـلعهـم إذا مــرّوا
وإعصـارٌ، مـن الأوهـام يـمضغهـم، إذا فرّوا
يعـيشـون بأرواحٍ تعـانق ظلــــــمة السجنِ
وأفئدةٍ معذّبةٍ بنـار الـحـب، والفـــــــنّ
يـنـوحـون مع الطـير ويبكــــون مع الغصن
ويرتعـشـون كـالأوراق فـي زوبعة الـحــزن
بأشـواقٍ مقـدّسةٍ تضمّ مشـاعـر الكـــــــون
ولكـنّ الـذي وهـبتْ يـداه الخمـرَ والقـدَحـا
ومـن طرّز للزهـر وِشـاح العطر فـاتّشحــــا
أراق الليل، في دمهم فما برحوا ومـا برحـا
وحـرّم كلّ مـا ظـمئوا إلـيـه حـرَّم الفرحـا!
فهاموا في رؤى الأحلام في وادي الخـيـالاتِ
قـيـاثرهـم مـروَّعة شقـيّات الضراعــــــات
يصـوغون أغانـيـهـم، لآلهة الصـبـابـــات
وعـادوا ظـمأً يلهث فـي حـلق الـمتـاهــاتِ
وقد حملوا رفـات الفجـر مشنـوق الشعـاعـات
وساروا في الدجى الذاهل في درب الردى العاتي
بجثة نـوره الـمـيّت فـي روح الـمفـــازات
ينغّم خطـوهـم لـحنٌ كـمـوسـيـقـا الجنـازات
وعاشوا المـوتَ أحـيـاءً أسـارى مـثل أمـوات
نهايةُ عمـرهـم وهـمٌ تـمَزَّق فـي الـبـدايـات
فهـم أنصـاف آلهةٍ بـلا مـــــــاضٍ ولا آت.

محمد فوزي بن فهمي أحمد العنتيل، ولد في قرية علوان بمحافظة أسيوط في عام 1932م، وتوفي في القاهرة عام 1981م، ودفن في قريته، تخرج في دار العلوم عام 1951م.

عاش في مصر، وإيرلندا والمجر، ونيجيريا، وزار عددًا من البلاد الأوروبية، ومعظم الأقطار العربية.
حفظ القرآن الكريم في كتّاب القرية، والتحق بالتعليم الأولي ثم بمعهد أسيوط الديني، وحصل فيه على شهادة الثانوية الأزهرية 1946، ثم التحق بكلية دار العلوم، وتخرج فيها 1951، ثم التحق بمعهد التربية العالي للمعلمين، وحصل فيه على دبلوم التربية وعلم النفس 1952، ثم نال شهادة في الفولكلور من الجامعة القومية دبلن في إيرلندا 1961.

عمل بالتدريس في مصر، ثم انتقل إلى المجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية (1956) سكرتيرًا للجنة الشعر، وتدرج في وظائف المجلس حتى وصل إلى درجة مدير عام الشؤون الفنية، ثمّ انتدب لوظيفة مدير عام تحقيق التراث في الهيئة المصرية العامة للكتاب، وظل بها مدة عامين، حيث وافاه الأجل، هذا وقد انتدب أثناء عمله بالمجلس للعمل أستاذًا بجامعة أبيدجان بنيجيريا، ولظروفه الصحية لم يمكث أكثر من عام، فعاد 1972، وكذلك انتدب للعمل أستاذًا زائرًا بكلية الآداب بجامعة بودابست بالمجر.

كان عضوَ لجنة الشعر ولجنة الدراسات الأدبية بالمجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، وعضو اتحاد الكتاب، وعضو مجلس تحرير مجلة الثقافة، ورئيس المكتب التنفيذي لمشروع المكتبة العربية، وعضو لجنة التراث بالهيئة المصرية العامة للكتاب، وسكرتير لجنة الفنون الشعبية.